خربشات الثقافية
 مصاص العقول  \   الكاتب \ سعيد بودبوز  \ المغرب Eniie10

خربشات الثقافية
 مصاص العقول  \   الكاتب \ سعيد بودبوز  \ المغرب Eniie10

خربشات الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
Kharbashatnetالبوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الأعضاء

 

  مصاص العقول \ الكاتب \ سعيد بودبوز \ المغرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
قاسم عمران

قاسم عمران


ذكر
المواضيع والمشاركات : 79
الجنسية : عراقي
تاريخ التسجيل : 21/04/2012

 مصاص العقول  \   الكاتب \ سعيد بودبوز  \ المغرب Empty
مُساهمةموضوع: مصاص العقول الكاتب سعيد بودبوز المغرب    مصاص العقول  \   الكاتب \ سعيد بودبوز  \ المغرب Uhh105/6/2012, 5:36 pm

مصاص العقول

(قصة سوفسطائية)

منكب على ظهره، خسر الدنيا والدين والدولة والدلالة. لم يآبه لحظر التجوال الذي بات ساري المفعول في هذه الأزقة الرهيبة التي تنذر بحلول الأشباح خلال وقت قصير. خرج من كل شيء إلى الشارع. انتصف الليل، وسكنت معظم أعصاب المدينة. لكنه الوحيد الذي يعرف سر هذا الوقت بالضبط والقحط. كان يعرف بأن الخروج والصعود إلى ذلك الجبل الأقفر، الذي يضع المدينة على فخذه الأيسر، يعطيه فرصة ليحصد عقول هؤلاء النائمين. كان يعرف بأن العقل لا ينام، بل يبقى في جمجمة صاحبه طوال النهار. وحين ينام صاحب العقل، يخرج هذا الأخير بحثا عن جمجمة أخرى ليحل فيها ضيفا ما دام صاحبها على قيد اليقظة. طبعا كان صاحبنا لصاً بشكل أو بآخر، ما دام يخرج بغرض امتصاص العقول، من الجماجم النائمة، عن سبق الإصرار والترصد. قبل أن يخرج من سلطة الضوء الذي تصدره تلك المصابيح الكهربائية الحولاء في طريقه إلى الجبل والظلام المطلقين، رمقته شرطة الليل.. سأله شرطي:
- من أنت؟
- عفوا يا ذاك، من أنت؟
- أنا الذي أسألك
- من الضيف منا ومن الحيف علينا؟
- ماذا تقول؟ ما اسمك؟
- لا أحمل اسما
- كيف؟
- نسيته في البيت
- ما هذا الكلام؟
- كنت قد خلعت اسمي كي أنام، لكن النوم جفاني، وهكذا خرجت ونسيته في الداخل.
تعالت ضحكة الشرطي قبل أن يقول له:
- هل تسخر منا؟
- ظننت أنني أخبرتك عن اسمي، ولم أقلب حروف اسمك، فكيف تراني أسخر منك؟
- هذا صحيح، قل لي، ماذا تفعل هنا في هذا الوقت التافه من الليل؟
- ولماذا لا تسأل عما يفعل هذا الوقت وتلك التفاهة بنا؟
- غريب أمرك...
- والأغرب أن يراه مثلك غريباً
- آفهم من هذا بأنك تسبني؟
- لم أر غيرك يستأذن في الإقدام على الفهم
- هذا صحيح، ولذلك أسألك عن قصدك
- تستغلط الصحيح، وتستصح الغلط، ثم تبحث عن النوايا؟
- كيف؟
- هل أقول: "أمرك أيها الشرطي"، وأنت مأمور مثلي، فنظيف بذلك خطئاً آخر؟
- هذه هي الحياة، لا يوجد أمر مطلق.. ما دمتُ فوقك، فعليك أن تمتثل لأوامري.
- لعلك تجيد قيادة الدواب، حتى ظننت بأنك راكبا إياي، لكنك مخطئ
- لم أفهم
- لقد تناقضت في كلامك لمدة دقائق، فكيف سيكون شأنك لو حكمت أمة لمدة خمس سنوات؟
- ماذا تعني؟
- أعني ستتراجع عن أمر أصدرته كما تتراجع في كلام قلته؟
- لا، لن أتراجع عن واحد منها
- هذا يعني أنك لن توفق في قرار واحد
- لماذا؟
- ما دمت قد حكمت على فترة حكمك بالأخطاء، فلا أرى، لما أصله خطأ، فرعاً من الصواب، إلا أن يحل الأخير محل الأول. وهنا تكون الأمة خاسرة، والأمير مخسوراً من أجله..
- هل أنت دجال أم ماذا؟
- قد أكون دجالا، ولكني لم ألد شرطياً
- وهل الشر يولد شرطياً
- يجوز أن نقول ذلك إذا لم يتعقل قبل هذه الفترة، ويكون القدر المجازي بالولادة كناية عن التعقل.
- إذا كانت أمي ستضعني فيما وضعك فيه سوء حظك من الشطح العجيب، فأتمنى أن تثكلني قبل أن ألج الشهر التاسع من زمن الحمل.
- ما دام يجوز للولادة أن تكنى على التعقل، فيجوز للتعقل أن يكنى على الأم.
- أفهمك، رغم أنك طاعن في الشطح
- تقصد أن عقلي قد ثكلني قبل أن أتعقل ولو مرة واحدة؟.
- مادمتَ عابراً للنوايا، وتسبق الأقوال إلى أفواه الأقوام، فما الداعي لهذه الاستفهامات؟
- الداعي لها إشراك القائل بفهم السامع للقول.
- أما نحن، فلا حظ لنا في هذا المد العقلي الذي يجعلك شبيهاً بالبحر الهائج، أليس كذلك؟
- إذا كان القائل فائقاً في ذهنه على سواه، فإن مد البحر يحتاج إلى قمر، والحال أن الليل أعمى، لا يسمع ولا يرى.
- ليس من الضروري أن تكون الشرطة شبيهة بالأقمار حتى تقول فيها ما قلت.
- طبعا ليس من الضروري، ولا من الممكن معاً.
- أنت تحاول أن تنفي عنا جميع الصور الإيجابية، لماذا؟
- يقوم النفي على افتراض الإثبات، فيكون بذلك الأخير للأول بمنزلة الأصل للفرع، والحال أن العكس لا يستقيم.
- طبعاً تقصد بأننا لم نتمتع أصلاً بأية صورة إيجابية، وبناءً على ذلك، فلا حاجة إلى النفي. ولكن، لنفرض أنك متهم بجريمة ما، ونحن سعينا لاعتقالك اتقاءً لشرك، أليس هذا عملاً إيجابياً؟
- ...ولنفرض بأنني بريء، وأنتم تسعون لاعتقالي، أليس هذا عملاً سلبياً؟
- ولكن...
- أردت أن أبين لك بأن الافتراض يمكن أن يكون مقدمة لكل شيء، لأنه غير ملزم بالوصول إلى نتيجة في أي شيء.
- لقد أخطأتَ يا شيخ، إذ علَّلتَ إمكان تقدُّم الافتراض على النتائج، بانعدام الوصول إلى النتائج.
- وأخطأتَ، أنت أيضاً، إذ أغفلت اللزوم وقفزت إلى الوصول.
- ماذا أبقيتَ للوصول حين جعلته موصولاً للقفز؟
- أبقيتُ له من يقفز ولا يصل.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مصاص العقول \ الكاتب \ سعيد بودبوز \ المغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خربشات الثقافية :: خربشــــــــــــــــــــــــــات فكرية :: خربشات حوارية-
انتقل الى: