الحلم وتداعيات فكرة الحلم

موضوع: الحلم وتداعيات فكرة الحلم 15/7/2011, 12:35 am

الحلم وتداعيات الفكرة
****************

لي مع الحلم قصة عشق غريبة...أجزم انكم لن تصدقوني لو حكيتها لكم بكل فانطازيتها الواقعية ...لكن أترك فرصة سردها لوقت آخر...
أما الآن فأنا مغرم به ؛ عاشق للحلم حد الهوس ..لأني اكتشفت بعد طول عشرة ؛أنه الشيئ الوحيد الذي لم أدفع فيه مقابلا للحصول عليه...فأنا لم اذهب يوما للصيدلية لشراء أقراص الحلم ..كما لم أذهب لسوق المدينة أو الحي لاقتنائه...كما يفعل سكان المدن في سعيهم الدائب لملء بطونهم....
والحلم هنا ليس حلم نوم...انه الحلم الذي يصل أقاليم النهار بالليل ...لايعرف انقطاعا ولا توترا ،حلم أبدي دائم ...بوسعي ان أشارك فيه غيري ...ولي الحق في حجبه عن العالمين ..منتهى مفهوم الملكية..أن تمتلك شيئا يعني حرية التصرف فيه.....والحلم وحده الذي أمكنني التصرف فيه بكل حرية..
للحلم غواية التحقق والاكتمال المؤجلين ..فالحلم عتبة مشرعة على فضاءات حلمية أخرى ،أو كل حلم هو باب تفتح نحو أبواب أخرى ،لعبة شيقة ،لاتعرف حدودا او التزامات ما دامت شرعيتها مستمدة من الحلم نفسه ...كل شيئ يمكن نهبه ،كل شيئ معرض للسرقة والابتزاز ..الا الحلم ...يعجز اي فرد ابتزازك اياه ..وان داهمه احساس بذلك كما يحدث مع بعض الكتاب والمفكرين والشعراء أسياد الحلم بامتياز ..
فالحلم عبر اشباع جوع انساني مترسب أو طافح ؛هو عملية تعويضية لنقص فيزيقي أو مثالي؛ لأشياء تقع بين حدي الامكان والاستحالة،لاتمتلك اي اغراءات أخرى بأخذ مكانها،أو تعويضها...فهو المملكة الوحيدة للانسان التي يستطيع ممارسة حكمه دونما تنافس مرضي ،أو تدميري ...وفيها يحقق ذاته كاملة ،بل فائضة في بعض الأحيان ...وهنا وجبت الاشارة الى طبيعة هذا الحلم...فالحلم أنواع ،أخطرها ذلك الذي يسيطر على الانسان ،وأبهاها ذلك الحلم الذي يسيطر عليه الانسان نفسه ...
واذا كانت الدراسات النفسية بكل فروعها ،والاجتماعية ،والأنثروبولوجية،قد أفردت للحلم نصيبا وافرا من الدراسة ،فانها على حد علمي لم تلامسه من جانبه الظاهراتي ،أي من جانب تفاعل الانسان معه .وهذا ما كنت نبهت اليه في احدى مقالاتي الشعراء والكتاب العرب على عدم مصادفتنا لكتابات تشير الى علاقة الشاعر او الروائي بعالم استيهاماته ،وعلاقاته الحميمة مع أكوانه المجازية ،والصورية ،والرؤيوية ..مما جعل حقلنا الأدبي فارغ من هذه الناحية ،عكس ما نجده عند "بودلير " مثلا أو "رامبو"أو ألبيرتو مورافيا "وهم يتحدثون عن احلامهم وعلاقاتهم بكتاباتهم ،واللحظات المؤثرة في تكوين رؤيتهم الداخلية الحميمية ،لجملهم وعباراتهم وقصائدهم والرواية عند الأخير .وهنا وجب التنبيه ان العلاقة الجوانية الحميمية بالكتابة ليست ،بالطبع هي التجربة السير ذاتية لمسيرة الكتابة في تعالقاتها بالواقع مقترنا بالكاتب ،بل هي أبعد غورا وأكثر التصاقا ،بالذاتية كمفهوم كلي للانسان .انني أحاول ان أشرح اكثر ،انها تلك اللحظات التكوينية للفكرة ،أو اللحظة التي تبدأ فيها الفكرة دونما استدعائها أو تأمل موضوعها ،وشعور الشاعر بها وهي تتكون .هل أعقد مقارنة بالتكوين الجنيني للانسان في حشاشة المرأة ؟ ربما جاز ذلك لتقريب الفهم...لأن ما هو فيزيقي يختلف في بعض الجوانب عن الحلم كمعادلة حميمية بين الشاعر وظاهرة تكون الفكرة او الصورة الشعرية في ذهنه.
سنعود للموضوع بشكل او بآخر..