خربشات الثقافية
نسيان الاخر و البحث عنه في حوارية ايمان الونطدي و سعد المظفر الشعرية  الد كتور مرتضى الشاوي  Eniie10

خربشات الثقافية
نسيان الاخر و البحث عنه في حوارية ايمان الونطدي و سعد المظفر الشعرية  الد كتور مرتضى الشاوي  Eniie10

خربشات الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
Kharbashatnetالبوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء

 

 نسيان الاخر و البحث عنه في حوارية ايمان الونطدي و سعد المظفر الشعرية الد كتور مرتضى الشاوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إيمان الونطدي

إيمان الونطدي


انثى
المواضيع والمشاركات : 37
الجنسية : مغربية
تاريخ التسجيل : 20/07/2011

نسيان الاخر و البحث عنه في حوارية ايمان الونطدي و سعد المظفر الشعرية  الد كتور مرتضى الشاوي  Empty
مُساهمةموضوع: نسيان الاخر و البحث عنه في حوارية ايمان الونطدي و سعد المظفر الشعرية الد كتور مرتضى الشاوي    نسيان الاخر و البحث عنه في حوارية ايمان الونطدي و سعد المظفر الشعرية  الد كتور مرتضى الشاوي  Uhh1026/7/2011, 6:47 pm


نسيان الآخر والبحث عنه
في حوارية إيمان الونطدي وسعد المظفر الشعرية
دراسة في ضوء منهج الأسلوبية المقارنة
بقلم د . مرتضى الشاوي





إنّ الحواريات الشعرية من ابتداع الشعراء المعاصرين ولاسيما الشباب المنفتح في الغالب ، وقد شاع هذا الفن الشعري بين مدوني القصائد على صفحات الانترنيت مما شكل منعطفاً في سلم الظواهر الأدبية الإبداعية .
ربّما كانت الحاجة ضرورية إليه تشكّل بوحاً شعرياً جديداً تنعطف به قصيدة النثر وحدها فلا هدم للبناء إذا كان هناك السير في سلم الإبداع ، ولا انتقاص لظواهر الشعر أو النثر القديمة كفن النقائض وفن المعارضات والمساجلات الشعرية أو المراسلات الأدبية و الرسائل الأخوانية ، على الرغم من توقف الدفق الشعري لها .
ففي كل عصر يبرز جنس أدبي أو ظاهرة أدبية تطفح على السطح وهكذا ينبري المبدعون فيقيموا حدوداً لفن خاص أو لظاهرة خاصة .
إن كانت الظاهرة سقيمة فعمرها قصير لا محالة ، وإن كانت الظاهرة صحيحة من العلل فعمرها طويل باقية ببقاء روادها ومقلديهم والتابعين لهم كبقية الأحياء من فنون الأدب نثراً وشعراً .
قد يسأل المتلقي لماذا اخترت هذا المنهج ؟
يكون الجواب في نقاط رئيسة :
1- إنَّ الحوارية الشعرية تنتمي إلى جنس شعري واحد لا سيما يعرف بقصيدة النثر ، فكلا القصيدتين تصبان في رافد واحد وهذا ما يعرف بـ( لسانية النص المشترك ) في الدراسات الأسلوبية ، فضلاً عن ذلك وحدة الموضوع أو ما عرف بالمعادل الموضوعي فالنص الثاني يعدُ مكملاً للأول .
2- إنّ الشاعرين ينتميان إلى بيئتين بعيدتين فالشاعرة الونطدي من المغرب والشاعر المظفر من العراق وأيضاً إلى بيئتين مختلفتين من حيث المكون الثقافي والاجتماعي والحضاري على الرغم من وجود نقاط الإلتقاء بينهما كاللغة مثلاً أو القومية العربية أو الديانة الإسلامية .
3- إنّ الحوارية الشعرية تصبّ في غرض واحد هو العشق والشكوى والبوح والبحث عن الذات فلا تحدث بين جنسين متشابهين ، بل يجب أن تكون بين جنسين مختلفين ذكر وأنث ؛ إلا إذا كان موضوع الحوارية قضية اجتماعية أو حب الوطن أو حب الأرض أو غير ذلك ، يمكن أن تحصل بين جنسين متشابهين أو مختلفين .
4- ليست الحوارية الشعرية هذه كالنقائض أو المعارضات في بنائها الشكلي في التزام القصيدة بوزن واحد من أوزان بحور الشعر العربي ولا بقافية موحدة بنفس الروي وهي ليست كذلك بالمساجلات الطويلة أو القصيرة التي تمتاز أشبه بما تكون مناظرة فكرية أو غير ذلك ، ونأمل من المبدعين أن تحصل هذه الحواريات على مستوى القصيدة العمودية أو قصيدة التفعيلة من حيث الشكل .
5- ليس شرطاً أن يكون الحب حقيقياً بين الجنسين ، ربما قد يكون الحب افتراضياً ، ولكن في ضوء ذلك المتنفس تجد الأحاسيس والعواطف والمشاعر عاكسة على تجاربهم العاطفية الحقيقية ، ومن المؤمل أيضاً أن تكون الموضوعات عامة في هذه الحواريات تشمل الحقوق العامة والخاصة والحريات الفردية والجماعية وغير ذلك .
