khalid salai
المواضيع والمشاركات : 86 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 16/06/2011
| موضوع: وردة الاهانة ...رواية -11- 3/12/2011, 1:16 am | |
|
وردة الاهانة
خالد الصلعي رواية
*11*
***************** لم يبق لنا بعد أن اجتزنا الامتحانات الشفوية ، وناقشنا أطرحاتنا ، الا أن نعود لمدينتنا "طنجة" ، مدينة السحر والجمال ، مدينة الابداع والفتنة الأبدية ، من مر على طنجة يتهيأ له أنها تمنح الخلود لعاشقيها ، وأنت لاتملك الا أن تعشقها . ربما سيكون الوداع الأخير لمرتيل بالنسبة لبعضنا ، لا ، لا بد من عودتنا ، لاستيلام شهادة الاجازة ،أو الليصانص كما يسمونها بالفرنسية ،لكنها حتما ستكون عودة خفيفة لهذه القرية الساحلية الجميلة بشاطئها الطويل وببنيتها التحتية المهترئة ، وبأحيائها القصديرية ، وواديها العفن الذي يلوث كل القرية برائحته الكريهة ، فيكثر فيها الناموس الى درجة يصبح فيها مصارعا قويا للذباب وينتصر عليه .لم أر في حياتي ناموسا بحجم ناموس مرتيل . لأول مرة أعاين حشرة الناموس بحجم أكبر من الذباب . في سنتي الأولى بهذه القرية الساحلية ،وقد كانت سنتي الجامعية الأولى ، حيث اكترينا أنا ومحمد البناء ، وسعيد الأدهم ، ومحمد الصغير وسعيد الطويل ، وأحمد الشاعر ، ومحمد البنكي ، منزلا ، عبارة عن غرفة صغيرة ، وحجرة واسعة ، وفناء فسيح ، ومطبخ ، وغرفة على جانب الفناء ، وهي الغرفة التي سأنتقل اليها للعيش وحدي بها مع تطور الأيام والأحوال . عندما استفقت من النوم في أول ليلة أنامها في الغرفة الصغيرة أنا ومحمد البناء وأحمد الشاعر، بينما اختار الآخرون الانضمام الى بعضهم في الحجرة الكبيرة ، عندما استفقت ، نظر الي محمد البناء وباغتني بدهاء وهو يقول: _وجهك شديد الحمرة خالد ، لقد نمت جيدا على مايبدو . وكالمغفل نظرت الى المرآة ، فوجدت وجهي فعلا ، يلفه اللون الأحمر ، قلت له بعفوية ودون ان ألحظ غير اللون ، ربما وافقني هواء وجو مرتيل ، فانفجر في وجهي ضاحكا ، أما أحمد الشاعر الذي كان ممددا في فراشه يتابعنا بعينيه ، فقد اكتفى بابتسامة صامتة ، سألت محمد البناء ما سبب ضحكك ، فأجابني أنها عضات الناموس ، لم ألتفت الى استهزائه الأول ، بل عدت لأرى وجهي في المرآة وأتحقق مما يقوله محمد ، وعندما تمعنت في مواضيع الاحمرار جيدا وجدتها فعلا ،قرصات الناموس ، استسلمت بدوري للضحك من هذا الحدث الاستثنائي ومن غبائي وسذاجتي . كلما عدت الى الماضي وحفرت فيه كغيري من الناس أقف على طرائف متناقضة ، قد نرضاها ونهضمها ، وقد نتأسف لها ونتحسر من وقوعها . الطريق الى طنجة ، عبر الطريق الرئيسية ، قبل تدشين خط السكة الحديدية بين طنجة وتطوان ، كانت مشروطة بنوع الحافلة التي قد نستقلها ، فهناك حافلات كانت توافق نوع الرحلة وعصر الرحلة ، وهناك حافلات كانت لا تصلح لسفر البهائم حتى ، لا أدري هل ما زال الأمر كما كان أم تغيرت الأحوال . أغلب الحافلات كانت خرمة ومهترئة ، ولا تستوفي بالمرة معايير وشروط حافلات النقل ، الى درجة أن بعضها كان يسيل وينز ماء في فصل الشتاء ، والأخرى يصعد من صندوق محولها دخان البنزين ، وكان علينا أن نستنشقه طول خمسين كيلومتر ، وقد نضطر للوقوف في الطريق أربع أو ثلاث مرات ، لمعاينة المواد المهربة من سبتة السليبة ، لكن قليلا ما كانت البضائع تصادر ، حيث يكتفي رجال الدرك والجمارك بقبض رشاوى الزامية ومتفق عليها مسبقا ،لغض الطرف عن البضائع المهربة ، وان كانت قد قطعت أشواطا داخل التراب المغربي ، بل وان كان أصحابها قد اشتروها من داخل المغرب ، من سوق "كاستييخو" أو "الفنيدق " . لكن الطبيعة كانت تشفع عندي على الأقل ، لكل الظواهر السلبية ، وكنت أنتظر بفارغ الصبر وبامتلاء الشوق ، مجاوزة آخر التواء عبوري للطريق المطلة توا على عقبة "عين الحصن " ، كانت تقذفنا الحافلة نحو المساحات الشاسعة للطبيعة ، بعد أن نغادر كل أشكال ومظاهر المدينة ببناياتها الصامتة ، وطرقها الضاجة ، وسياراتها القديمة المستوردة ، وانسانها الضائع في اللاشيئ . كان كلما استقبلتني عقبة عين الحصن او عقبة الفنيدق ، شيئ ما بي يتحول ، أو كنت أتحول بكاملي ، وحتى المناظر التي أراها رؤيتي الأخيرة ، أجدها قد تحولت ، فعوضت الأشجار الخضراء الكثيفة التي تحف الطريق من جانبيه ، ثبات الاسمنت والبنايات ، أشجار السنديان والصفصاف والبلوط ، وبعض أشجار التين ، لكن أشجار السنديان كانت الغالبة . لا زالت الطبيعة تمنحنا بعض المتعة ، وتدخل على نفسنا نوعا من الهدوء ، وتعلمنا تنفس اللون على طبيعته ، تعيدنا الى وطننا الأصلي ، ورغم جرائم الانسان ضدها فالأشجار ما تزال محتفضة بألوانها الأصيلة ، كلما دخلت تلك الهضاب والجبال واستقبلتني نباتاتها الطاهرة كلما عدت الى أصلي البريئ ، وتوحدت بالوجود الحقيقي ، وأدركت أن الحياة مستمرة بالرغم منا ، بل كانت ستكون أفضل لولانا ، خاصة أولئك الذين هم أدنى من بعض أرذل الحيوانات وأوسخ منها . من نافذة الحافلة أعقد علاقة حميمية ، لاأعقدها حتى مع المرأة ، ندخل في بعضنا بكل انسياب ، تصب رؤيتي خضراء ، يتسسل اللون الأخضر الى روحي ، أقتبس هدوءها الناعم ، وهو يغزل وجوده الموسمي بكل تواضع وكبرياء . يتداخل لون الشجار الأخضر مع لون السماء الأزرق فيؤلفان مشهدا رائعا ، نتواءات أوراق الأشجار تخترق حسد السماء الأزرق في رؤيتي ، تتغير الصور وتنتقل المعاينة من لقطة آسرة الى لقطة عابرة ، صعود الحافلة الصعب والثقيل في العقبة يزيد اللحظة رومانسية وألقا ، اذ تمنحني وقتا اضافيا للاستمتاع بعذرية الطبيعة ، فأنا بعد أقل من نصف ساعة سأذوب وأختفي بين شوارع طنجة وبناياتها الصامتة التي تفقد كل ألوانها رغم كثرتها ، اللون الأصم لا يشبه اللون الموسيقي ، للأشجار موسيقى اللون ، وخاصة عندما تختلف انواعها كما هو شأن هذه الشجار التي تخترقها الحافلة . نحن الآن في قمة عقبة "عين الحصن "، فوق منحدر عميق ، منظر المساحات الشاسعة التي تنداح على فضاءات خضراء بعشبها الوحشي او بنبتة القمح والزرع في انبساط فسيح ، دون أن نفقد بعد صحبة الأشجار . | |
|
الشاعر محمد الوزير المشرف العام
المواضيع والمشاركات : 405 الجنسية : يمني العمل/الترفيه : شاعر ومحام - بوزارة الصناعة والتجارة تاريخ التسجيل : 10/05/2012
| موضوع: رد: وردة الاهانة ...رواية -11- 17/8/2012, 12:21 am | |
| نستفيد من القصص عظة وعبرة , ونتعرف على الشخوص والأماكن وبخاصة السياحية والآتارية منها وفي القصص متعة يعيش معها القارئ ويستمتع جيداً وفي الجزء ال 11 من هذه الرواية = وردة الإهانة = ندرك غور مايتمتع به القاص من جمال حرفي باذخ في سلاسة لغوية شيقة شكرا لك ايها القاص بما اتحفتنا به من اللطف والحرف
| |
|