وردة الاهانة ...رواية -ج-3-

موضوع: وردة الاهانة ...رواية -ج-3- 23/10/2011, 9:29 pm

وردة الاهانة

رواية

خالد الصلعي

*3*

لم يكن قد مر على اجتيازنا الامتحانات الجامعية النهائية الا أسبوعا واحدا ، وما زلنا نعيش أجواء ترقب النتائج في توتر وقلق كبيرين ، كعادتنا .
فرغم كوني لم أجرب طعم الرسوب في حياتي ، الا أن أجواء القلق كانت طقسا ملازما لي ، بل لنا جميعا . الخادم العادي متوتر وقلق على مصيره ، اذ في كل لحظة هو معرض للطرد ، الطالب أكثر الناس تعرضا للقلق والتوتر ، فالمستقبل منعدم والآفاق مسدودة ، الفتيات مريضات من خوفهن على مستقبلهن ، وكلهن ينتظرن عريسا من المهاجرين ، كي ينقذهن من عريس محلي هو في حكم المفلس .
أصبح القلق في حياتنا يشكل جزء قارا من هويتنا ، نحن أبناء الطبقة المسحوقة ، لاشيئ يسير على طبيعة سنن الكون والحياة ، تم تدجين قوانين الحياة هنالك عند الطبقة المسيطرة على خيرات البلاد وعلى كل شيئ فيه ،برا وبحرا وجوا . منفذ واحد قد ينقذك من عبث الضياع المجاني ، أن تدخل مغامرة "الحريك" -الهجرة الى الضفة الاسبانية ، وهي نفسها محفوفة بكمية هائلة من شحنات القلق . فقد لا يسعفك الحظ فتصير غذاء ثمينا لقاع البحر وأسماكه .
كأن قدرنا خط مستقيم لاتعرج فيه ولا انحرافا ، ولا التواء ، لا نتوءات ، ولا تشكلات هضبية أو مرتفعات . مجرد خط مستقيم طويل ، يبدأ بلحظة الولادة وينتهي عند لحظة الموت . أقصر الطرق المؤدية الى الهاوية .
وأي تعثر في التعليم ، هو بمثابة استعجال للهاوية !!!!!!
بعد جمعنا للوثائق الادارية البسيطة ، عقد الازدياد ، نسخة من شهادة السنة الثانية جامعي ، نسخة من البطاقة الوطنية ،وصورتان .ذهبنا الى مقر العمالة، لتقديم ملفنا ،أنا ومحمد ، وملأنا الاستمارة .
تمر الأيام كليلة وبطيئة في انتظار نتائج الامتحانات ، انها السنة النهائية ، سنة الحسم ، شهادة اثبات الذات ،ولو وهميا ، شهادة الخروج من جنس القطيع . للمثقف وضع اعتباري رغم كل أصناف التهميش والاقصاء واللامبالاة . فأن يحصل فرد من منطقة بني مكادة على شهادة الاجازة-الليصانص- فذاك انتصار عظيم على واقع تافه .
أن تفوز بانتصار معنوي خير من ان تظل أبدي الانهزام . شيئ قد لاتفهمه أو تدركه في بعده الفلسفي الثري ، لكنك تحسه ، في مجتمع تسعون في المائة من أبنائه أميون ، فبالاضافة الى السبعين في المائة من أميي الأبجدية ، فان العشرين الاضافية برغم فكها لشفرات الكتابة والخط ، فانها عديمة الثقافة .
والدولة أقفلت كل القنوات والمنافذ في وجه الجامعيين ، وبدأ المجتمع يعرف بطالة نوعية ، لم يكن يعرفها قبل عشر سنوات ، بطالة أصحاب الشواهد العليا ، ولم تكترث الدولة لهذا الخطر الداهم ، ولهذا العار الدائم ، بل عملت بحرفية شيطانية على فتح قناة واحدة لاتؤدي الا الى حضنها ، لامتصاص ذوي الكفاءات والقادرين على التعبير عن مواضيع قد تؤرقها اذا ما انضموا الى أحزاب معارضة ، تنغص عليها بين الحين والحين هناءتها ، وترج دعتها . وامتصاصها هذا يكلف أقل الأسعار والتكاليف ، فالمناصب العليا مخصصة ومضمونة سلفا للمحظوظين من أبناء السياسيين الكبار ، وأبناء كبار الموظفين ، وابناء العائلات الميسورة ، وذوي الامتيازات ، ودافعي الرشاوى وووووووووووو .
لاشيئ يخرق منطق الزبونية والمحسوبية والرشوة والتوريث .
تشكيل اجتماعي ثابت ، وأي محاولة لخلخلته ، هو خروج عن طاعة أولي الأمر المر ،حسب تفسيرات فقهاء مواسم الافتاء.......

أكتفي هنا بتسجيل إعجابيْ بك روائياً شاعراً
دمت أيها الكريم متألقاً , مع مودتيْ