6- عزل النص عن الباثّ ( المؤلف ) نهائياً ، وسوف يتعرف القارئ عليه من النص والتحليل فقط ؛ لأن القراءة كما قيل هي استملاك يقوم به القارئ لعالم الأثر ( المقروء ) وهوان نفهم انسنا أمام النص أي أن ند ع الأثر الذي نتلقى من بوصفنا قارئين اقتراح وجود يغيرنا
كان اختيار تلك الحوارية الشعرية للتحليل النقدي ليس بدافع الصداقة والتعارف ، وإنما كان حرصي على أبراز هذه الظاهرة على طاولة النقد الأكاديمي هو الدافع الرئيس ، فوقع الاختيار من باب الدافع الفني ؛ لأنهما شاعران قد خاضا تجارب حياتية ولهما صدى في الأوساط الفنية وعلى مستوى النص العنكبوتي .
أما على المستوى الفني للمقارنة حسب النقد الأسلوبي المقارن فالحوارية تتضمن النقاط الآتية :
1- وحدة الموضوع : أو ما سمي بالمعادل الموضوعي ؛لأنّ كلا النصين يشتركان في هدف واحد وغاية واحدة ، وقد أصبح النص الثاني مكملاً للأول في موضوعة نسيان الآخر عند إيمان الونطدي والبحث عن الآخر عند سعد المظفر عبر تداخل نصي مما شكل شكلاً حداثوياً على مستوى الخطاب الشعري ، وهذا ما تؤكده لسانية النص المشترك بينهما ، فضلاً عن الطريقة الإيحائية المبطنة بالجمال الشعوري لكلا النصين .
2- تواجد الذات والبحث عن الآخر :
ففي قصيدة إيمان الونطدي يتحرك الضمير المستر ( أنا ) بفاعلية قوية في تكرار الفعل في زمن المستقبل في ( سأنساك ) ، وكذلك ( يا المتكلم ) في فاعلية أقوى مقاربة من ذات الشاعرة كما في( أقلامي ، شفاهي ، يدي ، أشواقي ، أوراقي ، الواني ، أحلامي ، لأننّي ) وكذلك في استمرارية الأفعال المضارعة بدلالتها على زمن الحاضر والمستقبل في ( يوهمني ، تعاتبني ، يحاصرني ، يناديني ، يعانقني ، تكبلني ، تطويني ) ، والصوت الآخر عندها مكرر في الفعل ( سأنساك ) متأصل في كاف الخطاب ( الكاف ) في سبع مواضع على سبيل التأكيد ، وهو أيضاً مرفوض من وجودها حتى لو كان صوتاً أو حرفاً واحداً في دفاتر الذكريات ستلفظه منه بلا شك بل الدفتر هو الذي يطرحه خارجاً بدلاً منها ، وهذا من باب الصراع النفسي كما في الفعل ( سيلفظك ) وبتحدٍ من دون خوف مهما بلغت الأمور ذروتها .
أما في قصيدة سعد المظفر فكذلك نجد توافق الضمير المستتر للدلالة على ذات الشاعر وهو( أنا ) في الفعل ( سأبحث ) ، وكذلك ياء المتكلم مقاربة من ذات الشاعر كما في ( طفلتي ، غاليتي ، غانيتي )
في حين يكون الصوت الآخر عند المظفر متعلقاً بالفعل متأخر عنه بوساطة الجار والمجرور ( عنك ) وفي بهاء المعشوقة ( طيفك ، ألوانك ) ، والصوت الآخر حاضر في قلب الشاعر بين كاف المخاطبة في ( سأبحث عنك ) و ( طيفك ، و ألوانك ) ، وياء المخاطبة في ( لا تنفري ) .
ومن هنا نستنتج أنّ البحث عن الذات في نسيان الآخر عند إيمان هو دليل حاصل بالوجود لا محالة على عكس من البحث عن الذات عند المظفر فلا يحتاج إلى إثبات الذات ؛ لأنّ همه الصوت الآخر ، وهو مشترك معه في كلّ شيء .
3- الصياغة ( التركيب ) :
1- المعجم الشعري :
إنّ المعجم الشعري لكلا الشاعرين يفضي عن مفردات خاصة تليق بهما ، فالمفردات الخاصة التي تناغمت بها الشاعرة ايمان الونطدي تليق بها ؛ لأنها تنطلق من واقع تربوي فيشهد لها في معجمها مفردات تليق بالمهنة التي طالما عايشتها وصارت واقعا لها مثل ( أقلامي ، حقيبة ، أوراقي ، صفحات ، رفوف ، أقلام ، حكايات ، دفتر الذكريات ، سيلفظك )
هذا هو معجم الشاعرة في جانب الانتقاء وهو نابع من واقعها المهني باعتبارها مدرسّة تربوية وتشهد لها مسيرتها في مجال التعليم والتربية وقصيدتها لا تبعد عن كونها مرشدة وتذكرنا بالمعلم الذي يترجم عن أحاسيسه وعواطفه وأفكاره .
اما معجم سعد المظفر الشعري فهو يختلف عن معجم ايمان الونطدي الشعري فكلّ مفردات الشاعرة لا توجد عند المظفر لا في قصائده ولا في مجاميعه إلا ما جاء نادراً موسوماً بشيء من التحسس العرفاني ، فقصائده غالباً ما تخلو من تجارب أصحاب المهن فهو ليس موظفاً حكومياً ولا صاحب مهنة إلا بالقدر الذي يحتاجه ويتنامى معه مثلاً مفردة ( سوق ) في ضوء التعايش البيئي كما وردت في القصيدة .
سعد المظفر للشعر فقط دون غيره هو نفسه وروحه الذي بين جنبيه ، خياله خطب ورؤى نافذة وفكره صاف وصوره ناضجة فالبحث في معجمه الشعري يدور في نبض الشعراء بتوصيفاتهم الحسية ومحاكاتهم الفنية والرمزية الرومانسية غير المباشرة ، وبلغة إيحائية مبطنة بالجمال العفوي .
فالبحث في معجمه الشعري يدور في نبض الشعراء الرمزيين العرفانيين ( الصوفية ) ، والمفردة عنده عرفانية لها عدة تفاسير ، لها ظاهر ولها باطن ، تختلف عن مفردة إيمان الونطدي ؛ لأنّها بحكم تجربتها المهنية تربوية ويجب أن تكون المفردة عندها واضحة للمتلقي كما نحن بطريقتنا الأكاديمية في مجال التعليم .
أما الشاعر سعد المظفر فالمفردة عنده رمزية مبطنة تحتاج إلى متلقٍ ليس عادياً يفكّ شفرتها بدقة ؛ لأنّه يطير بك بخياله الواسع إلى عالم الحسيين ؛ ولأنّ عالمه خال من المهن الجاهزة ، وليس بعالم الواقع التراتبي المصنف ، فضلاً عن قلبه الذي ينقلك إلى عالم خالٍ من الشوائب .
عندما تتلمس مفرداته تجده من خلال العمق الذي يتعايش معه هو لا يمتهن شيئاً سوى تواجده بين عالم الكتب فصداقته عرفت بخير جليس في الزمان كتاب ،ولهذا تشعر منذ الوهلة الأولى في بداية القصيدة أنّ قاموسه هو البحث والتنقيب في كلّ العوالم وقد جاءت مفردة ( سأبحث عنك ) ، قالها مرة واحدة ، ولم تتكرر؛ لأنّ البحث عنده ثابت ومستقر لا يحتاج إلى تأكيد ، ولأنّ الحروف عنده منظمة ودقيقة ما تحتاج إلى تبعثر وترهل ، فهي مغنّاة على شكل قصيدة في نغم تصاعدي لهذا يقول عنها :
" لا تنفري غزلة الحروف
أغنية تنمو القصيدة
في المواسم
أيام الوداد "
كذلك يبرهن سعد المظفر عن انتقائية في معجمه الشعري مشحونة بالإختيار العرفاني ( الصوفي ) مثل ( قعر كأس ، وبقايا خمرة ، وقيامة الفراق ، وانتفاخ سديم ) ، فكل مفردة من هذه المفردات لها دلالة مشحونة بتفسير ظاهري وباطني ، ولا يريد التفسير الظاهري العائم ؛ لأنّ المتلقي يفهم أنّها بذيئة ساقطة ، أو يظن أنّ الشاعر في هوس عندما يسمع بالكأس والخمرة وغيرهما ،
بل لها تفسير باطني أبعد مما يتصور القارئ ، فقد يعيدك سعد المظفر إلى عصور ابن الفارض والحلاج يقتبس روحية المعنى وليس اجتراراً للفظ مثلاً :
( قعر الكأس يرمز إلى التواضع ، والكأس ترمز إلى الحياة أو الأنثى ، والخمرة ترمز إلى حياة الإنسان ، والانتفاخ يرمز إلى الولادة الحقيقية ،والقيامة ترمز إلى الاحتضار ، وغير ذلك ) .
2- المستوى التركيبي :
هناك أكثر من ملمح أسلوبي في قصيدة الونطدي يشكل بؤرة التوتر في الصياغة اللغوية فالشاعرة تطلب النسيان عبر مفصلين رئيسيين :
المفصل الأول :
بوساطة الظرف ( بين ) ويعني الوسطية المحصورة المقيّدة بين الأشياء ، وهي لا تصلح وحدها ، كمكون تركيبي إلا مع ( واو الجمع ) إذا أردت الكثرة ، وقد جاءت في ديباجة القصيدة وخاتمتها وهو تقييد لا مفرّ منه بمعنى الحصار والتمرد الذي يؤدي إلى النسيان المحتوم والحاصل فعلاً بدون هوادة يجرّه إلى عدمية وموت الآخر ؛ لأنّها في حالة العصيان حتى بين الصفحات وبين الرفوف والحكايات التي ترويها الأحلام بآلام وآهات ولا يبقى سوى ذكرى في دفاتر الذكريات القديمة بحسب قولها :
" سأنساك
بين أقلامي
وأحمر شفاهي
وحقيبة يدي
.......
سأنساك
بين ضجيج أفكاري
وتمرّد الواني
وظلال أحلامي
سأنساك
بين رفوف صفحات
وأقلام وحكايات
وألام وآهات
ودفتر الذكريات
سيلفظك
لأنني سأنساك "
المفصل الثاني :
بوساطة ( الواو الجمعية ) وتراكمها الأسلوبي ، فالنسيان لا يحصل إلا بانشغال الإنسان في أمور الحياة ، لهذا السبب استفادت الشاعرة من آلية العطف الجمعي في تداخل العناصر المشتركة بدلاتها على تزاحم الأمور الحياة عندها .
فالنسيان حاصل لا محالة في التزاحم ووصوله إلى بلوغ الهدف وهوالتلاشي ، انظر كيف تزاحمت صور النسيان بآلية العطف الذي يراد منه مطلق الإشراك والجمع ؟ .
فقد حصل العطف بالواو في جمع الأسماء الذي يعرف بعطف المفرد في تسع مواضع كما في قولها :
" سأنساك
بين أقلامي
وأحمر شفاهي
وحقيبة يدي
...........
سأنساك
بين ضجيج أفكاري
وتمرّد ألواني
وظلال أحلامي
سأنساك
بين رفوفِ صفحات
وأقلامٍ وحكايات
وآلام ٍوآهات
ودفترِ الذكريات "
في حين عطف الجمل ( الجمل الاسمية حصراً ) قد بلغ إلى عشر مواضع كما ورد في قولها :
"سأنساك
والفكر يوهمني
والنظرات تعاتبني
والعصيان يحاصرني
سأنساك
والبدر يهمس حديث المساء
والبنفسج يغازل أشواقي
والثواني تكتب أوراقي
سأنساك
والحلم يناديني
والأسود يعانقني
والذكرى تكبلني
واللحظات تطويني "
فالنسيان عندها أصبح فلسفة حياتية وثابتة لا تتغير وهو محصور في حيّز متفرد بظرفية ( بين ) الوسطية ، ومستمر بحرفية السين الإستقبالية في ( سأنساك ، سيلفظك )
أما البحث الجاري عند المظفر فهو مخصص بالظرف المتصرف القائم بالليل ( الليلة ) وهو تخصيص في بدأ البحث وفي عوالمه لا بظرفية النهار؛ لأنّ الليل عند الشاعر الفضاء الممدود وهو الأنيس والصاحب السمير ، فبدونه لا يستطيع بثّ تباريحه وأشواقه .
يبحث عنها في ضوء ظرفية الليل في كسل النجوم بخفوت الضياء في بداية الليل ، ومن ابتداء حيثية الظلام عبر مخاطبتها بصوت العاشق الواجد على ذلك الطيف المارّ في لحظات النعاس إذ يفتشّ عنها في مواقع النجوم ، وعند ارتشاف الظلام ضوء النجوم ، وعبر حضور الطيف ساعة الوسن ، وكأنّه سلعة بصرية كبقية العيون الباصرة ، لكنها مضنية تباع في سوق المبصرين بلا ثمن مثل إنسان أدركه النعاس فعيونه ذابلة ما بين أناس في حالة اليقضة ، كما جاء في قوله :
" سأبحث عنك
الليلة في كسل النجوم
حين ترتشف الظلام
وطيفك يبيعه الوسن
في سوق العيون بلا ثمن "
فالبحث عنده جار ممدود في ظرفية ممدودة ، وقد علّق فعل البحث ( سأبحث ) بحرف الجر ( في ) ودلالته على الظرفية المستمرة .
وقد تكرر ( في ) في خمس مواضع ( في كسل النجوم ، في سوق العيون ، في الأسود من ثياب الليل ، في ليل الجنون ، في المواسم أيام الوداد ) ، للتأكيد على استمرارية البحث في ظروف زمنية متشابهة بوساطة حرف الجر ( في ) الموجود في النص .
وآلية البحث عند المظفر جاءت منظمة ومرتبطة بمكون نحوي في نداء الآخر مستعملاً أساليب الطلب عبر وسائل متقاربة :
الوسيلة الأولى :
مخاطبة الآخر بأداة النداء ( يا ) التي تفيد مطلق النداء للقريب والمتوسط والبعيد ، وبما إنّ البحث في مواقع النجوم وفي السماء المظلمة ، لا بدّ من استعمال ( يا ) للبعد ، ولم يناديها باسمها الصريح ؛ لأنّه نداء الشعور والعواطف والأحاسيس من خلال انعكاسات الأشياء على المحبوب وهو ينادي في صومعته كالعابد يتقرب إلى معشوقه ؛ لأنّه في قلبه فلا يراه إلا في شكل الهلال الملتف كالجنين في غياهب البطون الملفوف كما يلف الهلال بثياب الليل الأسود زاهياً بلونه كاحتراق الشفاه باللون الأحمر في ليل المتهجد العاشق المفتون ، وكأنّه غابة زرقاء ؛ ولأنّ لون الغابات تبرز من بعيد بزرقة داكنة بكثافتها من الأشجار ونتيجة انعكاس ضوء النجوم وضياء الهلال المحترق في بدايته وفي قعر كأس العابد الصوفي وهو في صومعته كأنّها بقايا خمرة الحياة في قعر الكأس ؛ لأنّها تمثل عنده الحياة التي تسقي السهاد لكي يكون يقضاً من أمره دائما ، فالمحبوبة عند سعد هي الحياة بكاملها ، وقد شبّهها بخمرة العارف المتهجد في الليل وفي قعر الكأس كما جاء في قوله :
" يا نصف نصف هلال
يلتف كالجنين
في الأسود من ثياب الليل
ألوانك احتراق الأحمر كالشفاه
في ليل الجنون
وزرقة الغابات وقعر كاس
بقايا خمرة
تسقي السهاد "
الوسيلة الأخرى :
