مكتبة الاسكندرية

أنا عربية ... قلتها بفخر شامخة الرأس و أنفاسي تتلاحق و كأنني أسمع أحلى الألحان التي تغنت بالوطن
و للوطن .. كان ذلك حين ضمني القدر ضمن مجموعة من السائحين الأجانب و القادمين من بلادهم البعيدة القاسية .. البرودة، و نحن نقف جميعاً تحت سقف الصرح العربي الثقافي الإنساني العظيم ... مكتبة الإسكندرية.

هي ليست مجرد جدران و أرفف تضم مجموعة من الكتب اللا محدودة من حيث العدد أو الإختصاص أو حتى الفترة الزمنية التي شهدت تأليفها و لا حتى الجنسية التي ينتمي لها الكتاب.

إنه صرح لكل الإنسانية ... بداخلها تتلاشى القوميات و الإنحيازات و التعصبات مع إحترام لكل الإختلافات ... هنا الكل يبحث عن العلم و المعرفة، الكل يستمع إلى صوت التاريخ، الكل يطمح إلى مستقبل راقي و آمن.

الموقع الجغرافي للمكتبة
تقع مكتبة الإسكندرية في موقع فريد فهي بين مجمع كليات الإسكندرية
و البحر ... تتصل بمجمع الكليات بجسر مشاة زجاجي ... و تواجه البحر بشموخ و تحدي .. و كأنها تقول لنا إني أقود الأجيال بشفافية العلم .. إلى المعرفة .. معرفة الآخر .. معرفة ما وراء البحار من علوم و فنون و نظريات و دراسات
و بحوث ... معرفة الخير الذي أنعم الله به على البشر في الأرض و البحر و السماء .. معرفة جميع الديانات، والدين هو فلسفة اتصال البشر بالخالق الأوحد البارئ المصوّر.

و في ذات الوقت تمثل حصناً يحمي الأجيال الغالية علينا من الغزو المفاجئ و الغادر .. و أسوء و أخطر غزو هو الغزو الفكري و الثقافي .. نعم، فمن تحّصن بالعلم و المعرفة لابد و أن يرسخ بداخله الإيمان الحقيقي و الذي يدفعه لإحقاق الحق و إرساء عدل الله على الأرض كونه المخلوق الوحيد الذي اصطفاه الله تعالى ليكون خليفته على الأرض.

تاريخ مكتبة الاسكندرية
بنيت مكتبة الاسكندرية الأولى على بعد 200 متر من المكتبة الحالية باتجاه البحر و كان ذلك عام 288 ق.م، في عهد بطليموس الأول و ذلك عندما اقترح مستشاره السياسي جمع المخطوطات في مكتبة و ازدهرت المكتبة في عهد بطليموس الثاني حيث وصل عدد المخطوطات إلى 700 ألف لفافة اي ما يزيد عن 100 الف كتاب في عصرنا الحالي، و لكن المكتبة تم حرقها مرتان ؛ في المرة الأولى أحرقت بدون قصد عام 48 ق.م خلال الحرب التي دارت بين يوليوس قيصر و بطليموس الثاني بتدبير من كليوباترا؛ و أعيد بناء المكتبة عند المنطقة المعروفة بعمود السواري و أحرقت للمرة الثانية خلال الحرب التي دارت بسبب الصراع الديني (المسيحي – الوثني) و كان ذلك عام 391 م، و استطاعت الرحلات الاستكشافية الفرنسية من إنقاذ بردية غارقة ظلت تقاوم قسوة الطبيعة و الزمن و قاموا المختصون بترميمها و تم استرجاعها الآن و هي تقبع بسلام في قاعة المخطوطات بالمكتبة الحالية.

في عام 1972 اقترح الدكتور مصطفى العبادي أستاذ التاريخ اليوناني في كلية الآداب إعادة إنشاء مكتبة الاسكندرية و استجابت الحكومة المصرية لهذا النداء و أقامت مسابقة عالمية لأحسن تصميم تقدم لهذه المسابقة 1400 مكتب استشاري هندسي و تم تصفيتهم إلى 540 مكتب و فازت كأفضل تصميم و الذي تم اعتماده مملكة النرويج.

كلف إنشاء المكتبة الحالية 220 مليون دولار أمريكي دفعت مصر حوالي 120 مليون، و الباقي تم توفيره من الدول و الجهات المانحة

