هل بدأنا نفكر بالطاقة البديلة

هل بدأنا نفكر بالطاقة البديلة

منقول عن الطاقة والبيئة

مؤتمر الطاقة السادس عشر الذي عقد مؤخراً بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، يثبت أننا لا زلنا نعيش في عصر النفط وسنبقى لقرابة نصف قرن مقبل من عمر الإنسانية، وهو العصب الذي يصعب على الاقتصاد العالمي تجاهله أو الاستغناء عنه فجأة، وما يتم تداوله عن نضوب النفط القريب لابد أن يؤخذ على محمل الجد طبعاً إلا أن الاستهانة بالاحتياطيات النفطية المخزونة في باطن الأرض واعتبارها مزحة جيوسياسية أمر غير مقبول لا على المستوى الاستراتيجي ولا الآني.

ولم تعلن أي دولة في العالم حتى الآن أن حلول العام كذا هو الإنذار الأخير لكل من يستخدم النفط وإلا يفرض البديل فرضاً أو واقعاً مفروضاً. فأمر الاستغناء عن النفط تماماً قضية في غاية التعقيد، بدليل أن الصين التي يتوقع أن تقود قاطرة المستهلكين الرئيسيين في القرن القادم وبكمية مقدرة بعشرين مليون برميل يوميّاً، لم تعلن حتى الآن استعدادها التخلي عن الفحم الذي يمثل أكثر من 92في المئة من إجمالي مصادر الطاقات المستخدمة في مشاريع التنمية في المجتمع.

فالهوس بالتغيير والاستعداد لما بعد عصر النفط لا يعني إبخاس مصادر الطاقة المتوفرة بين أيدينا حقها، وهذا الأمر لا يخص دولة بعينها، بل العالم أجمع لأن الجميع مستفيد من النفط الذي ينعى البعض عهده وعصره وإن كانت عصاراته واضحة على أي منتج عصري نستخدمه منذ عقود.سيبقى النفط هو الأرخص سعراً والأثمن قيمة ووزناً مقارنة بكل مصادر الطاقة المتجددة أو غير المتجددة، ولذا يجب الحرص على التعامل مع هذا المصدر الثري بإمكانياته التحويلية إلى عناصر مجزأة بحيث تدخل في معظم الصناعات المعاصرة، وهذه ميزة لا تملكها مصادر الطاقات الأخرى ولا يمكن إضافتها إليها لأنها ذاتية التكوين منذ العصور الجيولوجية الغابرة والعابرة على مدى دورات حياتنا منذ الأزل.

فتقسيم العصور إلى أجزاء متخصصة هو بعد حضاري أكثر منه تاريخيّاً، بمعنى أن عصراً ينهي عصراً آخر هو أقرب إلى الاستحالة لأنه يبقى في البشرية من يستخدم الطاقة المتوفرة في مجتمع ما لإدارة شؤون حياته كما يستخدم البعض وسائل النقل البدائية جدّاً على رغم وجود البدائل التكنولوجية والتقنية الضاربة في دروب التطور والتقدم والتغيير على مدار الساعة.

حتى في حساب التكاليف ووضع الميزانيات لمشاريع الطاقة البديلة والمستقبلية فإن الانتقال من مصدر طاقة إلى طاقة أخرى قد يكلف عشرات الأضعاف، ولا يمكن اتخاذ قرار الموافقة الفورية عليها، إلا بعد أن تدرس كل جوانب السلب والإيجاب لهذا المشروع.

وعلى من يتهم النفط اليوم بأنه السبب المباشر لأزمة التغيير المناخي وارتفاع درجات الحرارة في الأرض أن يضع في الحسبان أيضاً اعتراف الخبراء في هذا الشأن بأننا لو أنفقنا المليارات على تخفيض نسبة الاحتباس الحراري للكون فإن الهدف هو 2 درجة مئوية فقط. فهل يعتبر ذلك مبرراً قويّاً لتقديم “النفط” أو الذهب الأسود، الذي يمكن من خلاله إنتاج كل ألوان الذهب الأخرى، على “مذابح” دعاة الحفاظ على البيئة على رغم أن كل هؤلاء أول المستمتعين بخيرات “النفط” في بلدانهم قبل البلدان المصدرة لهذه السلعة التي ستبقى مناسبة لكل العصور، حتى لو انتقلنا جميعاً إلى العصر الهيدروجيني