خربشات الثقافية
حينما ترتحل الرّوح عن الجسد ! Eniie10

خربشات الثقافية
حينما ترتحل الرّوح عن الجسد ! Eniie10

خربشات الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
Kharbashatnetالبوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء

 

 حينما ترتحل الرّوح عن الجسد !

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فايزة العمر

فايزة العمر


انثى
المواضيع والمشاركات : 987
الجنسية : الجزائر الخضراء
تاريخ التسجيل : 11/03/2010

حينما ترتحل الرّوح عن الجسد ! Empty
مُساهمةموضوع: حينما ترتحل الرّوح عن الجسد !   حينما ترتحل الرّوح عن الجسد ! Uhh107/10/2010, 12:45 am

أخذت نصيبي من الدنيا.. شربت كؤوس الحزن واحدا ً تلو الآخر.. أخذ الدهر مني ما أخذ.. من شبابي.. من جمالي.. من صحتي.. تعلمت الكثير وبقي الكثير لم أتعلمه.. نقش الزمن جروحه في جسدي المنهك بكل دقة وحرص.. صار وجهي شاحبا ً.. واستوطن الليل صحاري عينيّ القاحلة.. وباتت عِبَر ُ الزمان ترويها هباءا ً.. وظلت شفتاي تتلذذّان بطعم المطر المالح الذي انهمر عليهما.. أما عيناي.. فإنهما تتأملان آثار الحرق الذي انرسم على طول فخذي الأيمن... وأتذكر أحداث ذاك اليوم وكأنها حدثت بالأمس.. كيف أن حمم الماء هطلت على جسمي الصغير.. وألهبته.. وحينما زالت.. تركت مكانها وشما ً فظيعا ً غطى فخذي الأيمن..
أما أحبابي.. وما أدراك من هم أحبابي.. بالنسبة لي لم يصبحوا أكثر من مجرد اسم أتباهى به أمام الآخرين.. أهلي.. وعائلتي الكريمة.. كم اشتقت لحضن الأسرة الدافئ.. إلى حضن ٍ يحتضن دموعي السعيدة.. الحزينة... والثائرة.. اشتقت كثيرا ً لابتسامة أمي العذبة حتى تضفي السعادة علينا..

وأبي.. هذا الإنسان الذي ينحني له النرجس احتراما ً وتقديرا ً.. لتضحياته.. لقوته.. لصبره.. لأنه ضمنا وعلمنا كيف نحب.. غرس فينا بذور الحب الطاهر النقي.. حتى كبر ووصل لجميع الناس.. أبي.. هذا الرجل العظيم.. الذي كان قويا ً في اللحظات التي كنا فيها أضعف ما في الوجود.. لملمنا بعد أن بعثرنا القدر.. وهّون آلامنا بعد أن ألهبها الزمن.. أبي.. سندي الوحيد في دنيا ظلومة.. الذي طالما أخفى تأوهاته وأنينه خلف قناع الابتسامة والضحكات الساخرة.. حبس كل آلامه وأحزانه.. ولم يسمح لها أن ترى النور.. حتى لا نراه ضعيفا ً أو هشيما ً.. أو مكسورا ً.. أبي الحنون.. كم أهوى حنانك الدافئ.. كل ما فيك دافيك يشعرني بالأمان والحب.. بسمتك.. كلماتك.. لمسة يديك.. آه لو أنني تعلمت.. كيف أجعل حزني سجينا ً في سجنه حتى لا يهرب فيراه الآخرون..

بقيت طويلا ً على ذاك الفراش الأبيض.. لقد كان باردا ً وموحشا ً.. أخوتي من حولي.. وأنا أنظر إليهم وكأن شيئا ً ما بداخلي يخبرني بأنني لن أراهم من جديد... وفجأة.. وكأن الجدار انشطر إلى نصفين.. وانبعث منه نور ٌ شديد.. كأنني أراها.. أجل.. إنها هي.. حبيبتي.. ونور عيني.. أخيرا ً جاءت.. وجاء معها عدد كبير من الملائكة.. وجوههم تشع نورا ً.. كانت تبتسم لي من مسافة ٍ بعيدة.. فابتسمت لها.. مددت ذراعي لها.. فتقدمت مني.. وكأنها قبلّت جبيني.. شعرت بها.. وكأنها نسمة تهب في وجهي.. احتضنتها.. ثم أمسكت يدي ومشيت معها.. وهي تبتسم.. شعرت ٌ بأمان ٍ غريب.. يفوق الوصف.. يفوق الكلام.. إنه أكبر من كل شيء.. بل أنا لقد صرت أشعر بأنني لست في عالمنا.. لم أعد أشعر بأي ألم.. ولم أعد أشعر بلهيب تلك الدموع.. نظرت خلفي.. فرأيت جسدي كما هو فوق السرير.. لقد أغمض أبي جفني ّ.. ورأيت أخوتي يبكون.. وينوحون.. تعجبّت بكائهم.. ما سبب البكاء؟! فأنا على خير ما يرام.. أمي معي.. وسوف نرتحل للسماء العليا بعيدا ً عن الحياة ِ الدّنيا.. ثم سمعت صوتا ً ملائكيا ً يقول.. كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ..





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حينما ترتحل الرّوح عن الجسد !
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خربشات الثقافية :: خربشــــــات منقولة :: خربشــات ( قصة ...مسرح ...خاطرة ) منقولة-
انتقل الى: