وردة الاهانة ...رواية-2-

موضوع: وردة الاهانة ...رواية-2- 22/10/2011, 8:23 pm

وردة الاهانة...

رواية
خالد الصلعي
*2*

التقاني صديقي محمد في "البارادا" ، الشارع الرئيسي لبني مكادة الأم ، في يوم الثلاثاء ،وأنا عائد من مقهى "الرايس" ، باغثني دون تحية او سلام :
- هناك مباراة ستجري خلال أسبوعين .
-عن اي مباراة تتحدث ، الموسم الكروي انتهى ، في جميع دول العالم ؟ .أجبته بتلقائية .
ابتسم ابتسامة عريضة ، وصحح فهمي :
-لا ليست مباراة كرة القدم ، انها مباراة وظيفية ، وزارة الداخلية ستجريها في سلك المحررين .
ابتسمت بدوري لشطح فهمي ، ثم أردف قائلا :
-هل ترافقني الى العمالة -المحافظة- لملء الاستمارة ، انها فرصتنا يا خالد .
كلنا يعرف حساسيتنا تجاه وزارة الداخلية ، فالشعب لا يرهبه شيئ أكثر من هذه الوزارة ، ونحن المتعلمون الجامعيون لنا حساسية خاصة تجاهها ، فاسم "وزارة الداخلية " مرتبط في الذاكرة الجماعية ،بالدم والاعتقالات والاختطافات والتزوير والظلم ، انه باختصار اسم لايشرف .والانتساب اليه اهانة ضد مفهوم الانسان ، كحرية واستقلالية . واسم وزارة الداخلية يكاد يقترن باسم الشيطان .
ابتسم في وجهي وهو يقرأ ما يدور في داخلي ، من خلال تركيزه على عيني ، وقال لي :
-اسمع يا خالد ، ان الوظيفة تتعلق بالتحرير ، ونحن سنكون اداريين ، ولا علاقة لنا بالشعب ، ولن نحتك به ، ولن ندخل سلك رجال الشرطة او المخابرات ، ثم ان فرص العمل كلها منعدمة ،......توقف وانفجر ضاحكا قبل ان يكمل :
ثم هل تجاوزنا الامتحان وتم قبولنا ، اعتبرها مجرد لعبة ، أو تسلية .
ربت على كتفه ، وأنا موزع بين القبول ،أو الرفض ، فالقضية صعبة حقا ، والواقع أصعب ، والدين ثقيل .
سهل ان يقنع الانسان نفسه ، حتى وان اختار أن يكون شيطانا ، الانسان كائن خلق ليعيش بين السماء والأرض ، وهو يقع بين حدي الألوهية والشيطانية ، فهو يستطيع تجاوز حديه الكونيين ويخترقهما ، كما أنه قد يتلبس صفات الاهية ، وقد يتلبس صفات شيطانية .
وأمثالنا عليهم التضحية بكل المفاهيم والمعتقدات ،لامكان في واقع مادي للمثاليات ، فالدين ثقيل ،و الالدين ينتظران نتائج غرسهما . والشواهد الورقية لاتجلب طعاما ولا ماء، بل ترتد في بعض الأحيان ، وصمة عار .
كان نهارا مشمسا ، والمكان الذي نحن فيه مكان منخفض ، محاط بمجموعة من البنايات ،الاسمنتية ، مما يضاعف درجة الحرارة فيه أضعافا اضافية ، على بعد عدة أمتار يقع مفترق طرق كان الاسبان قد أقاموه لتسهيل عملية المرور في هذه المنطقة ، أيام استعمارهم للجانب الشمالي من المغرب . وان كانت طنجة قد شهدت وضعا مختلفا عن باقي مناطق المغرب في ظل الاستعمار ، حيث كانت منطقة دولية .
السيارات تعبر ،من الجانبين ، والباعة الذين يفترشون سلعهم فوق الرصيف بدأوا يعرضون بضائعم ، النقاشات الحادة المختلطة بالقهقهات العالية تخرج من مقهى "الزجاج " ، أم تضرب طفلها أمام الملأ ، لأنه يريد باصرار كبير شراء احدى اللعب ، لكن يبدو أن الأم ليست على استعداد لتلبية رغبته : ربما لنقص في السيولة ، او لاستراتيجية تربوية . الغبار الذي تهزه الريح الخفيفة ، مكون أساسي من مكونات استنشاقاتنا ،يتراقص حولنا بكل صلف .
اتفقنا على أن يمر علي غدا بعد أن نجهز الوثائق المطلوبة ، لاجتياز المباراة . وافترقنا .
محمد وأنا واحمد وعبد الرحمان وسعيد ، أبناء منطقة واحدة . نعيش نفس الظروف تقريبا ، وان كنت أختلف عنهم في شيء واحد ، كوني وحيد أبوي ، وهم كلهم لهم اخوة يفوق عددهم الخمسة . وكلنا كنا ندرس في نفس الجامعة-عبد المالك السعدي بتطوان- ونفس المادة - الأدب العربي- لكن ميولنا مختلفة طبعا ، انا وأحمد كنا مهتمين بكتابة الشعر ، وعبد الرحمان كان مهتما بالنقد والفكر ، ومحمد وسعيد كانا يهتمان بالنجاح فقط .

موضوع: رد: وردة الاهانة ...رواية-2- 17/8/2012, 2:25 am

للقصة أو الرواية لوازمها ككل الروايات من شروط موضوعية وشخوص وحبكة درامية
وهومايتوفر عليه هذا النص من الرواية في جزئها ال 2- غير أن المخلف الجوهري - هو نوع الأحداث السردية
ومن العجيب هنا إجماع الوعي الشعوبي العربي على حالة واحدة - ألا وهي حكاية العمل في سلك الأمن ووزارة الداخلية
التي ارتبط صيتها بما وصفته الرواية من الدماء والمعتقلات ووو - الشيئ الكثير
لكنني أرى كمواطن عاقل - لا كعربي فحسب
لماذا هذه الصورة القاتمة عن العمل الأمني والإستخباراتيْ في وطننا العربيْ ؟؟؟
يظل الأمر متعلقاً بالسلبية على الدوام
نعم ربما ذلك جراء الأنظمة البغيضة التي سادت وتسود عالمنا العربيْ
وإلا فالعمل في سلك حماية القانون وردع الجريمة عمل رساليْ - لو رشح له الأكفاء من الخيرين والوطنيين

شكرا للراوي الكريم هذا العمل السردي الشفيف مع الذات الملامس لأحاسيس النفس السوية
ولك دوام الود , وعشت متألقاً