khalid salai
المواضيع والمشاركات : 86 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 16/06/2011
| موضوع: تفكيك الواقع والخطاب العربيين 18/11/2011, 9:14 pm | |
|
تفكيك الواقع والخطاب العربيين ******************** مدخل الى تأسيس نقد الخطاب الرسمي والواقع العربي *************************************
خالد الصلعي
دأبنا كشعوب عربية ، على استقبال خطابات القادة العرب ، كوعود ربما قد تلبي في زمن ما حاجاتنا المادية والعملية . لكنهم للأسف اعتمدوا الخطاب ، منذ الاستقلال ، كمسكن ، وكحاجز أمام طروحات وأفكار المفكرين والكتاب العرب ، وكاحتواء لبرامج الأحزاب التي ارتضت واقتنعت بهذه اللعبة . لعبة الكشف والجب ، فما دام أنها تتلاقى معها على مستوى الخطاب ، فالأمر عندها قد استوفى شروط الالتقاء الأعلى ،-التقاء الأفكار - دون انزالها الى الواقع وتفعيلها بين طبقات الشعوب العربية . وقد نتج عن هذه اللعبة أن صعدت السلطة السياسية العربية من استفرادها بكل القرارات التي تهم مصير الشعوب والمجتمعات العربية ، ولم تعد تهتم بالالتقاء الأعلى ، لأن غياب النقد الحقيقي ، وتغييب المراجعة الحضارية والعقلانية ، ينتج عنهما تشدد وتقوقع على الذات ، ما دام أن الجانب المفروض به القيام بالحفاظ على نوع من التوازن ، قد تم محوه رمزيا من ساحة الفعل والانتاج ، فعل السياسة ، وانتاج الرموز . فتراجع دور المثقف الى أدنى مستويات وظائفه ، وأصبح المثقف عملة نادرة في العالم العربي . وذابت الأحزاب السياسية كمفهوم ديمقراطي وكسلطة مضادة تحفظ توازن العمل الياسي ، وتوازن الممارسة السياسية . واليوم ، وبعد النتائج الطيبة التي أنتجتها ثورات الشعوب العربية ، بعيدا عن أي الهام من المثقفين ، او الأحزاب ، التي انخرطت على عكس ما علمنا تاريخ الثورات الانسانية ، وراء الفعل الشعبي ، عوض أن تكون محركه . وهنا مكمن خطر قد ينشأ مستقبلا ، اذا لم يتم اعادة سياق الحراك الشعبي الى سكته العقلانية المبرمجة بانفتاح كلي على طموحات الشعوب التي قامت بهذه الثورات . لأن الأهم هو مستقبل ووضع العالم العربي ، بين باقي جهات العالم ، وليس كما اعتدنا القفز الى الصفوف الأمامية ، واستواذ على مخارج تصريف السياسات أيا كانت وظيفتها . ونحن اذ نتابع ما ينتجه الجسد العربي ككل ، من خطابات وسلوكات ، ، من قادته ومن كتابه ومن أفراد مجتمعه ، نستطيع التأكيد أن المبادرة بدأت تنتقل مجددا الى السلطة السياية العربية ، بعد أن لاحظنا تراجعها خلال سنة 2011 تماما ، رغم كثرة خطاباتها ، لأن قياس الخطاب يأتي من تأثيره ، وتمريره بين المخاطبين والمعنيين بالخطاب ، أو بلغة أخرى بين من يهمهم الأمر . في حين نلاحظ تراجع خطاب المثقف ،بتركيزه على نفس تيماته الأولى التي واكبت قيام الثورات العربية ، أي انه خلال سنة تقريبا لم يستطع بلورة خطاب منفتح على مجمل التحولات والتغييرات التي قد يشهدها العالم العربي . وهذا موضوع يحتاج الى صياغة أخرى ،ومقاربة أخرى ، ليست تعنينا هنا . فما يعنينا هنا ، هو هذه المقاربات الكفيلة باحداث تغييرات وانزياحات حقيقية في العالم العربي ، وما شد انتباهي كون حكامنا العرب لايغيب عنهم ما نطالب به ، ونحاول تحقيقه ، والدليل هو خطاب ملك المغرب الموجه الى " المنتدى العربي التركي " المنعقد قبل يومين بالرباط ، فقد جاء الخطاب محملا بمقاربات تستلهم بعض طروحات المثقفين العرب ، وتتجاوزها أحيانا ، وهذا هو الاشكال الضخم الذي نعاني منه ، نحن كمجتمعات عربية ، هو الغرق في الخطابات التي ترقى الى منهجيات قادرة في حال تطبيقها عى اخراجنا من بؤرة الانتظارات والتسويفات التي رافقتنا منذ أول خطاب عند الاستقلال . و لا بأس من استئناسنا بما جاء في الخطاب . اذ يؤكد الملك أن " لا مناص من تجاوز هذا الوضع الماضوي المعاكس لاتجاه التاريخ " ، وهو طرح صادق وواقعي ، لكن مدى الايمان به والعمل على تجاوزه ، يبقى السؤال الأكبر الذي سقطنا فيه منذ الاستقلال ، ليس في المغرب فقط ، بل في كل دول العالم العربي . لقد وقفت مليا أمام هذه الجملة ، لكثافتها واختزالها العميقين لمجمل مشاكل واخفاقات الأمة العربية ، ولكني أيضا وقفت لكثرة تداولها وطرحها ، لدرجة تحولها الى لازمة في كل خطابات القادة العرب ، ومنهم بشار الأسد الذي فقد كل شرعية ومشروعية في مواصلة مشواره كحاكم عربي . فهل نحن كشعوب عربية نطالب بسقف أعلى من ذلك ؟ هل نطالب بأكثر من تجاوز لحظتنا التي استقرت فينا أكثر من نصف قرن ؟ أبدا ، مع طرح صيغ وآليات هذا التجاوز ، لهذا الوضع الماضوي . وأهمها ما نادى به عاهل الأردن وأمره بكف يد المخابرات عن المواطنين ، وهو يدرك مدى تأثير المخابرات العربية في كبح مسار الأمة العربية الديمقراطي ، لأنها هي التي تعمل على حجب " التطلع الى انبثاق منظومة عربية متجددة تنصت عن قرب نشغالات المواطنات والمواطنين وتعتمد الحكامة الجيدة وتقوم على تكريم الانسان وتؤسس لعمل عربي مشترك فعال واستباقي " ، انه اقتباس ليس من كتاب مفكر عربي او من مناضل قومي ، انه اقتباس من خطاب ملك المغرب . ما لم نتعلمه نحن كمثقفين وكتاب عرب ، هو الوقوف عند كلمات قادتنا ، ليس كاستشهاد تطبيلي ومدحي ، وتصفيقي ، لخطاب تم نطقه على الهواء وتدوينه فوق الورق ، وانما كآلية تعاقدية ، بين المجتمع وبين ممثله الأعلى ، كرمز ، وليس كشخص ، فالرمز حين ينكسر ، يموت ببشاعة ، والشخص حين ينكسر ، يكون موته شيئا طبيعيا . اننا عندما نعمل على انتاج خطاب سياسي ، لا نكون بازاء انتاج خطاب مقدس الاهي ، طافح بالوعد الأخروي الغيبي ، لأننا ببساطة لانملك الغيب . وبالتالي فان خطاباتنا هي نتيجة استقراء للواقع وامكانية تلبية حاجيات هذا الواقع وتطويره ، والعمل على تحسين من يمارسون واقعيتهم . وتأسيسا عى هذا الطرح ،فان الخطاب السياسي ، يختلف عن الخطاب السياسوي ، فالواو كأول حروف الوعد ، لا وظيفة له في الممارسة السياسية التي ترتكز على الامكان ، أي أن هناك نسبة أعلى من تحقيق تصورات الخطاب وبرامج الخطاب . علينا اذن تعلم كيفية مشاركة الخطاب السياسي للواقع الذي ينتجه أو ينتج خلاله ، فعقلنة الخطاب وجعله واقعيا هو الكفيل بالقطع مع الوضع الماضوي ، والواقع الثابت الذي تعيشه الأمة العربية منذ الاستقلال . | |
|