مخاطبة الأخر والبحث عنه في نفس الشاعر وبين خوالجه أشبه بالمنولوج الداخلي ، لهذا السبب حذف أداة النداء نهائياً ؛ لكي يشعر المتلقي أنّ المعشوقة قريبة من نفسه لا تبعد كثيراً فهي في أحضان قلبه يحنو إليها غالبا كأنّها طفلته المدللة وكأنّها ثمرة أو القطعة الأثرية الغالية ؛ لأنّها أقرب من الرقاد في ساحة الاحتضار ، لقد وصفها بقوله بأنّها رقاد قيامة الافتراق ، وقد حذف المسند ( المبتدأ ) في الجملة الاسمية ، لأنّها هي نفسه الذي يبحث عنها بين جنبيه التي يفتشّ عنها تلك الطفلة المدللة الغالية وكأنها قطعة عزيزة أثرية ، وهي الغانية لحسنها وجمالها الذي ينبهر من يراها لهذا السبب قد استغنت عن الزينة ، وقد استعان بمفردات الصوفيين في نقل الصورة الرمزية وإحساس الشاعر تجاه الآخر كما في قوله :
" طفلتي
غاليتي
غانيتي
رقاد... قيامة الفراق "
لذا هي باقية يتذكرها ببقاء الشاعر نفسه لتذكره النجوم ، وكأنّها ثقوب انتفاخ في سديم يدلّ على مجموعة من الكواكب في المجرة مثقل بالهموم ، وأجمل قصائد الرثاء في النوح ، كأنّها لم تلد من قبل ولم تكن موجودة ولم ينظر إليها وتشاهد من بعيد مثل السراب عبر تتابع الذكريات ، وقد ختم القصيدة بقوله :
" وتصبح النجوم ثقوبا ً
انتفاخ سديم بالهموم
كأنّها رثاء
كأنّها لم تكن
والذكريات سراب "
في حين كان البعد الطلبي الآخر يضاف إلى أسلوب النداء بوسائله الظاهرة والمحذوفة من وجود النداء وحذف النداء ، لقد حقق الشاعر مطلباً آخر عبر وسائل المخاطبة فالمظفر لا يقبل بالنداء وحده وسيلة طلبية ، ربما يشكل عنده نوعاً من الصمت ، فلا بد من أشعار المتلقي أنّ هناك صوتاً آخر موجود معه يأنس ويحدثه ؛ لأنّ البحث عنه مستمر ؛ ولكي يجعل الحوارية تامة عن طريق السؤال والجواب راح يطلب منها البقاء بزمن ممتد ؛ لأنّها بالحقيقة انتظام الحروف ، وكأنّها وشائج المغزلة المنتظمة ، ولأنّها نمو القصيدة في لحنها التي تطربه وهي غنّاء في مواسم أيام الوداد تلك الأيام الهانئة وهذه إشارة إليها بأنّها ودودة ولطيفة أيام الإشراق .
وقد استعمل أسلوب النهي ويراد به ترك العمل ، لأنّه يطلب منها بعدم الذهاب منفرة بقوة البحث والتفتيش ، ولأنّها موجودة في القلب وفي كل مكان فلا تنفري مني بالابتعاد كالدابة النافرة الناشزة ذات نفار كما جاء في قوله :
لا تنفري غزلة الحروف
أغنية تنمو القصيدة
في المواسم
أيام الوداد "
استفاد المظفر من ظاهرة الحذف في اللغة في التخفيف من العناصر اللغوية ، وهذا ديدن الشعراء العرفانيين ( الصوفيين ) بحذف الأهم ، لأنّه قريب من أنفسهم كما في قوله :
" أغنية تنمو القصيدة " ، والتقدير : أنت أغنية تنمو القصيدة
وأيضاً قوله :
" رقاد قيامة الفراق " ، والتقدير : أنت رقاد قيامة الفراق
وفي ندائها ( طفلتي ، غاليتي ، غانيتي ) حذف اداة النداء ، لأنّ المعشوقة قريبة من نفس الشاعر يعيش معه في قلبه وكيانه ، وهو يراها كالنجم في ثبات نوره والهلال في احتراقه .
فضلاً عن ذلك استثمار مخاطبة الآخر بصفاته وليس باسمه لإبراز محاسن المحبوبة بشيء من صفاتها المعنوية لا بصفاتها الجسدية كما في قوله :
" طفلتي
غاليتي
غانيتي " وقد حذف أداة النداء كما قلت آنفاً ، ولا تحذف إلا في مجال التدلل والدلال المفرط والغنج وترقيق الألفاظ للتخفيف من الآلام ؛ لأنّها عزيزة مدللة مشرقة بحسنها ، وكأنها طفلة ، ليس لها ثمن مشاحة بحسنها الطبيعي بدون زينة .
ومما سجل أيضا ملمحا أسلوبياً اسلوب التكرار الحاصل في قصيدة الونطدي لقد استعانت بهذه الظاهرة بصورة لا شعورية في حشد الطاقة بصورة التحدي انسجاماً مع سحر الألوان عندها وتكرار الفعل ( سأنساك ) في سبع مرات في كل فقرة من القصيدة ، وهذا دليل على أنّ التحدي ممتد إلى أبعد الحدود بما تمتلك من قوة الإرادة والشجاعة وريادة الموقف .
في حين التكرار عند سعد المظفر لم يأخذ أبعاده اللاشعورية ، بل كان تكراراً يقينياً بالمفردة الواحدة في بيت واحد من أجل حشد التصوير وتقوية المجاز الاستعاري في قوله ( يا نصف نصف هلال ) بالرغم من أنّ البحث عن الآخر ممتد إلى زمن المستقبل في الفعل ( سأبحث عنك )
4- البنية الإيقاعية :
القصيدة عند الونطدي مقيّدة بقوافي متشابهة مثلاً :
تكرار الكاف في ( أنساك ) أكثر من مرة
والياء في الكلمات في ( شفاهي ، يدي ، أفكاري، أحلامي )
والياء مع حرف الروي النون ( يوهمني ، تعاتبني ، يحاصرني ، يناديني ، يعانقني ، تكبلني ، تطويني ، الواني )
والياء مع حرف الروي الميم ( أقلامي ، أحلامي )
والياء مع حرف الروي القاف ( أشواقي ، أوراقي )
والتاء مع الألف ( صفحات ، حكايات ، آهات ، الذكريات )
والهمزة الممدودة منفردة في ( المساء )
وهذا دليل على تأثر الشاعرة إيمان الونطدي بفن الأزجال والموشحات في الأدب المغربي المعاصر ، وقد أشرت من قبل إلى هذا الفن وهي متأثرة تأثراً فنياً من حيث بناء القصيدة النثرية بفن الموشحات وبالخصوص القصيدة الزجلية في الموروث الشعبي في الأدب المغرب العربي ، لأنّها من البارعات في نظم القصيدة الزجلية المغربية .
والمتتبع لباكورة نتاجها الشعري يجد أغلب قصائدها مبنية من حيث التشكيل الإيقاعي على هذا النمط .
انظر إلى قصيدة ( بقايا كلمات ) من الديوان ( ص 58 – 59 )
لاطفتني
عانقتني
ثم ضمّتني
بقايا كلمات
خاطبتني
كلّمتني
ثم سحرتني
بقايا كلمات
حاصرتني
داعبتني
ثم غازلتني
بقايا كلمات
خلف مرآة
أهدتني
شبه باقات
ومع النسيم
أسمعتني
بضع همسات
بقايا كلمات
شردتني
ضيعتني
دمرتني
إذ توهمت يوماً
أن لي
كل الكلمات ،
فكان شتاتي
بين بقايا كلمات " وغير ذلك في الديوان .
وهذا ليس عيباً بل هو ملمح أسلوبي في تشكيل قصيدة إيمان الونطدي نتيجة تأثرها بفن الزجل المغربي والقصيدة الزجلية التي استأثرتها في قصائدها ، وقد أشرت سابقاً في مقالة خاصة عن هذا الفن وقد نشرت بعنوان ( ملامح فن الزجل في الأدب المغربي المعاصر والعودة إلى التراث قصيدة ( مرا ثايرا ) مثالاً للشاعرة المغربية إيمان الونطدي ) .
في حين البنية الإيقاعية عند سعد المظفر فيها القافية مرسلة ؛ لأنّ القوافي عنده متنوعة تجري على التخالف والتناظر والتشابه ، كما تجري القافية في قصيدة الشعر الحر ( شعر التفعيلة ) ، لأنّ المظفر من بيئة بصرية ومن جنوب العراق وأثر القصيدة الحرة في شعره واضح وبارز على الرغم من أن أغلب قصائده نثرية إلا أنّ مواطن التأثير فاعلة في قصائده .
مثلا تتواجد القوافي المتشابهة الموحدة :
كالميم في ( النجوم ، الظلام ، المواسم ، هموم)
والنون في ( الوسن ، ثمن ، الحنين ، الجنون )
واللام في ( هلال ، الليل )
والدال في ( السهاد ، الوداد )
والياء مع حرف الروي التاء ( طفلتي ، غاليتي ، غانيتي )
فضلاً عن القوافي المنفردة :
كالكاف في ( سأبحث عنك )
والهاء في ( الشفاه )
والسين في ( كأس )
والفاء في ( الحروف )
والقاف في ( الفراق )
والهمزة في ( رثاء )
والياء في ( سراب )
5- الصورة الفنية :
الصور الفنية عند إيمان الونطدي هي محاكاة للعقل والفكر فتبدو غالباً معنوية ؛ لأنها تخاطب العقل أكثر من القلب وهي تنطلق من واقع عملها المهني بوصفهاً استاذة تربوية ، وهذا ليس قصوراً في شعرها ، بل برهنت على أنّها كيف تنقل لنا تجربتها الإنسانية من واقع عملها الوظيفي ؟ ولم تستثمر الجانب المجازي بكل طاقاته إلا بحدود المجاز الإستعاري في تشخيص غير العاقل ، بمعنى أنّها أنسنت الأشياء العقلية ( غير الحسية ) مثل ( إيهام الفكر ، معاتبة النظر ، محاصرة العصيان ، وكتابة الثواني ، ونداء الحلم وتقييد الذكرى ، وطوي الزمن ، ضجيج الأفكار، ونطق دفتر الذكريات )
وكذلك على مستوى التعبير الحسي في التوصيف الرمزي ، نجد المجاز الاستعاري يتركز في ( إحمرار الشفاه ، همس البدر ، ومغازلة البنفسج للأشواق ، ومعانقة الأسود ، وتمرد الألوان ، وظلال الأحلام )
ونستنتج من ذلك أنّ صورها الفنية قد امتازت بالرمزية العقلية المباشرة إلا في حدود الحالة الوصفية الحسية من استثمار الأشياء الحسية كما ذكرت ، وأيضاً استفادت من الحس الجمالي في نقل الصورة حسياً ، ولا سيما في فلسفة الألوان كـ( احمرار الشفاه ) الذي يدلّ على النشاط وانبساطية عالية بروحية وحيوية الشباب ، فضلاً عن الإحساس بالحب وامتلاء الحياة بالعاطفة المتوثبة والشجاعة والريادة في تحمل الصعاب .
وكذلك تداعي لون البدر وهي لا تشير إليه صراحة إلا أنّ المتلقي يشعر به وهي تنظر إليه بدلالته إلى الانشراح والإشعاع .
وكذلك في مغازلة البنفسج للأشواق المتدفقة فهي صورة رمزية رائعة في قمة الإبداع ، لقد استثمرت هذا اللون بدلالته على مثالية المرأة وبراءتها مع حساسية نفسية مفعمة بالشعور الجذاب .
وكذلك معانقة الأسود والعناق هو لفّ الأيدي حول الأشياء واحتضانها بحنان مفرط ، لكن هذا اللون لا يخلو من الحزن الشديد المطوّق ، ربما لأسباب تجارب حياتية نجهلها ، لكن النص مغلق لا تريد الشاعرة أن تفصح عن هذه المعاني إلا الاستشفاف به من حزن دائم وخوف من المجهول فضلاً عن اكتناف الشخصية شيئاً من السرية والغموض .
أما الصورة الفنية عند سعد المظفر فهي غاية الإبداع منذ الوهلة الأولى فقد امتازت صوره الشعرية كلّها بالرمزية الرومانسية غير المباشرة ، فضلاً عن إدخال الرمزية في حالة التوصيف الحسي ، مستفيداً من عرفانية المفردة في مخاطبة العقل الباطني مما يجعله في درجة شعراء العرفانيين ( الصوفيين )
كاستفادته في تجزئة الأشياء من أجل الدلالة على الكلّ كقوله :
" يا نصف نصف هلال "
وكذلك استثماره من معانيهم الباطنية في قوله :
" وقعر كأس
بقايا خمرة تسقي السهاد
....................
رقادِ ... قيامة الفراق
وتصبح النجوم ثقوباً
انتفاخ سديم بالهموم "
وقد أشرت إلى معاني المفردات هذه سابقاً ، لقد وظف أساليب البيان من أجل أغناء صوره الشعرية بالجانب البلاغي، وهذه مميّزات فنية خاصة بشعره وهي حقيقة ملموسة للقارئ النموذجي و العادي .
مثلا توظيفه الصور التشبيهية مستعملاً أركان التشبيه من مشبّه ومشبّه به وأداة التشبيه ( الكاف ، وكأنّ ) كقوله :
" يا نصف نصف هلال
يلتف كالجنين
في الأسود من ثياب الليل
ألوانك احتراق الأحمر كالشفاه
في ليل الجنون "
وكذلك قوله :
" وتصبح النجوم ثقوباً
وانتفاخ سديم بالهموم
كأنّها رثاء
كأنّها لم تكن
والذكريات سراب "
وأيضاً توظيف الصورة الكنائية في قصيدته كما في قوله :
" سأبحث عنك
الليلة في كسل النجوم " كنى عن خفوت ضياء النجوم
وكذلك " وطيفك يبيعه الوسن
في سوق العيون بلا ثمن " كنى عن النجوم الكثيرة
بثياب الليل عن الستر والوقاية
وبزرقة الغابات عن كثرة الهموم
وبالكأس عن الحياة الصافية
وبالخمرة عن حياة الإنسان
وبغزلة الحروف عن انتظام القصائد
وبطفلتي عن محبوته المدللة
وبغاليتي عن قطعة أثرية
وبغانيتي عن الجمال الطبيعي
وبقيامة الفراق عن احتضار الروح
وبانتفاخ السديم عن ولادة النور
أما عن المجاز الإستعاري - الصورة الاستعارية - فقد بلغ ذروته قي سلم التوليد والابتكار في المعاني الجديدة ، مثل ارتشاف الظلام ضياء النجوم كما يرتشف العاشق لمى معشوقته في قوله :
" سأبحث عنك
الليلة في كسل النجوم
حين ترتشف الظلام "
وتجارة النعاس بطيف المحبوبة في سوق العيون في قوله :
" وطيفك يبيعه الوسن
في سوق العيون بلا ثمن "
وتثقيب النجوم بالسماء وهي مثقلة بالهموم كانتفاخ السديم وهي بقع سحابية متوهجة أو مغيمة في الفضاء ناتجة من تكاثف أو تصادم عدد لا يحصى من الأجرام السماوية .
وأظن أنّ الشاعر قد أعطى سبباً معقولاً وتعليلاً حسناً لتثقيب النجوم نتيجة انتفاخ السديم ، وقد سجّل حضوراً بارعاً على مستوى علم البديع في حسن التعليل وهو من المحسنات المعنوية .
وهذا يدعوننا إلى أن نتلمس المبالغة الفنية في شعر سعد المظفر لكي يكون في ريادة الوصف الحسي والمعنوي معاً وقدرته على التوليد والابتكار في المعاني كما قيل سابقاً ( إنّ أعذب الشعر أكذبه ) ويراد به الكذب الفني .
في حين برز المجاز الاستعاري في التفاف الهلال وهو وصف للحبيبة في ظلام الليل كالجنين عندما يكون في ظلمات البطون ولا يقبل بذلك بل يمازج ويداخل الأشياء الحسية مع الأشياء المعنوية ليصنع منها صوراً مركبة كقوله :
يا نصف نصف هلال
يلتفّ كالحنين
في الأسود من ثياب الليل
ألوانك احتراق الأحمر كالشفاه
في ليل الجنون
وقعر كأس
بقايا خمرة تسقي السهاد "
فضلاً عن رمزية الألوان وهي من مكملات التصوير الشعري عنده ، ربما كان اللون الأسود هو من ثمرات حياته التي تميزت به قصائده بكثرة وهو لون عائم على شخصية الشاعر مما جعل له انطباعاً وبصمات على شعره ويتناغم معه اللون الأزرق ، وهذا دليل على العمق الجاذب والهدوء العاطفي والاسترخاء والحاجة إلى الراحة لما يحمل من آلام كثيرة وكبيرة قد مرّت عليه لكنه لا يرضى بهذين اللونين مهيمنين على حياته بالدرجة الأساس فدائما يتطلع إلى اللون الأحمر ؛ لأنّه القوة والشجاعة والريادة ومتضمن كلّ معاني الحب والعاطفة المتوثبة الجياشة ، مما تشعر منه بشخصية تشع نشاطاً متميزاً بحيوية الشباب وانبساطية وتواضع مستمر لا حسداً عليه ، وإنما من باب الغبطة والفرح والسرور.
ومن هنا يمكن أن نرى مدى الانسجام والتوافق في التعبير الحسي بالألوان ومدى الاختلاف بدرجة أقل لكلا الشاعرين ، وربما نفهم السرّ الأكبر في تشابه الناس في تجاذبهم فيما بينهم بالأوان واختلافهم كذلك .
وختاماً أرجو أن لا تكون هذه الجولة الأدبية قد سئم منها القاريء بل أرجو منه أن يستمتع برحابة صدر للوقوف على مواطن الالتقاء والاختلاف بين الشاعرين ومعرفة المزايا الفنية وقد تعرف في نهاية المطاف على أحد مناهج التحليل النقدي لا سيما منهج الأسلوبية المقارنة ، والله ولي التوفيق .
روافد المقالة :
*الحوارية الشعرية بين إيمان الونطدي وسعد المظفر ، مدونة الكترونية منشورة في مركز النور بتاريخ 15/04/2011 قراءات : 142 .
*فالحلم نشوة عابرة ( ديوان شعر ) ، إيمان الونطدي ، المطبعة طوب بريس ، الرباط ، المغرب ، ( د . ت ) .
* ملامح فن الزجل في الأدب المغربي المعاصر والعودة إلى التراث قصيدة ( مرا ثايرا ) مثالاً للشاعرة المغربية إيمان الونطدي ، د. مرتضى الشاوي ، مقالة منشورة في مركز النور بتاريخ 15 / 5 /2011م ، قراءات : 54 .
د . مرتضى الشاوي
2011م = 1432هـ
حوارية شعرية بين إيمان الونطدي و سعد المظفر
سأنساكَ
سأنساكَ
بينَ أقلامي
و أحمر شفاهي
و حقيبة يدي
سأنساكَ
و الفكرُ يوهمني
و النظراتُ تعاتبني
و العصيانُ يحاصرني
سأنساكَ
و البدرُ يهمسُ حديثَ المساء
و البنفسجُ يغازلُ أشواقي
و الثواني تكتبُ أوراقي
سأنساكَ
و الحلمُ يناديني
و الأسودُ يعانقني
و الذكرى تكبلني
و اللحظات تطويني
سأنساك
بين ضجيجِ أفكاري
وتمرّدِ ألواني
وظلالِ أحلامي
سأنساكَ
بين رفوفِ صفحات
و أقلام ِوحكايات
و آلامِ و آهات
و دفترِ الذكريات
سيلفظُك لأننّي
سأنساكَ
إيمان الونطدي

سأبحثُ عنكِ
سأبحثُ عنكِ
الليلةَ في كسلِ النجوم
حين ترتشف الظلام
وطيفك يبيعه الوسن
في سوق العيون بلا ثمن
يا نصف نصف هلال
يلتفُّ كالجنين
في الأسود من ثياب الليل
ألوانُكِ احتراقُ الأحمر كا لشفاه
في ليلِ الجنون
وزرقةِ الغابات
وقعرُِ كأسٍ
بقايا خمرةٍ تسقي السهاد
لا تنفري غزلة الحروف
أغنية تنمو القصيدة
في المواسمِ
أيام الوداد
طفلتي
غاليتي
غانيتي
رقاد...
قيامة الفراق
وتصبح النجوم ثقوباً
وانتفاخ سديم بالهموم
وكأنَّها رثاء
كأنَّها لم تكن ...
والذكريات سراب !!!
سعد المظفر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نسيان الاخر و البحث عنه في حوارية ايمان الونطدي و سعد المظفر الشعرية الد كتور مرتضى الشاوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خربشات الثقافية :: خربشــــــات منقولة :: خربشات فكرية منقولة-
انتقل الى: