khalid salai
المواضيع والمشاركات : 86 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 16/06/2011
| موضوع: تتمة قصة في المستشفى 26/6/2011, 5:44 pm | |
|
تابع قصة :في المستشفى
******************** تآكلت الحيرة في داخلي ،وبدأت أسئلة الموت او الاغتيال تستعمر ما تبقى من أراضي نفسي غير المستعمرة، بهواجس الخوف والقلق .ربما مات الجنين في بطن أمه ،ربما ماتت زوجتي أثناء الولادة أو بعدها .ربما تخلصوا منها ،أو منهما لصعوبة الولادة ،فكل القياصرة ماتوا وآخرهم كان موته وقتله قبل ما يقرب من قرن .وهؤلاء الأطباء والممرضون والطبيبات والممرضات ،كلهم قاصرون عن انجاز عملية قيصرية .
بدأت أتمشى في بهو المستشفى كالمجنون ،وكل تلك الأفكار ترج رأسي .لم أنتبه الا على صوت الهاتف وهو يرن .
-آلو ،سعاد كيف أنت ؟
-بخير ،بكل خير المهم كيف انت ؟
أنا جد قلق ،الحمد لله انك بخير
أقفلت التلفون ومن خلال صوتها ،عرفت أنها كذبت علي ،وأنها خائفة ،ومذعورة .انها زوجتي وأعرف درجة حرارة صوتها ،وما يحمله من معاني .دعوت الله ان تمر الأمور على ما يرام .فلا شيئ يوحي بالاطمئنان ،ففي هذه البلاد ،لايمكن أن تطمئن على نفسك وانت تتمشى في الشارع ،فكيف تطمئن على مولودك في بطن امه ...انتظرت وكان الانتظار كأنه زمن متوقف ..فبين هذه الوجوه الواجمة ،تمر أوقات الانتظار ثقيلة ،وكانك تصعد جبلا طويلا بنتوءات حادة،وعل ظهرك احمالا أثقل من وزنك .وجوه حالكة ،متوترة ، لاأحد يتحدث مع أحد ،كأنها جثث تنتظر من يحملها لوضعها في ثلاجة الأموات .رغم ان هناك مجموعات عائلية يربطها اكثر من رابط للأخذ والرد في الحديث ،وهم يجلسون قرب بعضهم ، لكن لا أحد يكلم أحدا..عيون مرتقبة في ذهول شديد ،عيونهم كأنها ثقوب ،أو قيعان كؤوس ،لا حياة فيها ،لا نشوة ،لا أمل ...جالسون فوق الكراسي ،كأي شيئ آخر في هيأة انسان .
أضجرني الموقف ،وأذعرني المشهد ،فقررت الخروج من البهو والتمشي كيفما اتفق ،علي أن أنفس عن نفسي خارج هذا الفضاء الكئيب .
خرجت الى الشارع ،كانت السيارات تعبر الشارع الرئيسي ،والشمس ترخي خيوطها على المنطقة ،وبعض الناس ،منصرفون الى احوالهم .كانت فكرة سديدة ،فقد غيرت بعض الشيئ من المشاهد المقرفة ،وخففت عني بعض أعباء البؤس الذي يخيم على المستشفى .واستبدلت بعض الصور المتحركة ،بتلك الصور الحالكة العادمة . .رن الهاتف المحمول ثانية .
-آلو ،سعا..
-أحمد .....اني ألد...ألد..
-الحمد لله ...لكن كيف سمحوا لك بمهاتفتي ؟
اني ...ألد...وحدي...تعال....ساعدني..
دقات قلبي خرجت من حميميتها ،لتعدو نحو المستشفى ،تسابق رجلي ،وانا ألعن وأسب ،كل المشتغلين والمسؤولين .حاول أن يستوقفني حارس الباب ،لكني طرحته أرضا ،وواصلت جريي بكل ما اوتيت من قوة الجري ..دخلت باحة المستشفى.توجهت الى قسم الولادة .لكني حينما حاولت التوجه الى الغرفة التي يمكن أن توجد فيها زوجتي والمولود ،لم اهتد اليها .صرخت سعاد ..سعاد..لم تجبني ،لم ياتني ردها ..قلت في نفسي لقد ماتت ..انتابتني هستيريا فظيعة ..بدات أسب وأصرخ ..وقف امامي احد الحراس..وقال لي والخوف يعلو محياه :
ممنوع وجودك هنا ...قالها وهو يتلعثم
شتمته وقلت له :لقد قتلتموها ....تغير وجه الرجل ...اريد زوجتي ..اريد ان اراها والا ارتكبت جريمة هنا .أريد زوجتي الآن ،لا أريد أي شيئ ....خرجت مني تلك العبارات بصوت لا اتذكر انه صدر مني يوما ما ،،قلتها بصيغة تأكيدية ،وبحركات انفعالية ..
-هدئ من روعك يا سيدي فكل شيئ سيكون بخير .
-أريد أن أرى زوجتي وكفى.
-اتبعني .
تبعته في ممر طويل ،ثم سلك بي ممرا آخر ،لكني انتبهت الى ان هذا المسير لن يقودنا الا الى وجهة غير الوجهة التي تؤدي بي الى زوجتي .فكيف له أن يعرف غرفة زوجتي ؟ قلت له بصوت غليظ :
-الى أين تريد أخذي ؟
رد علي :
-الى المدير .
-وماذا افعل بالمدير ،هل زوجتي وضعت جنينها في مكتب المدير ؟أريد زوجتي.
تركته وعدت من حيث أتينا وهو يتبعني ..ربما اختلطت عليه الأمور،فلم يمنعني ..انتبهت الى الهاتف ،ضغطت على رقم زوجتي :
-أين أنت ؟
ردت علي بصوت خافت ومتقطع ،يبدو عليه تعب واجهاد الولادة واضحا :
-أن...ا ه..نا ...ل..ق..د...و...ل..د..ت ...طف...لا.
سرى في نفسي ارتياح طفيف ،لكن صوتها الخافت أربكني ،قلت لها أن تحدد مكان غرفتها جيدا لأنني مضطرب جدا ومنفعل أيما انفعال ..ولا اعرف كيف أصل اليها.قلت للحارس الذي يتبعني :
-قل لي أين غرف الولادة .
رد علي بعد أن لاحظ بعض الهدوء في تصرفاتي :
-عند الممر الأيمن ...وانصرف .
تابعت طريقي ،فتحت الباب الأول ،لم تكن زوجتي في الغرفة .ثم الباب الثاني ...والثالث....وفي الرابع وجدت زوجتي تقبع وهي واهنة ،وبين يديها وليدنا الجديد .
الحمد لله على سلامتكما .
| |
|