خربشات الثقافية
سعيد عقل وشعر الفرح Eniie10

خربشات الثقافية
سعيد عقل وشعر الفرح Eniie10

خربشات الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
Kharbashatnetالبوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء

 

 سعيد عقل وشعر الفرح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المخربش العام

المخربش العام


ذكر
المواضيع والمشاركات : 471
تاريخ التسجيل : 17/05/2008

سعيد عقل وشعر الفرح Empty
مُساهمةموضوع: سعيد عقل وشعر الفرح   سعيد عقل وشعر الفرح Uhh101/1/2011, 10:03 pm


سعيد عقل وشعر الفرح



سعيد عقل كثير التبسط في الفلسفة واللاهوت. والمسيحية رفعت الأجراس لإشاعة الفرح، وأحرقت البخور، ووضعت الأغاني الكنسية. ومهما يكن من أمر، فإنه إذا حُصرت غاية الشعر بالتعبير عن الحزن، فشعر سعيد عقل ليس شعراً. لكنه إذا كان الشعر هو، في جملة ما هو، تعبيراً عن العواطف، فإن الكتابة ليست إلا جزءاً من العاطفة، والعاطفة تتناول جميع الشعور، بما في ذلك الفرح.

ويكون شعر سعيد عقل شعر الصحة والعافية والمرح».
الباحث الدكتور جورج زكي الحاج في كتابه «الفرح في شعر سعيد عقل» يقول في مقدمته لكتابه هذا إن صلاح لبكي بهذه الأسطر المعدودة في كتابه «لبنان الشاعر» يُعتبر فاتح الطريق أمام من يود دراسة هذه الظاهرة في الشعر بعامة وفي شعر سعيد عقل بخاصة.

ويضيف أن الفرح من الحقائق الإنسانية التي تموت ولا تموت ويختلف بمعناه الموضوعي عن الغبطة والسرور والانشراح وغير ذلك من المرادفات التي تقارب هذا المعنى. إنه شيء متعلق بالروح أكثر منه بالجسد والمادة
.
والشعور بالفرح الحقيقي نادر التحقيق على الأرض، إلا عند أولئك الذين استطاعوا السيطرة على ذواتهم الأرضية وارتفعوا بها فوق المادة والمحسوس.

يدرس الباحث الفرح في شعر سعيد عقل في عدد من دواوينه هي «المجدلية» «وقدموس» و«رندلي». وسنعرض فيما يلي لبعض ما ذكره في كتابه عن ديوان «رندلي» على الخصوص حيث يشيع شعر الفرح شيوعاً لافتاً.

يعرض لنماذج من الفرح منها ما يسميه فرح الحرمان وصفاء الرمز.. يقول سعيد عقل:
أحبك منكسر الطرف خوف
انفلاتك من نظر طامع
وأمسح عبرتي في الخفاء
فلا تقعين على دامع
و

الشاعر في نشوة حب، والوصال بعيد، وحاله «منكسر الطرف». إنه سفر في عالم الفرح وقتل للذة الجسد لتحيا لذة الروح. فالجمال ليس في الأشياء بذاتها، وإنما هو في الحرمان منها، في العلائق التي بيننا وبين هذه الأشياء:
وثغرك لي فلة الفل باتت
يتيمة ذاك الشذا الماتع
فذكر الربيع على سمعها
حرامٌ، وذكر الهوى الراجع

هذا الحرمان لم يترك نزعة النفور، بل أعطاها قيمة سامية ارتفعت بموجبها عن الحدود المتعارف عليها. ففي الحرمان شوق، وقد أراده الشاعر شوقاً إلى أعلى:
لا تقربي مني وظلي
فكرةً لغدي جميلة

