مدينة الميلاد بقلم الكاتب الفلسطيني بهاء رحال

مخلصّاً ونوراً غطى فضاء الكون بالتسامح والمحبة والسلام التي نشرها يسوع المسيح من الأرض المقدسة الى العالمين ، فكان الميلاد وكانت مشيئة الله التي تحققت بإعجازٍ ونبوءة الرسول القادم والذي حماه الله هو ومن تبعه من التلاميذ المخلصين الذين صدقوا ما جاءهم به وكانوا هم كذلك على خطى الرسول الذي حمل البشارة والروح القُدس وخرج بها الى البشرية يدعوا بالمحبة والمسرّة والتسامح والسلام والعدل في الأرض والمجد لله بالعلى .

وفي ليلة الميلاد ، تلك الليلة التي تحقق فيها وعد الله وخرجت بشارة الميلاد الى المؤمنين الذين انتظروا ميلاد المخلص كي يمسح الآثام ويطهر القلوب من الخطايا وما علق بهم من ذنوب ويساعدهم على الإنتصار على جبروت الذين كانوا يتحكمون بالناس زوراً ويتربصون بهم جيلاً بعد جيل حتى آتى وعد الله بميلاد المخلص الذي كلمهم في المهد ودعاهم الى الإيمان به والتخلص من كل الذنوب والكف عن ما يقوموا به من أعمال شريرة وكافرة ووهبهم حياة بلا خطايا لكل من إتبعه وكل من آمن به وسار على خطاه .

وفي ليلة الميلاد تحتفل بيت لحم التي انتصرت بإحتضانها الإعجاز الالهي الذي تحقق بميلاد المسيح عيسى إبن مريم رغم كل البطش الذي كان في المدينة ورغم كل محاولات هيرودوتس وجبروته ورغم كل ما كان من قتل للإطفال في كل زقاق المدينة التي شهدت الميلاد العظيم وكان أهلها يترقبون بخوف شديد لحظات الميلاد التي شاهدها كل المؤمنين نوراً ساطعاً ونجمةً حلقت في السماء تدلهم على الرسول الطفل الذي كلمهم في المهد سلاماً وروحاً مقدسة وبث فيهم الراحة والطمأنينه والأمل .

وفي ليلة الميلاد تحتفل بيت لحم مرة أخرى وهي محاطة بالجدران والأسوار التي تحاصرها من كل إتجاه وتتربص بها جنرالات الحرب الاسرائيلية الذين يصرّون في كل عام على أن ينزعوا فرحة المدينة الباكية ظلماً وقهراً والمنتظرة أن يعم السلام في أرض السلام ، السلام الذي فُقد من الارض المقدسة جراء الغطرسة الاسرائيلية التي تمارس أقصى أنواع الحصار والإحتلال وتضرب بعرض الحائط كل القوانين الدينية والدولية والاخلاقية ، هذه السياسات التي تتبعها كي تطفيء نور الميلاد من قلوب الناس أجمعين وتريد من خلالها أن تبثت نظرية خرافاتهم الزائفة التي وئدت يوم أن تحقق مشيئة الله بميلاد المخلص.

وفي ليلة الميلاد تحتفل بيت لحم رغم حزنها على من فقدتهم حينما حاصرت إسرائيل كنيسة المهد ، كنيسة الميلاد بكل دباباتها ومجنزراتها وجيشها الذي داست أقدامه البلاط المقدس وكان حصاراً لم يعرفه التاريخ من قبل إلا من أولئك النازيين الذيت تتلمذت الصهيونية على أيديهم وكانوا حملة إرثهم الدموي البشع ، وقد حاصرت هذا المكان المقدس أربعون يوماً وقتلت عدداً من الشهداء فيه وأبعدت كواكباً من الابطال حلقوا في فضاء الوطن وفي قلوبنا رسموا اعظم التضحيات.

وفي ليلة الميلاد تحتفل بيت لحم ويحتفل كل المسيحيين والمسلميين في هذه الأرض بهذا العيد ، عيد ميلاد المسيح وهم وحدة واحدة ، كما في كل عام تحرسهم الأخوة ويحميهم الأمل والطمأنينة وتدفعهم المحبة نحو المستقبل بسلام وعيداً مجيداً.

المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام