khalid salai
المواضيع والمشاركات : 86 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 16/06/2011
| موضوع: قراءة أولية في الشعر الثوري العربي المعاصر-تتمة-ج-2- 9/7/2011, 3:24 am | |
|
قراءة أولية في الشعر العربي الثوري المعاصر-تتمةج-2- ************************************
وفي الشطر الذي يليه بعد ثلاثة أشطر : الى متى ،حتى متى تحرثون التاريخ بدموعنا ؟ هذا السؤال الاستنكاري ، الذي صيغ في صورة فجائعية محرقة ، كان بمثابة انذار ن أو هاتف تلبقفه الشعب التونسي ن ليستجيب القدر لارادته ،حسب الأب الروحي للشعراء التونسي "أبو القاسم الشابي". لكن ما يلفت النظر ويشد الانتباه وهو يقرأ قصيدة الشاعرة التونسية ؛ هو هذا التجديد في نحت الصورة الشعرية . فقصيدتها "تحفرون قبورنا في وجوهنا" منذ البداية ، بل قبل البداية ؛ اي منذ عنوانها ، تستفزك غرابة العنوان في مجازيته الطاعنة في الابتكار . وكانها تستلهم كبار النقاد العرب القدامى والمعاصرين ،وان على قلتهم . وتسترشد بقراءة النقاد الغربين التأصيليين . ولعل من كبار النقاد العرب القدامى في هذا المنحى عبد القاهر الجرجاني الذي نستعير منه هذه المقولة ، حيث يرى "أن الكلام الناجح ينطوي على شدة ائتلاف في شدة اختلاف "كما نقل عنه يوسف اليوسف "بحيث يريك ائتلاف عين الأضداد "ويضيف في موضع آخر بأن" الكلام الساحر يجمع أعناق المتنافرات والمتباينات في ربقة ،وتعقد بين الأجنبيات معاقد نسب وشبكة". لقد استطردت في هذه الشواهد لأدلل على ان عنوان الشاعرة يجد له متكأ رحبا في تاريخ النقد العر بي الأصيل ،قبل أن يتطور على يد النقاد الغربيين حديثا . لكي نثبت ان جمالية الصورة عند الشاعرة تتاسس على طزاجة المعنى الاستعاري وهي تربط بين المتنافرات والنائيات ، بل قل على ابتكارية جديدة وفرادة لها من العذرية ما يؤهلها لتكون عروس القصيدة العر بية بلا منازع . فأنت لن تجد صورة مثيلة لها في الشعر العربي المعاصر، مؤصلة على امتدادات استعارية لا محدودة .فان تحفر القبور في الوجوه ، هو سابقة تعبيرية لأم أمر عليها في أي من دراساتي وقراءاتي .فهي على بساطة مفرداتها وتركيبها النحوي ،أي فعل وفاعل، وجار ومجرور . وهي جملة خبرية تتسم بالحركية في انبنائها في صيغة المضارع وارتباطه بضمير المخاطب ،وبضمير المذكر السالم الدال على الفاعل المقرون بالمفعول به ،المقترن باضافة "نا" الدالة على "النحن" المنتهية بتعيين مكان الحدث "الوجه". فهذه الصياغة التركيبية البليغة ، تمدنا بصورة ذات ايقاع متكامل ، وهو ما اسميه ب"الصورة الايقاعية" . فلك أن تتخيل مكان الحفر ،وادوات الحفر ، وكم عدد الحفارين والمحفورة وجوههم . وتلك الأتربة التي تطير في عملية الحفر. فالصورة شديدة الكثافة والحمولة . واذا كان العنوان بهذا الثقل المدلولي ،فكيف ستكون القصيدة كوحدة دلالية .أو كجسد واحد كما يقول النقاد العرب القدامى ، أو ككلمة واحدة كما يقول ابن طباطبا . | |
|