وردة الاهانة ...رواية* 10*

موضوع: وردة الاهانة ...رواية* 10* 27/11/2011, 7:53 pm

وردة الاهانة

رواية

خالد الصلعي

*10*

ليس هناك حدث ما يعادل حدثا آخر ، كل شيئ في الحياة يختلف عن غيره ، نعيش داخل مرجل من التحولات والتغيرات . قد تمنحنا سعادة ما ، ولو نسبية ، وقد ترمينا في اتون حروب دموية . نعيش ضمن حالات من التنوع لاحصر لها . لكننا لا ننتبه اليها ، لا نحس بها . نظن يقينا أننا نعيش روتينا أبديا فجا ، داخل عادة غير قابلة للمغايرة والاختلاف .
السياسة الجاهلة تقضي على الحياة ، كمبيد قوي للتفاعل والابتكار . والثقافة المفتعلة تفسد الأذواق ، وتستحمر العقول . هذا هو وضعنا في عالمنا العربي .
كان انتظارنا نتائج امتحانات الوظيفة العمومية ، دون جذوة انتظارات نتائج السنة الجامعية الأخيرة ، رغم أن الوظيفة هي هدفنا في النهاية . لكن تحدي الحصول على الشهادة يبقى أعظم وأنبل . رغم ترسخ قناعة عدمية الشواهد العليا ، فالشهادة الجامعية لم يعد لها ذات الأهمية التي كانت لها بعد الاستقلال . ربما اكتفى الحكام بمنجزات الفقر والبطالة والجهل ، وبعد أن اطمأنوا على مقاعدهم الوثيرة ، وجمع فرقهم البهلوانية من كل حدب وصوب ، ليكرروا علينا ما يوصيهم به أسيادهم ، ولم يبق لهم حاجة بالمثقفين ، والمتعلمين ، فتصريف أعمالهم بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية ، ومخاطبة الديبلوماسيين الأجانب ، وتقديم خطب التنويم للشعوب العربية ، كل هذه المهام يقوم بها قطيع استوفى شروط المهنية والوظيفة .وما عداهم لم يعد نفع يرجى منه .
هذا هو تفكير الحكام والقادة العرب ،وأبواقهم المثقفة ، هكذا يسيرون شعوبهم ، بمنطق كفاية تصريف المزارع والمراعي .
وعينا بكوننا لسنا غير مجرد اضافة سلبية لكتل المعطلين والمقصيين ، كان قد ترسخ ، فنحن لن نعمل الا على الزيادة من عدد المهمشين ، وسينضاف رقمنا الى عدد أعضاء الجمعيات الفارغة من كل هدف نبيل ، كل ما هنالك أننا دخلنا عصر التوظيف الذكي للآلام والجراح الجمعية والجمعوية .
هكذا صحونا على وجود فارغ ، كهف لا يشبه كهف أفلاطون ، كهف على شكل وطن مفتوح على ظلام يغطي ويجثم على صدر النهارات العربية .
عندما أخبرني سعيد الطويل بنجاحي في الامتحانات الكتابية ، كان علي الاستعداد لاجتياز الامتحانات الشفوية ، وهي في حقيقتها وان كانت امتحانات صورية ،تعتبر فرصة سانحة لبعض المرضى من الأساتذة ، للثأر من الطلبة لسبب أو لآخر ، لكن السبب الأول كان انتقاما من عدم كفاءتهم ، وضعفهم المعرفي والتلقيني . لا زلت أتذكر ذلك الأستاذ الذي كان كلما قابله طالب أو طالبة يأخذ في ملامسة قضيبه ، واللعب بين فخذيه ، فتخرج الطالبة من قسمه وقد تهدج خداها حمرة وامتقاعا ، وكنا نخرج نحن الذكور ، وحالات التجشؤ تكاد تمنحنا حق تهشيم أضلعه . كانت حركاته تمثل أقسى درجات الأمراض النفسية التي قد تصيب أستاذا جامعيا . لكن من بوأ مثل هذا الوضيع ذاك المنصب الرفيع ؟ سؤال تجيب عنه أحزاب السلطة في المغرب ، وهي ما زالت الى يومنا هذا تنتهج نفس المعايير في تعيين رجال التعليم .
كان علي مناقشة أطروحتي الجامعية ، كآخر مراحل الامتحان الشفوي ، وكانت تخص شعر عنترة ، بعد أن اخترت لها منهج التحليل النفسي . وفعلا فليس هناك منهج يسعف القارئ لمقاربة شعر عنترة مقاربة تمنحه مفاتيح ورموز بوحه ، أكثر من المنهج النفسي . خاصة اذا كان شعرا يناضل من خلاله الشاعر لاثبات الذات في مجتمع عنصري ، يقذفه خارج محيطه ، الى درجة نكران الـأ ب لأبوته ، بسبب اللون وتحدره من أمة سوداء . تماما كما يحدث الآن في نفس المجتمعات العربية بعد مرور أكثر من 15قرنا . لكن الشاعر اذا لم يكن كما يقول شارل بودلير أذكى الأذكياء ، لايستحق لقب الشاعر ، ولن يكون شاعرا ، اذا لم يكن ثائرا كما يقول نزار قباني .
مرت أجواء الامتحانات ضمن شروطها الواقعية ، وكما كان لها أن تمر ، فلكل واقع شروطه ، ولا شيئ يقفز ، أو له القدرة على تجاوز شروطه .
فلو أن أستاذ الدراسات الاسلامية كان في صحة جيدة ، ونظره قوي ، ما كنت مثلا اجتزت الامتحان الشفوي لصديقي محمد التدلالي ، فالرجل كان في عقده السبعيني ، يعاني من أمراض عديدة ، أولها ضعف النظر ، غيرت ملابسي مع احد الأصدقاء ، وجلست أمامه للمرة الثانية ، لكن باسم آخر هذه المرة ، فصديقي محمد كان يمر بظروف نفسية عصيبة بعد وفاة والده ، وغير مهيأ لاجتياز هذه المادة ، لكننا اقترحنا عليه أنا وسعيد الطويل ومحمد الصغير ، أن نقوم بهذه الحيلة ، وتطوعت أنا للقيام بها ، وحصلت له على نقطة فاقت تلك التي حصلت عليها أنا .
شرط الشيوخة وأمراضها أجاز لي اجتياز هذه المخاطرة التي كانت ستكلفني مستقبلي التعليمي والعلمي . لم أكن أفكر في مستقبلي الوجودي بعد .

موضوع: رد: وردة الاهانة ...رواية* 10* 17/8/2012, 12:46 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]موضوع: وردة الاهانة ...رواية* 10* [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الأحد 27 نوفمبر - 17:08	[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ---- [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وردة الاهانة رواية خالد الصلعي 10 ليس هناك حدث ما يعادل حدثا آخر ، كل شيئ في الحياة يختلف عن غيره ، نعيش داخل مرجل من التحولات والتغيرات . قد تمنحنا سعادة ما ، ولو نسبية ، وقد ترمينا في اتون حروب دموية . نعيش ضمن حالات من التنوع لاحصر لها . لكننا لا ننتبه اليها ، لا نحس بها . نظن يقينا أننا نعيش روتينا أبديا فجا ، داخل عادة غير قابلة للمغايرة والاختلاف . السياسة الجاهلة تقضي على الحياة ، كمبيد قوي للتفاعل والابتكار . والثقافة المفتعلة تفسد الأذواق ، وتستحمر العقول . هذا هو وضعنا في عالمنا العربي . ================= مفتتح رائع للقصة في الجزء العاشر منها , وحقيقة مرة في عالمنا العربي أن الفرد فيها مجرد رقم , فالوظيفة العامة حلم الجهماهير الغفيرة , لكنها قل أن تحصل لها على موضع قدم في زحمة الوساطات اللامتناهية . وما يجري في مغربنا العربيْ ,, هو ذاته الذي يحدث في مشرقه بلا استثناء اللهم بعض من يحالفهم الحظ أحسنت وصفاً وتشخيصاً للحالة العربية الراهنة برمتها , أيها القاص البديع , دمت متألقاً كعادتك