خربشات الثقافية
اللغة ابداع للوجود Eniie10

خربشات الثقافية
اللغة ابداع للوجود Eniie10

خربشات الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
Kharbashatnetالبوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء

 

 اللغة ابداع للوجود

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
khalid salai

khalid salai


ذكر
المواضيع والمشاركات : 86
الجنسية : مغربي
تاريخ التسجيل : 16/06/2011

اللغة ابداع للوجود Empty
مُساهمةموضوع: اللغة ابداع للوجود   اللغة ابداع للوجود Uhh109/11/2011, 3:21 am

اللغة ابداع للوجود

************

الكون قصيدة ، واللغة ملك الانسان ، وهي علامة على ما أجمع عليه اللغويون منذ أرسطو الى يوم الناس هذا . اذا كان الكون وهو سادر كما قد يبدو للآخرين في صمت غائب ، عكس حقيقته الضاجة بالنشيد والشعر ، يمارس طقس الشعر دونما توقف أو كلل ، فكيف يعجز الانسان سيد اللغة ، على التعبير عن نفسه ، وعن علاقاته الغنية والخصبة بهذه الحياة وبهذا الكون ؟ أليس هذا هو التحدي الأكبر ؟؟

كيف نخرج من شرنقة وجودنا الضحل مع هذا العجز الرهيب عن التعبير شعريا على كل تفاعلاتنا ، وهواجسنا وطموحاتنا ؟ . لأننا ببساطة لم نستطع الى الآن الاقرار ابداعيا ، أن الشعر يوجد في كل شيئ ، كما الفكر ، والفلسفة ، موجودان في دبيب النمل ، وفي زبد الموج ،وفي دستور الحاكم ، وفي قضبان الزنزانة ، وفي الأمل المتواري في أعماقنا رغم واقعنا المشؤوم .

أن نبدع اللغة ، يعني كمسلمة بسيطة ، أن نكون ، ليس اللغة تجسيدا لنا كما ذهب أدونيس ، انما اللغة هي كوننا ووجودنا ، كما رأى بحق هوسرل ، وبيتنا كما قرر كولردج ، والفرق واضح بين التجسد كحالة منحسرة الوضع والحدود ، وبين الكون كحالة منفتحة بلا حدود ، واذا كان أدونيس لم يوفق في التعبير عن حقيقة اللغة في تلك العبارة ، الا أنه وجبت علينا الاشارة الى كونه استدرك لاحقا أن اللغة أكبر من التجسد .

ولا مراء اذا اختلفنا مع أدونيس مرة أخرى في شأن تقييم اللغة ، فلم نجد من يعطي فكره وذهنه لمقاربة هذه الظاهرة بأسلوب تساؤلي ، يفضل منهج الرج والخلخلة والتفكيك مثله ، رغم ان الرجل فعل ذلك منذ ما يقرب 50 سنة وأكثر . فأدونيس اعتبر اللغة هي الحياة ، وهو يعني هنا اللغة العربية ، وليس اللغة كعلامة ؛ وبتخصيصها في هذا المنحى الضيق ، اجحاف كبير في حق الحياة ، لأن اللغة في هذه الحالة جزء بسيط من الحياة ، وليست كالحياة ، كما رأى أدونيس ، ان فهمه هنا لماهية اللغة يتناقض تماما مع دعوته ومفهومه للابداع .

المبدع في الشعر ، عليه أن يبدع لغته الخاصة به ، وبالتالي لا تبقى اللغة ذات وجود سابق ، وانما تعود ذات وجود لاحق ، مبدع ومبتكر . لأنها ببساطة لغة الشاعر الخاصة به ، الدالة عليه . كان بعض النقاد قديما يميزون الشعر المنتحل من الشعر الأصيل ، عبر فحص الأساليب اللغوية التي تميز قاموس هذا الشاعر عن غيره وطرق صياغته للغة والتي لا يأتيها غيره ، لأن هناك شعراء يمتلكون من الطاقة والحيوية ، وخصوصية الرؤيا ، مايسم شعرهم بلغتهم الخاصة ، ، وهذا دليل واضح على أن اللغة الشعرية غير سابقة على الشاعر ، بل هو من يبدعها .

ربما كان خطأ أدونيس في اسقاطه مفهوم اللغة الألسني على اللغة الشعرية ، والفرق واضح بالنسبة للشعراء وفقهاء اللغة ، بل ان أدونيس نفسه ، بؤكد ذلك في كتابات اخرى . وان كان يناقض نفسه في نفس الكتاب وفي نفس المقال ، حين يؤكد على قدرة الشاعر على " أن يرفض هذه اللغة اذا كانت لاتعجبه ، بل يستحيل عليه ان كان مخلصا مع نفسه الا ان يرفضها " . هذا الاقرار ، بل والحظ والحث على رفض اللغة السابقة ، هو اقرار بامكانية وضرورة خلق لغة جديدة ، وابداع أسلوب لغوي مبتكر ، ابداع لغة الشاعر الخاصة به ، أي شحنها بتجاربه الخاصة به وبرؤيته الذاتية للأشياء ، أي ايداعها أحاسيسه ومشاعره وحدوسه وفيوضاته ، أي اعتماده على قاموس لغوي ، وصياغة أسلوبية يتقن الدخول في سراديبها والابحار خلال أمواجها ، والتحليق في سمائها ، الشاعر كائن فيضي ، والا صار مجرد تلميذ يركب فرضا انشائيا ، بلغة يظن وهما أنها شعرية .

الشاعر العربي قادر على أن يؤتي فتوحات ابداعية ذات بعد كوني ، ولنا أمثلة على ذلك ، لكنها أمثلة قديمة ، والحديثة لاتكفي للأسف عدد أصابع اليد الواحدة . لأن العائق أنه لايجد تفاعلا يذكي جذوة ابداعيته . عليه أن يحترق وحيدا ، وأن يتفاعل مع أقنعته جميعها ، وينتقد نفسه ، ويبتكر مخاطبا افتراضيا ، ومستمعا افتراضيا . ان أراد مواصلة مشواره . والا انطفأت شمعته وتلقفه الظلام . كما تلقف أمته جمعاء . كم من الشعراء الابداعيين الذين حاولوا ان يخلصوا للبعد اللغوي الابداعي ،ذي الحمولة والمسحة الجمالية ، على مر أكثر من نصف قرن ، ثلاثة ،أربعة . هم بالتأكيد لن يتجاوزوا ولن يصلوا عشرة . والا كان تعدد النماذج التي حاولنا تقليدها وتأثرنا بها وتفاعلنا معها قد أخصب شعراء ذووا قيمة كونية .

ففي مجتمعات تقليدية منغلقة ، يرفض فيها أدعياء الشعر والثقافة كل محاولة تجديد ، ويمجون الابداع باعتباره اضافة ، ويلعنون الابتكار لأنه لم يأت من عندهم ، يخاف فيه المغامرون أن يعلنوا عن تجاربهم ، وأن يدافعوا عنها ، لأنهم يخافون أن يقفوا في قفص اتهام ، ربما لعدم امتلاكهم الرؤية الواضحة لفلسفة ابداعهم ولشاعريتهم ، أو ربما لافتقداهم الشحنة النفسية القادرة على الوقوف في وجه المدعين والمعوقين ، وأظننا مجتمعا عائقيا بامتياز . وهذا ما جعل الكثيرين ينتكصون الى جوقة الترديد الجماعي ، لأن الابداعية الحقيقية كانت دائما فردية او في أحسن الاحوال تقف على جماعة محددة . وبذلك يرتد مشروع المبدع الى مجرد بوق جماعي يغرق في لغة الوصف والشرخ والتفسير ، والنسخ والترديد والتكرار ، وهو الذي كان يحدس في نفسه الرغبة في التجديد والابداع .