ولكن الوعي يحط بالشاعر من عالم التجريد الأثيري إلى عالم أدنى مرتبة. ففي قوله:
كنت ببالي فاشتممت الشذا
فيه، تُرى كنت ببال الورود؟
وحبه لعيني حبيبته أجمل من عينيها. إنه آمر للوجود حيث استعلاء الجمال على ذاته والحب على موضوعه، لأن المشغوف بالجمال يشعر بأن إحساسه به أجمل من الجمال نفسه، فيشاركه الكون فرحته وغناءه:
أجمل من عينيك حبي لعينيك
فإن غنيت غنى الوجود
وتخرج الأرض في قصيدة أخرى وتستيقظ وجوداً، فيتم بذلك فرح الوعي:
فالأرض بعدك يقظة
من هجعة الحلم الثقيلة
ويقول باحث آخر هو الدكتور نقولا سعادة حول الشاعر سعيد عقل: «إن موطن الجمال في شعر سعيد عقل في مقدرة الشاعر على إقامة التوازن الكلاسيكي بين الروح والجسد. إنه يجذبنا إلى عالم الروح والخيال، فإذا انتشينا، يعيدنا برفق إلى عالم الهيولي، وفي التوازن الرائع الذي يخلقه بين سكنى العالمين، سر التفوق، وموطن الإبداع، ومنبع الفرح. إنه لا يطيل بقاءنا في عالم التجريد إلى أن يمضّنا الحنين إلى طبيعتنا البشرية، ولا يتركنا في دنيا الهيولي إلى أن يقذفنا الشوق إلى موطننا السماوي:
ترى! حلم نحن فوق النيام
ترى! سكرة نحن بين البشر؟
بعض المستحيلات التي هي غاية وجوده:
سمراء ظلي لذةً
بين اللذائذ مستحيلة!

وها هو الشاعر يسخر تواضع الموجودات لحبيبته ولحبه لها:
ومال للأرنان في أيكه
غصن، وألوى جيده سنبل
ولكن لمن هذه الإمالة وهذا الالتواء:
وقيل: من أين؟ فقل جئت من
عينين لا أبهى ولا أجمل
فلعيني الحبيبة التواضع والفرح، ولها الشعر كله. والطمأنينة الحقيقية هي نتيجة الجهد المضني والتعب المتواصل لبلوغ الغاية أو الهدف، لأنه عندها يكون طعم الراحة. وهل أضنى من التفتيش عن شيء ندر وجوده:
يقلب النِسرينَ والفل عسى
تطمئنين إلى شيء ندر!
حول فرح المشاركة يقول الباحث: شدد سعيد عقل على فرح المشاركة إن في شعره أو في نثره. في النثر يقول: «الوردة لا تحس أنها ذات غنى، أنها تعطي البشر متعة، لا تحس أنها وردة، والمرأة في نظر عاشقها لا تحس السعادة التي تمنحها بمجرد وجودها بينهم لا تحس أنها امرأة، وروح المناجاة أنها لو أحست ذلك لشاركت الناس عبادة نفسها». وهو يترجم هذه النظرية شعراً فيقول:
قد قلت، لكن هل درت أنه لها
كلامي؟ متى تدري الأزاهر بالعطر؟
ويقول عن حبيبته:
كونت من توق إلى الحسن لا منك
ومن مد يد صوب جود!
ويختلف عن كثير من الشعراء، فهو لا يرى إلا النصف الملآن من الإناء، وإذا رضي غيره بمواجهة الواقع من دون أن يستطيع تغييره، فهو يتجه إلى نقيض الواقع، إلى واقع آخر أراده هو، واقع نابع من ذاته لأن الألم والحزن شيئان عابران في حياته. هو يؤمن بأنه لابد للإنسان من أن يتعرض في حياته للألم والحزن، ولكن ليس مفروضاً عليه التوقف عندهما، أو الغوص فيهما إلى حد اليأس والقنوط.
يقول الدكتور نقولا سعادة في الكتاب مرة أخرى:
نحن في شعر سعيد عقل حلم وسكرة. أو لم تستمع إليه يقول:
سمراء في حلم الطفولة
وتمنع الشفة البخيلة
في الشطر الأول الحلم، وما أجمله من حلم، حلم البراءة الطاهرة، حلم الملائكة. وفي الشعر الثاني، الواقع، الواقع الأليم الحلو، الشفة الشهية تتمنع. فما أن رفعنا الشاعر إلى عالم الخيال وانتشينا، حتى عاد فجذبنا برفق وحنان إلى طبيعتنا البشرية، وبدل النشوة شهوة:
الشعر قبض على الدنيا مشعشعة
كما وراء قميص شعشعت نجم!
الحلم في الشطر الأول، ويا له من حلم رائع تتألق فيه الكائنات ضياء بين راحتينا. أما «كما وراء قميص شعشعت نجم» فهذه سكرة الواقع، ويا لها من سكرة حلوة».
أما التجريد عند الشاعر فهو ينبع من هذا المنطلق، فكأن الحبيبة طيف أو روح يرفرف فوق الشاعر للحظات خاطفات، لا يلبث بعدها أن يفر من هذا الوجود:

قبلة في الظن، حسن مغلق،
مشتهى ضم إلى الصدر وفرّ!
ويقول الشاعر في قصيدة «أجمل من عينيك»:
في نجمنا أنت وفي مدعى
أشواقنا، أم في كذاب الوعود؟
سكناك في الظن وهذي الدنى
تلهف باكٍ، وقلب حسود

أما قضية التقرب من المثل العليا فتظهر جلية في قصيدة «موطن البلبل»:
غداً إذا غنيت يا بلبل
ورق للأغنية الجندل
ومال للأرنان في أيكه
غصن، وألوى جيده سنبل
وقربت من ربوةٍ ربوةً
سكرانة عن حالها تسأل

إن الطفولة جناح الشاعر، وهذا هو الفرح. خطه تصاعدي يبدأ بإضفاء الروح على الأشياء، وأنسنتها، لينتهي إلى عقلنتها. وهنا تطرح نفسها عنواناً للفيض والتوالد:
ما آخذ منك البهاء
ومن غدائرك الجديلة!
ويقول في قصيدة أخرى:
نسج أجفانك من خيط السهى
كل جفن راح دهراً ينتظر
ولك النيسان ما أنت له
هو ملهى منك أو مرمى نظر
قبل ما كونت في أشواقنا
سكرت مما سيعروها الفكر

وعالمه عالم مطلق، خلاق، تكويني، عالم الاتحاد بالله. إنه عالم حركي هيراقليطي:
ضاحكاً للغصن، مرتاحاً إلى
ضفة النهر، رفيقاً بالحجر
وإذا هدبك جاراه المدى
راح كون تلو كون يبتكر!
والملوكية في شعره خلاقة مبدعة لا تكتفي بأنها تأمر فتطاع، بل تستطيع أن تكون:
كوني يكن للعمر معنى الطلى
وللثواني فوح مسك وعود!
ويمتزج هذا التكوين بالتلوين والتشكيل، حتى إن بسمات الحبيبة مبدعة أيضاً:
ويقول للبسمات ثغرك
لوني زهر الخميلة
والحبيبة حلم، أغنية في الوعد:

من ترى أنت، إذا بحت بما
خبأت عيناك من سر القدر
حلم أي الجن؟ يا أغنية
عاش من وعد بها سحر الوتر
وقع عينيك على نجمتنا
قصة تحكى، وبث وسمر
قالتا: ننظر، فاحلولى الندى
واستراح الظل، والنور انهمر

ومن هذه القصيدة أيضاً:
عل عينيك إذا أنستا
أثراً منه، عرى الليل خدر
ضؤوه إما تلفَتّ ددٍ
ورياحين فرادى وزمر
الملاحظ هو هذه الموسيقية التي تشع من شعر الشاعر وحول هذه الموسيقى يقول الشاعر: «قبل أن أنظم، يسيطر علي نغم القصيدة، فتوحدني الحالة الشعرية مع الكون. فهل هذا يعني أن مادة الشعر وروحه هما الموسيقى؟ ويعلق الباحث أو يجيب: نعم لأن الموسيقى تؤلف صفاء الشعر ونقاءه. إن حالة اللاوعي في الشعر هي حالة الفرح لأنها حالة انخطاف عن العالم، وحالة غربة عن كل ما يحيط بالشاعر.
ثمة فناء ينتهي إليه الشاعر في معظم قصائده.. وتختلف الطرق التي يسلكها للوصول إلى هذا الفناء، أي إلى الاتحاد بالله، منها الحب والغناء كما في قصيدة «إلى مطربة»:
تجليْ هذاذيك بالنهوند
وردي ليالي بيض الصور
وغني اللقاء وغني السرور
على ضفة النهر، فوق الزهر
وغني ارتمائي على صدرها
ومسراي في هدبها والنظر
وغني «أحبك أكثر من أمس
عهدي أقل من المنتظر»!
وغني وغني إلى أن أموت
مع اللحن والمرتجى والذِكَر!

إن فعل الغناء هنا لم يتوقف عند الغناء فقط، بل راح ينتقل من اللقاء إلى الشرود فالارتماء على صدر الحبيبة، فإلى البوح والهمس بالحب، فإلى النشوة الكاملة حيث الفرح الناتج عن الموت من اللذة ولذة الموت من الحب.
ويتكاثر فعل الأمر في شعر سعيد عقل بعامة، وفي «رندلي» بخاصة، حتى يشغل قصائد بأكملها. وإن دل هذا الأمر على شيء، فإنما يدل على فرح الطمأنينة والراحة حيث يأتي طلب الشاعر نتيجة استقرار ونشوة كما نجد في قصيدتيه «مري ببستاننا صباحاً»، و«اليخت الأبيض». فالأمر المتكرر في كل بيت من أبيات القصيدتين مع ما يرافقه من مفردات تضج بالفرح، دليل واضح على غربة الشاعر عن عالمه المحيط به، والتفتيش عن عالم فردوسي يحلم به.
مري ببستاننا صباحاً
مري بستاننا صباحاً
أو رفرفي
يا رندلي، واسمعي الأقاحا
نادي: «اقطفي»
هنا وهنا على الدروب
مسك فتيت
مدي يداً، واهتفي: «حبيبي،
ها أنا جيت».
خدامنا طيب، تقال
عنه العبر.
قولي له: «جاءك الجَمَالُ
يجني الزهر».
<<<
سليه: «حقاً أنا الجمال؟
يقل: «بلى،
والمنتهى أنت، والخيال،
يا رندلي».
<<<
فسطاتك الليليك عيد
إذا خطر،
تسأل عن حلمها الورود:
«متى انتثر»؟
<<<
تُفدَين: سمي ما تجهلينه
باسم جديد،
تنس اسمها كل ياسمينه
وتستعيد.
<<<
مري بدَفـْلى هامت بسوسن
ولم يف،
قولي لها: «الصفح عنه أحسن»،
ولطـِّفي،
وداعبي الفل حين يصرع
على الثرى،
ولامسيه بضوء أصبع،
فينصرا.
واقضي ببستاننا النهارا،
واقضي العشي،
في البال تقل الخطى الحيارى
شيء شذي.
<<<
وإن تهاوى الدجى عليك
وما انتظر،
نادي أجيء حاملاً إليك ضوء القمر».
اليخت الأبيض
«يا يختها الأبيض،
اقلع بنا،
كاد السنى من حسنها يمرض.
اقلع بنا، يا يختها الأبيض.
قد أقبلت تطرب أخت الشعاع.
أرخ الشراع، وابلغ بنا الكوكب
ما هَمّ؟ طِر، ما هَمْ
هذا الزبد؟
طء الجَلد،
واهزأ بهول اليم.
سُمِ الرياحَ الويل،
هِج البحار،
خل الدُوار
يصيب جسم الليل.
دع رندلي تهزج،
دع رندلي،
واسكر على
أغنية الدملج.
هيئ لها الوعدا،
عند الغيوم،
قل للنجوم:
«كوني لها العقدا».
هذاك نجم عبر
في دربنا،
عرج بنا
على خليج القمر.
يا يخت، جزت البون،
لم يبق شي
سهران حي،
إلاك خلف الكون.
لا قلت، يا يخت: «أين؟
أين البحار؟»
لك القرار
في منتهى عينين!
أين البحار؟
لا قلت، يا يخت، «أين؟»

طبعاً ثمة دور للمرأة في لعبة الفرح عند سعيد عقل، يقول الباحث: فالمرأة تتصدر البطولة في كل من الدواوين الثلاثة: المجدلية وقدموس ورندلي. فالمرأة هي مبعث الفرح الأساسي عند الشاعر، هي نبع شاعريته ومصبها. هي فعل الخلق والإرادة والإيمان. وهي تختلف عن نساء الشعراء الآخرين اللواتي كن مصدر الحزن والألم لأحبائهم. إن امرأة الشاعر تختلف من حيث طبيعة علاقتها مع الشاعر، ومن حيث إنها مصدر خير وجمال.

إن امرأة الشاعر تختلف عن ليلى العامرية التي كانت سبباً في جنون حبيبها قيس وموته، وتختلف عن ليلى الأخيلية التي سببت الحزن والموت لحبيبها، وعن بثينة التي كانت سببا في مرض حبيبها جميل، ومن ثم في موته، وعن نساء أخريات ولدن الحزن والتعاسة في نفوس الأحبة كجورج صائد مع شوبان أو مع دوموسيه.

إن غربة سعيد عقل عن مجتمعه ومحيطه تعود إلى عدم مواجهة الواقع. لكن هذا لا يعني هروباً، لأن الشاعر كان يجد الخير إلى جانب الشر، والجمال إلى جانب القبح، والفضيلة إلى جانب الرذيلة. فإذا واجه غيره الواقع الذي هو الشر والقبح والرذيلة، فإن سعيد عقل كان يتساءل: لماذا هذا وليس غيره؟ أي الخير والجمال والفضيلة، طالما أن هذه القيم هي من الحقائق الثابتة في الوجود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سعيد عقل وشعر الفرح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خربشات الثقافية :: خربشـــــــات على حيطان المكتبة :: أعلام في الإبداع-
انتقل الى: