الحنين مسامرة الغائب للغائب , و التفات البعيد إلى البعيد .
الحنين عطش النبع إلى حاملات الجرار, و العكس أيضا صحيح .
الحنين يجر المسافة وراء وراء , كأن التطلع إلى أمام, وقد سمي أملا ً, خاطرةٌ شعرية ومغامرة .
فعل المضارع حائر متردد, وفعل الماضي الناقص معلق على سروة وقفت خلف تلة ,على ساقها الراسخة , والتفت بأخضرها الداكن , وأرهفت السمع إلى صوت واحد :
صوت الريح .
الحنين هو صوت الريح .
وكلما توغلت في وحدتك , كتلك الشجرة,أخذك الحنين برفق أمومي إلى بلده المصنوع من مواد شفافة هشة ,
فللحنين بلد و عائلة و ذوق رفيع في تصفيف الأزهار البرية .
وله زمن منتقىً برعاية إلهية , زمن أسطوري هادئ ينضج فيه التين على مهل , وينام فيه الظبي إلى جانب الذئب في خيال الولد الذي لم يشاهد المذبحة .
ويطوف بك الحنين, كدليل جنة سياحي, في أنحاء بلاده, ويصعد بك إلى جبل كنت تأوي إليه و تتمرغ في النباتات البرية , حتى تتشرب مسام جلدك برائحة المريمية . الحنين هو الرائحة .
و للحنين فصل مدلل هو الشتاء.
يولد من قطرات الماء الأولى على عشب يابس , فيصعد زفرات استغانة أنثوية, عطشى إلى البلل ,
وعدٌ بزفاف كوني هو المطر. وعد بانفتاح المغلق على الجوهر, وحلول المطلق في ماهيّاتٍ....
هو المطر.