وردة الاهانة...رواية-5-

موضوع: وردة الاهانة...رواية-5- 26/10/2011, 9:24 pm

وردة الاهانة

رواية

خالد الصلعي

*5*

-انهض يا خالد ، انهض يا ابني ، يا رب أعنا على تجاوز هذه المحنة ...
تضرعت في الفراغ ، ربما لم يشتجب لدعائها ، لحكمة ما .
كان الفطور معدا فوق الطيفور ، بيض مقلي في زيت الزيتون ، وبراد شاي ، وقطعة خبز . أكلت قليلا ، لأني لم أستطع أكل المزيد كعادتي . أخذت والدتي تحظني وتترجاني لآكل أكثر ، لكني لم أستطع ، كانت معدتي عاجزة عن استقبال المزيد .
صعدت والدتي الى غرفتي ، وجلبت ملابسي ، وطلبت مني تغيير الملابس التي نمت بها ، لأننا سنزور طبيبا مختصا بأمراض الرأس .
عندما خرجنا نحو الزنقة ، لم تكن هي نفسها الزنقة التي عشت فيها ، والتي عرفتها قبل اليوم ، بدت لي ضيقة والمنازل المقابلة لبعضها ،تلك التي يفصلها الشارع تكاد تلتصق ببعضها ، بعض المارة الذين يعبرون الزنقة ليسوا في نفس أحجامهم الطبيعية ، يبدون بأحجام صغيرة . هل هو مجرد حلم أم هو واقع ؟ .
من كان اذن يعقد المقارنات بين الأحجام الطبيعية والأحجام ، التي رأيتها ؟ ولماذا كانت تلك الصور التي كنت أراها تختزل في ذهني بين صور راهنة وصور قديمة ؟ أي ميكانيزم وأي عضو كان المسؤول عن هذه اللخبطة وعن هذا التداخل ؟
ركبنا سيارة الأجرة ، ووجهتنا المدينة ، ونحن أهل طنجة كنا نطلق على وسط المدينة لفظ"المدينة " لأنها كانت تحتوي على جميع المرافق الحيوية ، من دور سينما ومكتبات ، وصيدليات ، ومقاهي راقية ، وشوارع واسعة ، وفنادق ذات خمسة نجوم ، وتلك غير المصنفة ، ودار الشباب ....وغيرها من المرافق الحضارية .
أوقف السائق سيارته قبالة عيادة لاختصاصي في أمراض الرأس ، وقال لوالدتي التي طلبت منه عندما ركبنا ،أن يأخذنا لطبيب ذي خبرة عالية في أمراض الرأس ، لم تتمالك نفسها في سرد حادثتي للسائق الذي سرعان ما تعاطف معنا ، ودعا معي بالشفاء العاجل بعد أن قال لوالدتي :
-مرض غريب هذا سيدتي ، لأول مرة في حياتي أسمع رأسا يصطك ويحدث طرطقات ، على العموم ، شافاه الله . وهذا الطبيب اسباني وهو طبيب مقتدر ، ونرجو الله أن يجد على يديه شفاء عاجلا .
توجهنا نحو العيادة بعد أن سددت والدتي فاتورة التاكسي ، فتحت لنا فتاة محتجبة الباب ، واستقبلتنا بطيبوبة جمة ، وبعد أن أخذت جميع البيانات ، انتظرنا دورنا . لم يكن بقاعة الانتظار غير مريضين ، امرأة في سن الخمسين يرافقها ابنها ، وفتاة صغيرة في حضن أبيها . استندت على الكنبة ، ولم أصح الا وأمي تهزني برفق وتناديني باسمي .
دخلنا عند الطبيب ، وبعد ان قدمتني أمي له ، وحكت له ما أصابني ، بدت على وجهه علامات الحيرة والاندهاش .
وجه الي أسئلة مباشرة ، من قبيل ، كيف حدث لك هذا ؟، ومتى بدأت تحس به ؟، وما درجة الآلام ؟ وهل تستعمل المخدرات ؟ وخاصة الأقراص المهلوسة ؟ .
أجبته بم كنت أتوهمه أجوبة صحيحة ، لكني أبدا لم أستعمل الأقراص المهلوسة ، فأنا موظف تابع للحكومة ، قلت له متباهيا بهويتي .
-سنرى .
قال لي وعلامات اليأس بادية على وجهه ، أخذ يفحص أنفي وفمي ، وأذناي وعيناي ، ودقق فحوصاته ، مرة أخرى ، كأنه يحاول البحث عن شيئ غير موجود ، أو كأنه يريد الاطمئنان من جهته على أنه قد قام بما عليه أحسن قيام .
توجه بخطابه الى أمي وكأني أنا المريض المعني بالأمر شخص غير مؤهل لسماع وعقل ما قد يقوله . أطرقت رأسي للأرض وأنا أهضم بعسر شديد ما يحدث لي . هل انتهيت الى هذه الدرجة ؟ حتى شروحات وتفسيرات الطبيب التي تعنيني أنا قبل أمي ، لم يكلف الطبيب نفسه عناء توجيهها الي .
انني وسط مصيبة لا يعلم بها أحد غير الله وحده ، أنا نفسي لا أدرك حجمها ، لكن تغيرات مظاهر البنايات والناس وكلام السائق وحركات الطبيب ،كلها مؤشرات واضحة على دخولي مرحلة ميؤوس منها من وجودي .
قدم الطبيب لوالدتي وصفته الطبية وأوصاها بعيادة طبيب نفساني ، ربما كانت الأسباب نفسانية ...قال لها الطبيب الاسباني واسمه كان خوصي لويس لوركا . عيادته قبالة صور المعجازين . -صور الخاملين -في أهم شوارع طنجة .

موضوع: رد: وردة الاهانة...رواية-5- 17/8/2012, 1:29 am

فعلا إنها قصة سرد ذاتية
وإنها ذات حبكة درامية
ويكاد مضمونها في هذه الأجزاء ينحصر في مسألة المرض
ولكن الأسلوب الدرامي الروائي هو مايشدني إليها
سوف أتابعك حتى النهاية
دمت بود