خربشات الثقافية
غنائية الموت Eniie10

خربشات الثقافية
غنائية الموت Eniie10

خربشات الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
Kharbashatnetالبوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء

 

 غنائية الموت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
khalid salai

khalid salai


ذكر
المواضيع والمشاركات : 86
الجنسية : مغربي
تاريخ التسجيل : 16/06/2011

غنائية الموت Empty
مُساهمةموضوع: غنائية الموت   غنائية الموت Uhh1016/11/2011, 10:28 pm




غنائية الموت

خالد الصلعي


*********

الغرب هذا الند العنيد ، يبقى حاجتنا الحضارية ، وشرطنا الوجودي ، انه المرآة التي ننظر فيها الى ذاتنا الحضارية ، به نقيس مدى تخلفنا ، وهو المعيار الذي نعين به قيمتنا الدونية ، ونزن به ثقلنا ،،لا ثقل لنا .
تصدمنا المسافات التي تفصلنا عنه ، مسافات ذات بعد عمودي ، بينما يبقى البعد الأفقي قادرا على استيعاب المساحات الفاصلة ، ورتق الفجوات بيننا . لماذا تقدم ، وكيف تأخرنا ، مع ضرورة قلب او ابدال صيغ السؤال ، بقلب وابدال أداة الاستفهام . لماذا تجاوزتنا أمم كانت وراءنا قبل ثلاثين سنة ، وكيف عدنا الى الوراء بقدر تقدمهم الى الأمام ؟ أين مكمن العلة ، وأين موضع الداء ؟ .
فيم يختلف الانسان عن الانسان ؟ ما معنى أن يتقدم الأمريكي والألماني والياباني والصيني والماليزي ، والتركي والبرازيلي ، ويبقى العربي متشبثا بتخلفه ؟ الانسان هو الانسان ، نفس الحروف ، ونفس النغم الصوتي ،ونفس الجرس الموسيقي !!!!! لكنهما مختلفان في الوضع و في الدرجة . الانسان الغربي اكثر تحررا ، وأكثر انتاجية ،ـ وأكثر انضباطا ، وأقرب الى الحساب والمحاسبة ، بينما العرب أقرب الى المحسوبية ، وأكثر كبتا ، يعشق عذابه وجلاده ويحن الى سجنه ، مشتت وممزق ، الى حد التشبث والدفاع عن تشرذمه وانفصالاته .
العدم هو شيئ نتصوره ونتمثله ، رغم لا وجوديته ، والانسان العربي أيضا عدم ، أو هو في أحسن تقدير أقرب الى العدم ، رغم تعينه ووجوده . لاشأن للمعنى في تحديد المفهوم ،.يأخذ المعنى هنا بعد الحياد ، لأن المعنى مرتبط بالدلالة ، والعدم دلالة مجردة ، معناها ذاتي غير انسيابي . لايأخذ انسيابيته الا عندما يتداوله الفلاسفة والشعراء . فيصبح احالة ذات تكثيف مضاعف ، لكن نعجز عن اثباتها ، حتى في حالة عرض نقيضها . ليصبح العدم أهم تحديات المنطق الخالص والمنطق الجدلي الدياليكتيكي .
لكن الانسان العربي بتخلفه الذي ناهز عشرة قرون ، دخل منطقة العدم الاستعاري ، فأصبح يقع على حافة المجاز ، بين حقيقته واحالته .
نحن أمة عدم ؛ حقيقة قاسية ، لكن الواقع لايرتفع ، ولا بد من نقد ذاتي قاس ، نحن امة عدم تلامس الاستعارة القريبة ، باستعارتنا شروط الحياة المعاصرة دون ولوج حداثتها الفاعلة .نستورد كل ما ينتجه الاخر ، أصبحت المنطقة العربية بؤرة استيراد لكل المنتوجات ، ومن كل جهات العالم ، ولم نعد نكتفي بالغرب فقط ، كما كان الشأن قبل ثلاثين سنة ، أو عشرين سنة خلت . بل أصبحنا المركز الذي يستجلب كل تقنيات ومنتجات العالم الغربي ومنتجات الشرق الأقصى والأدنى . بل والأنكى من ذلك ، أصبحنا نستورد التعليمات والوصايا والأوامر من الغرب!!!!!!
ما هي الأسباب الحقيقية لهذا التشيؤ والتعديم ؟
والجواب بقدر بساطته ، هو أعقد من السؤال . لأننا أهملنا الداخل الانساني ، النفس البشرية ، الوجدان العربي ، والعقل والروح العربيين . فالعربي كائن فارغ المحتوى النفسي ، مشرد النواة الروحية . انه مرآة تعكس صورة الانسان ، وليس انسانا بالمعنى الوجودي الفاعل ، فالموجود هو ما يدل عليه أثره ن،ومن لاأثر له لاوجود له . انه بلغة أخرى نور الشمس ، وليس شمسا ، اذا كسرنا المرآة وهشمناها ، صار وجودنا ظلاما ، وعدنا الى زمن الجمال والرمال .
اني افترضت قبلا ، بعد الثورات العربية المباركة ، وبعد هذه النكسات الغربية في أنظمة رعتها أكثر من نصف قرن ، أن العالم العربي بدأ يدخل تاريخه التفاعلي ، من خلال انتاج أفعاله ، من داخل ذاته ، رغم بؤس هذا الداخل ، ورغم النتائج التي أسفر عنها .
لقد خفف العالم الغربي بفعل ضغوطات اقتصادية واجتماعية وحضارية ، من وضع اليد على رأس العرب لتظل أبدية الانحناء .
الدول العربية من أغنى دول العالم . لكنها من أفقره وجودا وفعلا وتفاعلا . انها لاتضيف للانسانية غير زيادة في الولادات وفي النفايات . ولا تضيف اليها ما قد ينفع الانسانية ، وان أضافت اليها رفاهية الرأسماليين الكبار ، بالنفخ في حساباتهم البنكية ، لاأكثر .
الدول العربية تصدر ما تنتجه الطبيعة ، ولا تصدر ما يتنجه العقل ، واذا ما حدث وصدرت منتوج العقل فانها تصدره بلحمه وشحمه كاملا ، ليستفيد منه الغرب ، استفادة كاملة غير منقوصة أو مجتزأة . الدول العربية دول رعوية بمنطق العصر ، اذ تعتمد على الطبيعة في بكارتها ولم تستطع للان أنسنة الطبيعة والدخول معها في تشارك وجودي . وبذلك كانت الدول العربية بدائية ومتخلفة في تغييبها لمنتجات العقل . لكنها تمتلك ثروة ضخمة ، وهذه الثروة مالية وليست انسانية أو رمزية ، انها تدمر الانسان والرمز معا . لتحتفظ بالنسبي والزائل ، وتتعرى من المطلق والخالد .
الانسان العربي لا يشبه أي شيئ في الوجود ، هو الكائن الوحيد الذي يستوعب ويطلب امتلاء دون ان يعطي شيئا بالمقابل . كل موجودات الطبيعة تخضع لمبدأ تبادلي ، ولو في حده البدائي ، المقايضة . الا الانسان العربي أحادي البعد والوجود ، كائن مستهلك بامتياز . حتى الحيوان يستهلك ليقوم بوظيفة انتاجية ، والحمار سيدهم . لكن الانسان العربي هو كائن فارغ .
انه مجرد ماكينة أو آلة ناسخة ، مجردة من كل قدرة على الابتكار والابداع والاضافة .
التاريخ العربي منذ قرن ، لاشيئ . مرحلة استعمار خارجي . ثم مرحلة استعمار داخلي . اللهم من محاولة محمد عي باشا في مصر ، أواخر القرن التاسع عشر ، وبداية القرن العشرين ، وتجربة سوريا اواخر الخمسنيات من القرن الماضي ، وهي تجربة لا يكاد يذكرها التاريخ الحديث . كشهابين سرعان ما خمدا وانطفآ لعوامل داخلية في سويا ، وداخلية وخارجية في مصر .
صورة العالم العربي اذن صورة حافظت على لونيها التقليديين ، الأبيض والأسود ولم ندخل بعد عصر الألوان ، وهو الى اليوم يعيش القمع والاستجداء . بل تفجر على القتل الوحشي خارج أي منطق انساني ، وخارج منطق الدولة .
هذا هو تاريخ العالم العربي منذ قرن ، في نصف سطر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غنائية الموت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خربشات الثقافية :: خربشات ساخنة-
انتقل الى: