khalid salai
المواضيع والمشاركات : 86 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 16/06/2011
| موضوع: جذور الكرمة 2/7/2011, 7:43 pm | |
|
إلى وهج الطفولة...الى العاصفة الوديعة "أمان حمصي "،كي تكبر شقائق النعمان عل كفك ...
قصة قصيرة :جذور الكرمة . *****************
جاء اليه في حالة نفسية غير عادية ،مزيج من الخوف والاندهاش المتسائل .نظر اليه أبوه في حيرة ،وتوجس شيئا مشينا حدث لابنه .سأله باندفاع عفوي ،بعد أن تكسرت دعة وجهه ،وتقلصت عضلاته ،وجحظت عيناه : -ماذا بك يا ولدي ؟ما الذي حدث لك ؟ اختلس الطفل نظرة استفسارية عميقة من وجه أبيه ،قبل ان تعود رسوماته الطبيعية اليه تدريجيا،وسأله دون ان يجيب على سؤال أبيه : -أبي لماذا يضرب الآباء أبناءهم ؟ كان السؤال كبيرا ،وغير متوقع ،كسر كل انتظارات الأب ،وحشره في زاوية لم يعتد الأب انتباذها .فهو لم يضربه ابدا ،ولم يهدده بالضرب .والطفل لم يشتك من أحد ما ضربه .فلماذا يسأل هذا السؤال الغريب ،والخارج عن سياق المألوف في علاقتهما .أراد الأب ان يستفسر الأمر : -ولماذا تسال هذا السؤال ولدي ؟ اعتدل الطفل في وقفته ،بعد ان تلاشت علامات الخوف من وجهه تماما ،واقترب من أبيه ،وأخذ مكانه بالقرب منه على كرسي بلاستيكي .تغيرت هيئة عينيه اللتين كانتا مشوبتين بخليط من الخوف والاندهاش .لتستقر فيهما علامات الحيرة ،قال لأبيه : -سمية أبي ،صديقتي في الفصل ،تلك البنت التي كنت تحدثت اليك عنها قبل أسبوعين ،على ما أذكر .....هل تذكرها ؟ قام الطفل من مكانه ،وأخذ زجاجة الماء ،ملأ كأسا ،ثم شرب ،وعاد الى كرسيه البلاستيكي ،وتابع : -هل تذكرها يا أبي ؟ -نعم كنت تحدثت الي عنها ،وقلت انها طفلة ذكية وجميلة،حسنة الخلق،ومتفوقة في دراستها ،وتريد ان تنافسها في التفوق ،وتتفوق عليها ...نعم اذكرها فالعلامات مثل هذه لاتنسى يا ابني . -هي بالضبط يا أبي ...لقد صفعها أبوها اليوم أمام كل التلاميذ... توقف الطفل وكأن الصفعة نزلت للتو على خده ،تغيرت سحنته ،وقبل أن تعتدل تابع : -لقد ضربها أمامنا لأنها أخذت ملونات أخيها دون أن تستأذنه ،وعندما افتقدها استشاط غضبا في المنزل وبكى ،واشتكى لأبيه ،الذي كان جد متوترا عندما صفع سمية ..لم أفهم شيئا يا أبي ؟ -لكنه فعل غير موجب للضرب،وخاصة أمام الآخرين ،بل ان الأطفال لا يجب علينا ان نضريهم ،فما بالك ان يضربها أمام أقرانها من التلاميذ ؟انه متخلف يا ولدي ،جاهل ،ولا أظن السبب كان أقلام أخيها،ربما هناك أسباب اخرى .. قاطعه ابنه بحدة وبتلقائية : -لكنه يلبس لباسا أفضل منك ،وحذاء لامعا ،كلما انعكست عليه أشعة الشمس لمع ،وله سيارة جديدة وجميلة .فكيف تقول عنه متخلفا وجاهلا ؟ -ليست يا ولدي المظاهر معيارا للتخلف والتقدم ،فالمظاهر من البسة وسيارات ومنازل وفيلات ،ليست عنوانا للتقدم والتحضر ،انه هنا ... وضع يده على صدغه ،وقال:التخلف هنا ،أما المظاهر فقد يمتلكها المتخلف والمتحضر ،لكن الفرق هنا ..وأشار مرة أخرى الى رأسه . ساد صمت بين الأب والطفل .وكأن الأب يلعن الأب ،والطفل يفكر فيما سمعه من ابيه ،وفي صديقته سمية ،التي لم تأت في عرفهما بخطأ يستوجب كل تلك المهانة التي ألحقها بها أبوها أمام أقرانها .لكن شغب الطفولة كسر هدنة الصمت ،حين قال الطفل : -أبي لقد رأيت سمية عندما دخلنا الى القسم ،في حالة يرثى لها ،أشفقت عليها ،وتمنيت لو كنت رجلا ،لرددت الصاع صاعين لأبيها .لقد تحولت فجأة من طفلة بشوشة ومتقدة ،الى طفلة كئيبة ومنكسرة ،وأخاف أن تظل دائما كئيبة . نظر اليه أبوه وهو يتأمل الطريقة التي ينظر بها ابنه الى قضية ،قد لا يلتفت اليها الكبار ،أما الصغار فسرعان ما تذوب في أذهناهم مثل هذه الأمور .وكأن الأمر شيئ عادي ،أو هو من مسلمات العلاقات الانسانية عندنا .حمد الله في دواخله ،ونهض الى ابنه ،وعرض عليه أن يرافقه في نزهة ليشتري له بعض البوضة ،كطريقة تحايلية لغسل ما علق بذهنه من شائبة صفع سمية من طرف أبيها .ولكي تجد لها موضعا في ذاكرته كدرس انساني ،عوض أن تتجسد كوصمة نفسية تؤرقه في حياته . | |
|