وتلك القلة التي رامت واختارت لغة البحث والتفجير والحفر والتنقيب ، بقيت مترنحة في منطقة "بين بين " . ولم تواصل تعميق تجربتها ، وتأصيلها ، لأن الصدى كان غائبا ، والمدى أضيق من خرم ابرة . ولأن التفاعل كان ميتا ، ، ولأن الأبواب جميعها موصدة . الا باب الابداع ، لا تقفل أبدا لأنها نابعة من الداخل ، والداخل الأصيل لايهاب الخارج المزيف . فالانسان المنكفئ الى الوراء لاتستطيع ارغامه للتقدم معك نحو الأمام .

ليس لمن حدس في نفسه الرغبة والارادة في البوح خارج القطيع ان يبقى داخل سياجها . الا الثقافة فهي فعل ذاتي أشبه بتجربة الصوفي الزاهد في كل شيئ الا في فتوحاته الروحية ، وتجربة البوذي المتأمل وهو يؤهل جسده على امتلاك أقصى طاقاته ، ليس على المثقف أن ينتظر تطبيل الطبول ، وأن تقرع له الأجراس وتصفق له الأيدي ، فذاك ضرب من عرس مجوسي . الثقافة احتفال صامت ، وعمل شاق ومستمر ، ، لكنه ممتع ولذيذ .

فهل هذه دعوة للانعزال والتفنج ، أم هي حقيقة ما يفرضه واقع الفعل والعمل الثقافيين في الوطن العربي؟ بل ان المثقف غير المنخرط في أتون واقعه ، ليس مثقفا ، بل هو تمثال يعكس جمالية وقع الطبيعة عليه ، بشمسها وغيومها ، ورياحها وغبارها ، ليس الا .

ان قدر الابداع ان يتأخر ، هذا ما يؤكده تاريخ الفكر الانساني ، بل وأن يحارب بكل أشكال الحرب ، المباشرة وغير المباشرة ، وهذا الوعي هو الذي يمنح المبدع قناعة مواصلة الطريق في جحيم الحياة بثبات اختراقي ، ويمنحه دعة الاكتشاف المتأني والخصب ،، بعيدا عن مهاترات الدخلاء والحربائيين ، وأدوان الاعاقة السياسية والخدماتية .

كلما ارتطم الانسان / الشاعر بعنف الحياة ، كلما كان شعره أقوى ، وذا نزعة تفردية في اللغة وفي والرؤية والرؤيا ، كما هو حال كبار الشعراء ، والمبدعين ، في جميع أجناس الابداع ، ومنهم شعراء "الجاهلية " الذين لا زالت أشعارهم تصاحبنا الى الان . وكلما خفت درجة ارتطامه بالحياة ، جاء شعره على قدر درجة هذا الارتطام ، مثله مثل قوة الضوء المنعكس ، اذ تنعكس قوة توهجه طردا مع طبيعة الأداة التي نستعملها لتجسيد هذا الانعكاس . فكلما كانت الأداة شفافة ، كلما كان الانعكاس أقوى ، والعكس صحيح . ان الشاعر الحداثي اما أن ينخرط في العالم بروح انسانية ، أو ينطفئ في نرجسيته وحدود مدينته او وطنه . فاذا امتلك لغته الخاصة قد يطل على العالم من خلال مدينته ووطنه ، واذا عجز عن امتلاك لغته الخاصة ، فانه يفشل وان توسل الى مغازلة الكون والعالم .

ماذا بقي اذن ؟ بقي الاعتراف بكون اللغة هي الأداة الوحيدة التي نملك من خلالها القدرة على اقتحام الوجود ، وابداعه ، حقيقة الكون والانسان تكمن في قدرة الشاعر على على تذويب احتكاكه وتمثله ورؤاه في جسد اللغة الخالد ، لهذا فطن العباقرة لدور اللغة ووظيفتها الخطيرة في بلورة وتاسيس الوجود ، كل من منطلقه ، ابتداء من رجل الدين وانتهاء الى التاجر . فلم تخلف الشاعر عن امتشاق صهوة اللغة اللاختراقية في عصرنا هذا ؟ ان لغة قادرة على ملاطفة الذهن ، وملامسة الوجدان هي الكفيلة بابداع وجود آخر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اللغة ابداع للوجود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خربشات الثقافية :: خربشــــــــــــــــــــــــــات فكرية :: خربشات حوارية-
انتقل الى: