لم تصحو بعد من جرحها النازف ولم تضمد الآمها بعد ، لا زال المشهد ذاته والصورة كما هي في كل مكان دمارٌ من بقايا الحرب المنتهية والمتجددة يومياً على غزة في مشهد مختلف ربما عن طريق قصف الطائرات المباشر أو استهداف الانفاق أو طريق الحصار الخانق والظالم والذي يشل كل أشكال الحياة في غزة حتى صار الوجع صورة تلازمها بشكل مستمر وصارت ايامها تتأرجح بين القصف والحصار في هذا الزمن المنكسر الذي أصبحت فيه غزة بعيدة عن عمقها العربي وصارت لا تجد من يرفع عنها الظلم الذي وقع عليها ولا ذنب لها سوى إن قدرها جعلها غزة التي ترفض الإنحناء وترفض لقمة العيش إن لم تكن بعزة وكرامه .
منذ ايام بل اسابيع واشهر والكيان الاسرائيلي بكل جنرالاته العسكرية يتوعد ويتهدد غزة ويحاول أن يفتح حرباً أخرى معها لا لشيء بل ليعيد الإعتبار لجنودة الذين لا زالوا حتى اليوم يشعرون بخيبة أملهم وإنكسارهم أمام صمود غزة لهذا يريدون أن يعودوا لشن هجماتهم عليها فلم يكفيهم كل هذا الخراب وما اقترفته أيديهم من دمار طال كل شيء في غزة ولا يكفيهم كل هذا الحصار الطويل يصرون على إستباحة أرضها من جديد ويصرون على أن تستقبل غزة عاماً آخر بوابل من القذائف والصواريخ والدمار كما جرى في الحرب الأخيرة حينما إحتفل العالم كله بالعام الجديد بالالعاب النارية والزينة والفرح بينما كانت سماء غزة تملأها نيران طيران الحربية الاسرائيلية ، وكأنهم يريدون أن يعيدوا غزة للمشهد ذاته وربما بشكل أبشع فهذه المرة يحملون حقداً أوسع ويتراقصون للحظة الانتقام .
ولعل الدعاية الإعلامية الكاذبة التي تشنها قيادة اركان دولة الاحتلال منذ وقت ما هي الا دليلاً على أنها جادة فيما تخطط له وما تتوعد به وأنها تصر على شن حرباً على قطاع غزة لتثأر لجنودها المغبرين بغبار الإنكسار والنكسة فلم يكفيهم ما أحدثوه من دمار ولم يكفيهم كل هذا الحصار الطويل يصرّون على تنفيذ ما يخططون له بعنجهيتهم التي إعتادوا عليها فغزة التي تمنوا يوماً أن يبتلعها البحر وأن تغرق في متاهاته لا تروق لهم أن تبقى ولا يروق لهم وجودها على الخارطة ، فهم لا يكفيهم ما قاموا به وما فعلوه بها وكل ما أصابها سواء بفعل ما ارتكبته الة الحرب الاسرائيلية بحقها أو ما ارتكبته الأيدي التي أغرقت غزة بدماء الإقتتال الداخلي حتى شاهدنا دمنا الفلسطيني بإيدينا وتهنا في متاهات الانقسام وصارت غزة بلباس مختلف وشكل مختلف ولون واحد لا يعترف بالآخر .
غزة اليوم أقرب الى الحرب منها الى السلم فحالة الاستعداد التي تقوم بها إسرائيل على الحدود وعمليات حشد الاليات العسكرية والاستهداف من وقت الى آخر والتهديدات المتواصلة دليل على أن إسرائيل تعد لضربة قادمة لغزة ولكن قد تبدوا الصورة ضبابية ومعتمة حول ما شكل هذه الضربة ومتى ستكون ، ولهذا ووسط هذا الانكسار العربي والضعف في المواقف لا نملك سوى الدعاء لأهل غزة بأن يكون معهم وهم يواجهم الطاغوت بمفردهم .