خربشات الثقافية
وردة الاهانة....-6- Eniie10

خربشات الثقافية
وردة الاهانة....-6- Eniie10

خربشات الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
Kharbashatnetالبوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء

 

 وردة الاهانة....-6-

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
khalid salai

khalid salai


ذكر
المواضيع والمشاركات : 86
الجنسية : مغربي
تاريخ التسجيل : 16/06/2011

وردة الاهانة....-6- Empty
مُساهمةموضوع: وردة الاهانة....-6-   وردة الاهانة....-6- Uhh1028/10/2011, 8:46 pm




وردة الاهانة........


رواية


خالد الصلعي





*6*

لم يكن أبي حاضرا ، وهو المنذور للغياب الأبدي في أسفار لانهاية لها ، عبر طرق المغرب الضيقة . طنجة نقطة الانطلاق الى جميع أنحاء المغرب . ليس على سائق حافلة نقل المسافرين الا أن يخضع لمنطق الغياب عبر طرق قد لايعثر فيها يوما ما عن دليل العودة الى بيته ، الى زوجته ، لا لشيئ الا لأجل لقمة خبز شريفة تعهد على توفيرها لأسرته وان ركب الأهوال .
قد يسافر الى فاس أو الدارالبيضاء، أو الى مراكش أو الى الناظور . لا وجهة محددة ، كما ورقة شجرة ذابلة تطوحها العواصف والرياح أينما شاءت ، فتقتلع منها في كل تطويح قليلا من جسدها ، الى أن تنتهي في تطويح أخير الى اللاشيئ .
والدي الآن في مدينة الناظور أقصى الشمال الشرقي للمغرب ، وبين الذهاب والاياب علينا أن نفتقده 72 ساعة ،ثلاث أيام ، وهو الآن لا يعلم ما حل بي . ما زالت نشوة جهده وعرقه وكفاحه الذي أثمر ابنا موظفا في سلك وزارة الداخلية تستحوذ عليه .
نحن الطبقة الكادحة يتملكنا فهم خاطئ ومشوه لكل قطاعات الدولة ، وخاصة وزارة الداخلية ، وكأن من حالفه الحظ وحظي بعمل في قطاع من قطاعاتها المتعددة وغير المحصورة ، قد صار في الدنيا والآخرة من أهل الفردوس.
والدي كوالدتي مثلهما مثل معظم المغاربة ، ما ان قدم لنا "المقدم" عون السلطة " رسالة قبولي في سلك الداخلية ، نسوا كل آلامهم وتضحياتهم ، وتملكتهم تباشير الفرح الآسر . ليس سهلا ان يصبح ابن رحمة وأحمد موظفا في وزارة الداخلية دون أن يضطروا الى دفع رشوة أو التمسح بأعتاب وساطة قذرة .
ألا يحق لهما الفرح والابتهاج ؟ بلى ، يحق لهما تسميتي من جديد ، وذبح كبش الشكر والامتنان لواهب الأقدار ، وللدولة التي اختارت فردا فقيرا ليكون أحد خدامها . فقليلة هي الأفراح في حياة الفقراء ، وعندما تزورهم في غفلة الزمن العربي الموبوء ، فهم يحتفظون بها أكبر فترة ممكنة ، لأنهم من خلال تجربتهم المرة والبئيسة يدركون أنهم لن يحظوا بها مرة أخرى . حدس يربيه الواقع المعيش في الانسان ، يصبح بمثابة الطبيعة الثانية المكتسبة .
الفقير في بلادي يكفيه أن يحالفه الحظ مرة واحدة في حياته ، كي يتأكد انه بالفعل حي ، انها قرصة الحياة الجميلة . لذلك يختزل في وجدانه وعقله لحظة الفرح تلك ، ويتمسك بها ، ولا يريد أن يصدق أنها ذبلت . هل سيصدق والدي عند عودته أنني فعلا ذبلت ولم أعد صالحا لأي شيئ؟
توجهت والدتي الى الصيدلية واقتنت الأدوية ، التي سجلها الطبيب في الوصفة ، وعدنا الى البيت . التقتنا أمام منعطف الزنقة الذي يقود توا الى منزلنا ، جارتنا القديمة "حبابي يامنة " حبابي تعني بالهجة المغربية سيدتي" وهي امرأة تجاوزت الستين من العمر ، سلمت على والدتي ، وسألتها:
_ من هذا الذي يرافقك ؟
انفجرت قنبلة سؤالها في مسمعي ، وحولتني شظايا ثابتة في جسد فقد صورته الطبيعية الأولى ، الى درجة أن"حبابي يامنة" التي ربتني لسنوات كابنها لم تتعرف علي ، ولطالما لاعبتني وأنا صغير ، هاهي الان لا تتعرف علي .
هل يمكن أن يكون هناك عدم أبعد وأقصى من هذا النكران الحميمي ؟ اذا لم تتعرف علي "حبابي يامنة " التي طالما جلسنا على مائدة واحدة ، سواء في كوخنا أو في كوخها القصديريين ، أيام كان حي " أرض الدولة " حيا قصديريا ، قبل ان يحولوه الى حي اسمنتي ويسرقون أفضل بقعة فيه ليمرروها للخواص دون أن تستفيد خزينة الدولة شيئا . نسيت قسماتي "حبابي يامنة" التي طالما جنيت لها التين والعنب والدراق من الأشجار التي كانت تنتصب داخل باحة أكواخ أرض الدولة ، ألست أنا الذي كان يساعدها في حمل أكياس الخضر والفواكه والسمك وكل ما استطاعت شراءه من السوق ؟ هل امرأة في وضعها وفي العلاقة الحميمية شبه العائلية يمكن ان تنسى قسمات وجهي ولا تتعرف علي ؟
لكن هذا ما حدث ، هذا ما سمعته ،هذا ما رأيته وهي تسأل أمي:
_من هذا الذي يرافقك ؟
_انه ابني خالد ،،،
أجابتها أمي ببرودة وبصوت يحمل من الأسى والأسف والضياع ما ينبذني أكثر في أقاصي الاغتراب .
وبلكنتها الريفية التي لم تتغير ولم تتأثر بلهجة ساكني طنجة ،تحدثت الي بنبرة استنكارية طاعنة في الذهول والعجب ، وبتلقائية روحها البدائية الجميلة ، سألتني دون أن تدرك أن أي سؤال استنكاري عن حالتي يضيف الي أوجاعا أنا في غنى عنها :
-وما الذي فعل بك هذا يا ولدي ؟
لم تكن لدي القدرة على الرد عليها ، أو حتى التطلع الى وجهها ، أو في وجه أي كان ، كنت مجرد شبح باهت ، ظل حسير لكائن كان اسمه خالد .
تكفلت والدتي بالرد عليها ، كانت بي رغبة جامحة للدخول الى المنزل ، لكني لا استطيع اخذ المبادرة ، علي انتظار والدتي التي أنهت كلامها مع "حبابي يامنة" ، وقالت لي هيا بنا يا ابني .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشاعر محمد الوزير
المشرف العام
المشرف العام
الشاعر محمد الوزير


ذكر
المواضيع والمشاركات : 405
الجنسية : يمني
العمل/الترفيه : شاعر ومحام - بوزارة الصناعة والتجارة
تاريخ التسجيل : 10/05/2012

وردة الاهانة....-6- Empty
مُساهمةموضوع: رد: وردة الاهانة....-6-   وردة الاهانة....-6- Uhh1017/8/2012, 1:21 am

حسبي أنا كعربي في مشرقه الأقصى - وخلال قراءتي للجزء ال6 - من روايتك - وردة الإهانة - حسبي أن تعلمت من مفرداتك = حبابي = بمعني سيدي أو سيدتيْ
ماهذا الجهل بالموروث العربيْ ؟؟؟
ماهذه المأساة والأسطورة ؟؟

وأنت في سردك الجميل الواصف تواصلنا بتعريف الأماكن والشخوص والأزمنة
حسب الرواية منك ذلك
وحسبنا أن نستنبط ماللوظيفة العامة - بوزارة الداخلية من مزايا
لكنك قلت أن والدك رغم كدحه في وسائل النقل بين ولاية وأخرى من ولايات المغرب العربيْ ,, يتعشم أن يرى ولده في سلك الدولة يتمرغ في نعيمها
دمت قاصاً متألقاً عبر سلسلتك الجميلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وردة الاهانة....-6-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خربشات الثقافية :: خربشــــــــــــــــــــــــــات أدبية :: خربشات روائية ومسرحية-
انتقل الى: