حفل زفاف

موضوع: حفل زفاف 4/7/2011, 11:57 pm

حفل زفاف
*******

تقبل تهنئتها على مضض ،ابتسامته لم تكن غير علامة اشهارية لجميع المدعوين ،والحاضرين .كان من المفروض أن تكون هي الجالسة أمامه الآن على الكرسي الذهبي الثاني ؛وليس زوجته الحالية .تتبعها بنظرات مسروقة وهي تأخذ مكانها بين المدعوين ،الى أن جلست بين صديقتين لها ،يعرفهما "نوفل" حق المعرفة.
تناهت الى مسامعه ضحكتها الصاخبة ،التفت توا الى وجهها.كان يرد التهاني بنفس الأسلوب الاصطناعي ،لكن عيناه لا تبرحان وجهها ،وضحكاتها العالية ،يهيأ اليه ان درجة صوتها تزداد كل مرة.شفتيها المكتنزتين ،وشعرها المترنح الذي كان بمثابة بحر اسود ،لطالما سافر فوق مياهه .تستفزانه الى درجة أن احمرار وجنتيه ،ازدادت كثافته ،لكن لا أحد يستطيع اكتشاف سر تضاعف احمرار خديه الا هو وهي .فحتى زوجته الجالسة امامه الفرحة بليلة دخلتها ، لا تعلم من الأمر شيئا .
ربما كانت تصنع حركاتها عمدا لتعيده الى مصيدتها ،أو لتذكره بمفاتنها التي تعلم انه لا يزال سجينها. فبين الفينة والأخرى تقف وتشد صدريتها ،بعد أن اختارت أن تحضر الى ليلة زفافه ،بقفطان مغربي أصيل ،ضيق الى حد تحوله الى علامة قد لايعرفها غيره .تشد صدريتها وتهتز قليلا ،فيتحرك نهداها ،كموجتين تغريان اي سباح ماهر للقفز فيهما ،بكامل عنفوانه .وحين تبعد خصلات شعرها عن عينيها ،أو تقوم بنفش الشعر الظهري ،ترتعش فرائصه ،ويكاد ينسى أنها ليلة زفافه .وأن زوجته التي تزوجها لتنقذه من هاوية البطالة ،قد تطرده من نعيم ،تسلم للتو تذكرة السفر اليه .
يوزع ابتسامته البلاستيكية هنا وهناك ،ليمر بعينيه العاتبتين لها لحضورها هذه الليلة بالذات .وليقدم اعتذاره ،عن ضعف لم يرغب فيه ،وعن جبن فرض عليه .لكنها لاتعيره انتباها ،الاعبر ذهنها المشغول به. أما وجهها وعيناها ،فهي موزعة بين صديقتيها .تعلم جيدا أنه لا يزال يحبها ،وهي طبعا لا تزال تحبه .لكنهما متساويان في معادلة كبت حبهما .فالواقع اكبر منهما الاثنين .فضلت أن يربح حياته .ويخسران حبهما . بكبرياء دام ، قررت ان تحضر فرحته الحزينة ،لتشاركه الاحساسين معا .كانت أجمل من زوجته الحالية .ويعرفان بعضهما حق المعرفة .لكن مستقبله كان حائلا بينهما .
توقفت نوتات الموسيقى ،ايذانا بتقديم الأكل .لكن حبيبته لم تأت للأكل ،بل أتت لوداعه ،وداعا صامتا .قررت ان يكون وداعها له وداع الحضور .فهي تعرف ان من يحب ،لايستطيع ان يغيب .أحنت رأسها ،وكأن كل تلك الأحزان التي خبأتها طول مدة جلوسها ،قد انقشعت فجأة ،وفاضت على عينيها دمعات استطاعت بدهاء العاشقة ان تسترها بشعرها الطويل ،وانصرفت الى بيتها .وهي تدعو له بالرفاء والبنين .