لقد لبست العواصف ...وافترشت الثـلج غير ناقمة ولا ساخطة
على هاته الإنسانية التي تركتها تموت جوعا وبردا ...
لقد لبست العواصف وافترشت الثلج دون أن تبكي
حظها أو تحسد من حولها على رخاء العيش ولينه لأنها
لم تكن تطلب من الدنيا وأهلها غير لقمة تسد بها
جو عتها
وثوبا يقيها الزمهرير ...
لهذا كانت تمد يدها لتي قست عليها القلوب كما
قسا عليها الجليد وترسل بعينيها اللاتان تعود
بهما مبللتان بالدموع خلف كل ذاهب وعائد ..
دون أن يعطف عليها أحد ....إن هاته المجهولة التي تناقلت
الصحيفة خبر مماتها من الجوع ..
لم تعش من تلك الأعوام الطويلة التي عاشتها
في هذا العالم الكاذب إلا يوم استبدلوا أثوابها
الرثة المبللة بقماش أبيض لينقلوها من الممات إلى الموت
وقد عز من يبكيها الا حروف متواضعة كتبتها الصحافة
في ركن ضيق من خانة الحوادث ...
إن هاته المسكينة لا شك أنها لم تعش في عزلة عن
الأحياء و الأنظار لنلتمس الأعذار في موتها..
بل ماتت بين مسمع من الناس ومرأى من أبصارهم ..
وفي مفترق غاديهم برائحهم ..وهي تستنجد طالبة العون
بصفرة وجهها وترقرق مدامعها وذبول جسمها الذي
يستوقف المارة ..
ليصرخ في وجوههم بسؤال الرحمة وصوت النجدة ..
ولكن لا معين ولا مجيب ..فما كان رواحها ولا غدوها
ليستعطف قلب هذا الإنسان القاسي
والحيوان الناطق الذي ينقصه ذيل ليصبح حيوانا ساكتا ..
وهو يقف موقف الجفاء ..والصبر والثبات أمام مشاهد
البؤس ومواقف العذاب دون أن يتأثر فيرحم ..
لقد كان بإمكانها أن تسرق لتقتاة أو تبيع عرضها
لتشتري الخبز دون أن يلومها أحد ..لكنها لم تفعل ..
لأنها كانت شريفة النفس عفيفة ..وهكذا
يموت شرفاء الأمة وأعفاؤها مجانا ..................
منقولــــــــــــة........................