صورتين في قصه{قصه قصيره}
--------------------------------------------------------------------------------
لا تكف تلك الصور من العبث بوجهي وملامحي, تراقص عيناي في دوره متواصله, يملاءها الترقب, صوره طفولتي لا تبتعد,العب في الطين امام البيت في نهار حار, لا اشعر بالعرق يتصبب من راسي في تبخر, كل ما اراه هو هذا الطين الاحمر, الذي مزجه المطرالربيعي ليله الامس , امضي ساعات اقلب الارض والسحاب, اغرس اصابعي في الوحل لارى وجهي,التقط حفنه طريه, اعجنها بين اناملي و كفي الاحمر,وادورها لتكون صخره, اضربها في الارض لتكون جدارا, وتمضي الساعات دونما ادري ولا اشعر بشئ حولي.
توقظني امي بصياحها لادخل الدار, اتوجه نحو البيت ولا اعرف ما حولي, تولول امي حين تراني من اتساخ ثيابي. لا اعرف ما هو الوسخ في عين امي. ما دمت قد صنعت بيتا في داخلي لي وحدي. اناس برؤوس ملفوفه وملتصقه في جداره في قلوب من هنا وهناك
لا تريدني امي ان اتسخ ثانيه بالاوحال, قلت لها في نفسي ان الطين ليس قذاره يا امي,فله لون جميل وملمسه طري وقلبه دافيء, وحين احمله بين كفي, اشعره قلبا نابضا بين يدي, لست ادري قلب من هذا. وبعد ساعتين امضتها امي في غسلي, نظرت من الباب فلم ارى بيتي الاحمر, كان هناك اثار احذيه فقط.
لا زلت امام صور. ولست ادري لماذا اذكرها بعد ثلاثين سنه. يتراءى لي ذلك التمثال الثلجي في عيناي الذي صنعته في وسط العاصفه الثلجيه في شهر كانون الثاني, لملمت الثلج وجمعته كتلا تتلاصق كلما اقتربت من بعضها, وارتفع تلك الكتل لتكون موازيه لطولي. الصقت الزوايا لتخفي الثنايا, لم اكن اصنع رجلا ثلجيا للعيد,كان امراه. حفرتها بسكين المطبخ. فستان عاري الاكتاف, ووجهه ذو ملامح مختفيه بلا عينين,وخطوط طوليه نقشت على الفستان, ليكون له نوع قماش, اما الوجه فكنت احاول ان اجد له ملامج بين اصابعي المتجمده, ساعات مضت وانا لا اشعر بشي سوى ذلك الوجه, ظهر الانف واسفل العينين, ولكن العينان تحيرني, فكلما حاولت رسم البؤبؤ كان يسقط دمعه ثلجيه جامده لا تريد البقاء. حدود العين كانت تصعب تحيديها, كانت الدموع الثلجيه تسقط كلما حاولت الصقاها, الى ان اختفت العين تماما وكانها لا تريد ان تفضح سرا.
لم يبعدني عن تمثال الثلج الا صياح امي مناديه, وحين عدت راتني بلون ازرق وجليد يلصق الرموش والاهداب في عيني. ولولوت امي ساخطه, :اتريدين ان تقتليني, قلت لها في نفسي, لماذا يا امي, لقد كان الثلج دافئا , لا اشعر بالبرد, اشعري جبيني, انه حار.
دخلت البيت وكان باردا بعتمه, الثلج دافئ اكثر امام البيت, فقد ادفأ قلبي واثلج روحي , لقد جعل دمي حارا, وانامني في الفراش اربعه ايام حالمه, ولكن حين نظرت من فتحه الباب على التمثال بعد ايام كان ملقا على الارض, ذائبا بعد ان رفسه جارنا المتعبد مهلهلا : اصنام الكفره اصنام لا تضر ولا تنفع. اتقوا الله.