خليط وفوضى ومسار حياة

موضوع: خليط وفوضى ومسار حياة 28/6/2011, 6:58 pm

خليط وفوضى ومسار حياة
******************

كما حدث في مصر ،في وهج الثورة ،عرس وزفاف في منفى السوريين ،دبكة ورقصة وموسيقى ،كما كان الشأن في ميدان التحرير .تنهض الفرحة من عمق النار ،ويتشقق الحجر ويتفجر ماء .كتب على جبين طفل أصهب "عرس..." ،وكتب على جبين حكام مختلف لون وجوههم "قتل " ،العرس ارهاص على ولادة قادمة ،والقتل علامة على ابادة في الهنا.العرس دلالة على تجدد الحياة والقتل رمز على و ءدها ومحوها .والسؤال ،لمن النصر .للوعد أم للوعيد ؟
هكذا تخبرنا العلامة والدلالة ،لاشيئ يبقى على ما هو عليه ،وقديما قيل :دوام الحال من المحال "لكن الحاكم العربي ،في فهمه الميت الثابت ،يحاول أن يقول :"الحال هو الحال ".فمن نصدق ؟ربما الى فترة ماقبل الثورات العربية ،كان الحاكم العربي على حق !!!ضدا على كل قوانين الحياة والفكر والعقل والروح . ضدا على طبيعة صيرورة الحياة .لكن الحياة في جوهرها متحركة متغيرة ،وان صمدت عندنا ضد طبيعة الأشياء لعقود طويلة .اذن دعونا نوافق طبيعة الأشياء ،ولو افتراضا ،ما دمنا في واقعنا لم نتوافق معها .
للشعوب مكرها الغريزي ،وللأنظمة مكر مصطنع ،محدود ومحدد،ولهذا نسمعهم يطلقون عبارة "تجديد النخب ".اما الشعوب فلا تطلق أي عبارة ،بل ان الأمر نفسي بالأساس ،ومزاجي بالطبيعة ،وأنا هنا أحيل على الشعوب العربية .وليس على مطلق الشعوب .أما الغريزة فلا تنفك تتجدد حسب التضاريس ،والأجواء والمتغيرات .طبيعة الأشياء لا تبديل فيها ،ولا تعديل .فكما أن اسرائيل لم تعمر الا بقوة الأنظمة الاستكبارية وبدعمها اللامشروط ،وبغباء ودونية الأنظمة العربية.فان هذه الأنظمة العربية نفسهاعمرت في شروط فرضت عليها ،شروط أخرى انتفاءها أو قل انحسارها .لن أفتح قوسا لهذه الشروط ،حسب فهمي وقراءتي لها . سأدعها حبيسة رؤيتي ورؤياي .وهذا من حقي في ظل الأسوار التي تضيق على الانفراجات العربية .
المهم الآن هو قراءة العلامات الاختراقية ،الدالة على تحولات الشعوب العربية .فأمس البارحة أكدت مصر انها لن تقترض من ذراعي الرأسمالية .صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي-وهو ما كنت تقدمت باقتراحه على المصريين قبل شهرين ،لأنها دولة تمتلك من المقدرات والقدرات الاقتصادية ،ما يعفيها من الاقتراض من مثل هذه المؤسسات .ولعل يقظة الشعب المصري ،ضغطت على الحكومة المؤقتة ،،بقيادة الدكتور عصام شرف ،التي استوعبت الدرس جيدا.فجميع خطوات حكومته تسير على الدرب الصحيح .انها ارادة الشعب الذي مزج بين الرقص والغناء ،والدعوة الى التغيير ،في ساحة مفتوحة على جميع الحساسيات السياسية والفكرية والفنية والشعبية .
وخلال مسارات الثورة العربية ،انتفضت بعض نساء المملكة العربية السعودية ،من أجل حقهن في قيادة السيارة بأنفسهن ،مع العلم انها الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر على النساء قيادة السيارة .!
وفي المغرب وهو البلد الذي انتمي اليه ببطاقة التعريف الوطنية ،تلعب لعبة التحول خارج سياقاتها .فلا النظام بكل فرسانه الخشبية فتح نقاشا جادا حول الدستور القادم بكل ما له وما عليه .ولا المعارضة غير الرسمية ،أو شبه الرسمية ناقشته من نفس الرؤية .كل فريق بما يخدم رؤياه الضيقة فرح،ومعظم الشعب يتوه في دوامة لا يعرف بدايتها ولا نهايتها .
كل التحركات يتم تحويل وتحريف اتجاهها ،ربما جاء الدستو ر المغربي المرتقب ثوريا في جوانب الحقوق الانسانية ،لكنه وهذا هو الأهم ،في الجوانب الاجتماعية ،لم يقل فيها شيئا .ربما قنن مجموعة من المجالات الحيوية ،لكن شريانها غيب تغييبا تاما ،وهو تحرير المجال السمعي البصري ،أي الاعلام .بل انه ارتكب كيبيرة عن سبق رصد وترصد ،أو عن سبق قراءة قد يأتي أوان كشفها ،عندما اعتقل صحفيا ،على ضوء ما ينشره ،وحاكمه بضوء القانون الجنائي .
خليط عربي قح .لن تجد له مثيلا الا في الأنظمة التي تشبهه .كنظام ميا ننمار .بورما سابقا-أي دلالات مستقبلية لهذا الخليط ؟وهذه الفوضى المتعمدة ،لابد من تفكيك وتشريح العلامات التي قد تسعفنا في فهم مساراتنا ووجودنا وحياتنا .