الوصف الهندسي للمكتبة
تتكون المكتبة من عدة أبنية منفصلة و متحاكية يتوسطهم تمثال لرأس الاسكندر الأكبر مؤسس مدينة الاسكندرية، فالمبنى الرئيسي و الذي يمثل بشكله الدائري و المائل بزاوية 16.5˚ نحو البحيرة الاصطناعية صافية الزرقة و لامعة الأمواج والتي تحتضنه يمثل في الحقيقة قرص الشمس الغاطس في البحر أما جدرانه الخلفية فهي مبنية من 6000 حجر جرانيت أسواني فهي من الخارج تمثل جدارية حُفِرَ عليها حوالي 4000 حرف و رمز بأكثر من 120 لغة ابتداءاً من اللغة الهيروغليفية ، أما من الداخل فإن هذا الجدار يحتوي على فتحات مستطيلة بسيطة ترمز إلى المكتبة القديمة حيث كانت توضع لفائف المخطوطات في فتحات مستطيلة في الجدار و لكنها في الواقع الحديث تعود فائدتها لامتصاص صدى الصوت و بذلك تمنع الضوضاء بداخل المبنى.
سطح المكتبة الدائري به فتحات مثلثة الشكل و انسيابية تشبه عيون الانسان تعلوها مظلات مائلة و تبطنها مربعات تضيء باللونين الأخضر و الأزرق كل ذلك يتيح إنارة طبيعية و مريحة للعين و تشمل المكان كله بضوء متوازن يكفل رؤية المكان كله من جميع الزوايا و القراءة بشكل مريح لقرنية العين ، و يرفع السقف 98 عمود مصمم على شكل وردة اللوتس مهيئة لفصل المكتبة إلى أجزاء في حالة حدوث حرائق و وجود رشاشات تعمل أوتوماتيكياً عند وصول درجة الحرارة إلى 65˚ مئوية أما المخطوطات فكفيل بحمايتها غاز fm200 لإطفاء الحرائق.

يتكون المبنى الرئيسي من إحدى عشر طابقاً سبعة منها للقراءة و الإطلاع و باقي خدمات المكتبة التي سنذكرها لاحقاً و أربعة منها للإدارة و الإجتماعات .

أما أهم المواد التي تم استخدامها في بناء المبنى هي الألمنيوم المعالج المستورد من السويد و الجرانيت الأسود المستورد من زيمبابوي و هو أغلى نوع عالمياً و صفائح نحاس مؤكسدة بنفس الدرجة المستخدمة في المعابد الفرعونية حيث تكفل كل هذه المواد المذكورة أعلى مقاومة لعوامل التعرية.

ما أن نلج قاعة الاستقبال الرئيسية في المبنى الرئيسي حتى نجد لوحة وثق عليها حفراً رسالة شكر و تقدير للدول المانحة و المساهمة في إنشاء هذا الصرح الرائع منذ الإعلان في عام 1990 في أسوان و كانت الدول السبّاقة هم العراق، الجماهيرية الليبية، المملكة العربية السعودية، سلطنة عُمان، و الإمارات العربية، و الدول المانحة منذ إعلان أسوان و حتى الإفتتاح الرسمي عام 2002 و هم النرويج، فرنسا، يونان، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، السويد، بالإضافة إلى العديد من الهيئات الدولية المعنية بالتنمية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر جمعيات الأصدقاء الأمريكية، الغرفة التجارية المصرية الأمريكية، منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة، و غيرهن كثير؛ كما يوجد بقاعة الاستقبال تمثال لديمتريوس الفاليري المستشار السياسي لبطليموس الأول و ملهم إنشاء مكتبة الإسكندرية الأولى و هو يحمل لفافة بيده ، كما نجد بازاراً أنيقاً يعرض منتجات يدوية ذات طابع شرقي و بعض التذكارات التي تحمل النكهة الفرعونية.

تستقبلنا موظفات الإستقبال و هن واجهة للمرأة العربية بملامح شرقية جميلة و المحتشمة و المثقفة الواثقة من نفسها.. تأخذنا إحداهن في جولة تعريف بالمكتبة و أرجاءها بعدما تسألنا عن اللغة المناسبة و أياً ما كانت تلك اللغة فإن دليلتنا لبقة ... متمكنة من أدواتها ابتداءاً بالمعلومات الدقيقة والشاملة عن مكتبة الاسكندرية إلى الابتسامة اللطيفة و الحضور القوي و المظهر الأنيق؛ و ما أن تطمئن الدليلة إلى أنها أدت واجبها نحو المجموعة من توجيه و توضيح و وصف على أتم وجه تتركنا لنستكشف هذا الصرح بأرجائه الشاسعة و اختصاصاته العديدة و النهل من الحضارة الإنسانية.

مكتبة الطفل
هو الجزء المختص بالأطفال من سن السادسة و حتى الحادية عشر به قاعات للإطلاع مريحة تلائم أحجام الأطفال و أسلوب حركتهم و مسرح العرائس و خيال الظل و صالة العرض السينمائي و التلفزيوني لبرامج و أفلام الأطفال و أجهزة كمبيوتر خاصة تناسب استخداماتهم، و يميز المكان الألوان المبهجة و الأشكال و الشخصيات الكرتونية التي تقودنا إلى عالم الطفل الساحر، كما توفر مكتبة الطفل دورات تنمية مواهب الأطفال مثل الرسم و الكمبيوتر و الخط العربي و الكتابة الهيروغليفية..تحوي مكتبة الطفل أكثر من 20 ألف كتاب، و تسع 150 طفل في ذات الوقت

المنصة الزجاجية
و هي عبارة عن منصة مثلثة الشكل بواجهة زجاجية تلي قاعة الاستقبال و تتيح لنا رؤية المكتبة بجميع تدرجاتها حيث أنها تشبه هندسياً حدائق بابل المعلّقة و لكنها حدائق غنّاء بألوان الكتب
و البحوث و الدراسات و أجهزة الكمبيوتر الحديثة و المرتبطة بشبكة الويب العالمية.

مدخل المكتبة يكون في الطابق الخامس حيث تندرج الطوابق الأربعة الأولى تحت مستوى سطح الأرض و كلا الطابقين السادس و السابع أعلاه أما طوابق الإدارة و غرف الإجتماعات فتأخذ شكل مراكب بحرية تشرف بواجهات زجاجية من الأعلى .

إن كل دور يختص بأحد المجالات فمنها ما هو مختص بالعلوم الرياضية و التكنولوجيا و الآخر باللغات و البلاغة و آخر للفنون و الوسائط المتعددة و آخر لأرشيف المجلات و الجرائد و قاعة مختصة بالخرائط باختلاف أنواعها و اختصاصاتها
و مركز تنمية المهارات البحثية و المعلوماتية و قسم مخصص للكتب النادرة و المجموعات الخاصة.

جدير بالذكر توزيع مراكز التصوير الضوئي و الذي يتيح للرواد تصوير أجزاء من المراجع، كما يوجد مكتبة طه حسين للمكفوفين بكل وسائلها الحديثة و التي توفر المعرفة لمن فقد بصره، و قاعات التلفزة الخاصة و المرتبطة بالبث الفضائي؛ أما ما يميز الطابق الخامس الذي نبدأ به جولتنا هي صور لمحمد علي باشا مؤسس دولة مصر الحديثة
و آلات الطباعة الأولى التي تم استيرادها في عهده على مستوى الشرق الأوسط و كان أول إصدار لها هو قاموس عربي إيطالي كما نستمتع بعدة معارض فنية وتاريخية و يعتبر أهمها معرض المخطوطات و الذي يضم أقدم 120 كتاب أقدمهم على الإطلاق كتاب شعر باللاتينية و المخطوطة الوحيدة التي أنقذت من بقايا المكتبة القديمة، و قطعتين من كسوة الكعبة المشرفة، و الرسائل الجلدية الأربع التي بعث بها رسول الله محمد عليه الصلاة و السلام إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإيمان و السلام، و أقدم نسخ المصاحف و تراجمها و أجزاء من الإنجيل و مخطوطة لنسخة من التوراة هي لفافة جلدية ذات حقيبة خشبية اسطوانية و مؤلفات علمية عالمية و كتب متناهية في الصغر يصل أحدها بما لا يزيد عن حجم أظفر الانسان البالغ.

بقي ان نذكر أنه يوجد معارض اثرية و فنية أسفل قاعة الاستقبال.

مركز المؤتمرات
هو مبنى ضخم يوازي المبنى الرئيسي للمكتبة و هو يمثل في هندسيته حوار الحضارات حيث يمثل التاريخ بالأهرامات الأربعة التي تكون سقف المبنى و المرتكزة على الأعمدة الأربعة و التي تشبه زهور اللوتس الفرعونية، بينما يتكون باقي المبنى من الزجاج المقاوم الحديث؛ و يقدم المركز خدمة إقامة المؤتمرات و الندوات و حفلات الاستقبال للأفراد أو الجهات.

القبة السماوية
و هو المبنى الثالث في أوسط المقدمة بين مركز المؤتمرات و مبنى المكتبة و هو يأخذ شكل الكرة الأرضية و به قاعة سينما عرض ثلاثي الأبعاد للفضاء بما يزينه من كواكب و مجرات كونية ، بالإضافة إلى معرض السادات وبه مجموعة فوتوغرافية و عرض تلفزي يرويان لنا تاريخ الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالإضافة لبعض متعلقاته الشخصية كالغليون و النظارة الطبية و بعض الأزياء الرسمية و المدنية خاصته و خواطره بخط يده و صوته الذي يملئ المكان بقراءة للقرآن الكريم مسجلة له ، و الهدايا التي استلمها و أهمها جائزة نوبل للسلام و أخيراً يودعنا الرئيس بملابس الوداع التي كان يرتديها في حادث المنصة الشهير.

و يوجد معرض للبحوث و الدراسات المخصصة للأطفال و النشئ.

مكتبة الاسكندرية في نقاط

1- تحوي أكبر قاعة اطلاع في العالم.

2- تحوي أحدث آلة تصوير ضوئي هي الثانية في العالم بعد واشنطن.

3- تحوي المكتبة أكثر من 650 الف كتاب و ستزداد طاقتها الإستيعابية إلى 8 مليون كتاب.

4- تسع 3000 فرد ذات الوقت.

5- تستطيع استقبال 300 حدث سنوياً.

6- تحوي 330 جهاز كمبيوتر.

7- الموقع الالكتوني [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]