حلقة مفقودة!!!

حلقة مفقودة!!!



جلس يفكر...
اتكأ على همومه... في غرفة نومه المظلمة إلا من بعض النور الباهت الذي كان ينبعث من ضوء سراج معلق على الجدار.
هو رجل في الأربعين من عمره يكسو رأسه شعر كثيف وقد غزا سواده الشيب نتيجة ما يشغله من هموم...........
فأمر زوجته التي لم تستيقظ منذ شهرين يتعبه، لقد طالبه الأطباء بضرورة إخراجهامن المستشفى بعد أن يئسوا من إيقاظها. هي هناك في زاوية الغرفة و قد حطت رحال جسدها المثقل بالغيبوبة على سرير أثقلت كاهله... فصمت هيكله مستسلما.
و هو على هذه الحال من الأسى... يشعل سيجارة العمر الحزين، إذا به يسمع حركة و أنينا للسرير. رفع رأسه في خطى متقطعة و صوب نظره نحو المكان... إنها زوجته نعم إنها هي!!!!... أسرع نحوها و هو لا يصدق أنها تستفيق...منها دنى ثم ابتعد خطوات إلى الوراء، دار في مكانه ....شد رأسه بين يديه......ثم غادرها... في في وسط المفترق الفاصل بين غرفة نومه والرواق ،و قف واضعا رجلا في داخل الغرفة وأخرى خارجها....وراح يرفع صوته المبحوح ينادي أولاده:
"يا أولاد هلموا....أسرعوا....أمكم تستفيق..." و قبل أن يخر إليه بصره كان الأولاد هناك، التموا جميعا حول والدتهم يرقبون مشهدا طال انتظاره.
رفعت الأم الستار على الدهشة و الاستغراب و بدأت ترقبهم و تتوقف عند كل واحد منهم و هم يقابلونها بالابتسامة... عند وجه زوجها مكثت مطولا: "من أنتم؟ ماذا أفعل أنا بينكم هنا؟"...
تلعثمت الكلمات بين شفتيه اللتان أحرقتهما كلماتها و أذابتهما السجائر من قبل: نحن... أنا... أنت... أنا؟؟؟ أقصد انا زوجك و هؤلاء أولادك :هشام، نادية و رشيد...
نحن أسرتك و أنت لم تستفيقي منذ شهرين و اليوم ،منّ الله علينا بنعمة رجوعك إلى الحياة... الحمد لله... الحمد لله.
فقاطعته زوجته: "قلت لا أعرفكم و ليس لي زوج و لا أولاد"... و كانت كلماتها سهاما تخرق قلب الرجل الذي طال صبره... هاهو اليوم يكافئ بالتجاهل و النسيان... غطى وجهه بكفيه ثم لطمه وهو يردد بغضب وحزن:"غريبة هي الحياة، لا أظن أنها أنصفتني يوما... حتى أنت يا أقرب النّاس... ليتك بقيت نائمة يا حبيبتي عندها كنت سأعزي نفسي بوجودك الصامت في داخل أعماقي وفوق ذات السرير... ليتك متّ قبل أن يموت وجودي في عمقك و أنت حية.
دعيني أنام بدلك......... بل أغيب لأستريح نهائيا....و لأزعم أنني لم أتزوج بعد و تنتهي الحكاية...
في تلك اللحظة أنّ السرير من جديد بحزن رهيب وصوت عال معلنا عن سأمه و ملله من حمل الأجساد الميتة.
حفيظة
من مذكرات غرفتي.
08/05/2008[/size]