khalid salai
المواضيع والمشاركات : 86 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 16/06/2011
| موضوع: لقاء بالصدفة 12/10/2011, 3:15 am | |
|
لقاء بالصدفة ...
خالد الصلعي استقبلتني بابتسامة عذراء ، وأنا لم أتجاوز باب المقهى . لم أكن أعرفها ، ولم أرها قبل اليوم . لكن ابتسامتها كانت تشي أن لها سابق معرفة بي ، ربما كانت من صديقات الجامعة ، أو المدرسة ، أو ربما شاهدتني في أحد الملاعب الكروية . كأس عصير البرتقال الذي يبدو أنها لم تمسسه بعد ، ينتظر يدها لتمتد اليه ، كي تخرجه من حالة اليتم الأرستقراطي . فالمقهى ذات هندسة عصرية ، وكل تجهيزاتها مستوردة . حيطان المقهى الداخلية المرمرية اللامعة ، المزركشة بألوان ذات تناسق فني بديع ، وسقفها المغلف بالجبص الرفيع ، مدهون بطلاء يميل الى اللون الأخضر المفتوح ،شفاف الى درجة تشعر معها بارتياح نفسي غريب . للألوان سحرها الخاص . طلاء يعكس الظلال السفلية للأنوار . لأول مرة ألاحظ سقفا يستعير ضوءه كاملا من الأنوار الجانبية ، في وسط الحائط ، بعضها مبثوث داخل أشجار ظلية صغيرة ، وبعضها ذو خيوط رقيقة ينبعث من ستائر من حرير مصنوعة ، ذات ألوان فستقية . تقدمت اليها ، لأستكشف أمرها ،أو ربما كان جمالها الهادئ المشوب بثقة نفسية هائلة ، هو ما ورطني في التقرب اليها . سلمت عليها بيدي ، كان كفها وتقاسيم أصابعها ناعمة ، كخوخ استوى نضجه كاملا . سرعان ما تسربت الى أنفي رائحة عطرها ، ولم يكن صعبا علي التعرف على نوع العطر الذي تستعمله ، فقد كان من نوع AXE . حين اقتربت اليها ، أدركت أن قراءتي الأولى واستنتاجي الأول لم يكونا في محليهما ، ربما هي ليست مغربية أصلا ، فكيف ستتعرف علي في الأماكن المغربية كما خمنت سابقا . قلت مع نفسي أنها لا تعيش هنا ، ربما هي من المهاجرات ذوات الشخصية المستقلة . أو من تلك اللا واتي يعشقن الرجال ، فلا يبدين أي تحفظ في ابداء نزعاتهن . أغاني "JULIO EGLESIAS" الهادئة المترعة برومانسيتها ، تزيد المكان روعة وفتنة ، وتضيف على وجهها معاني اضافية أكثر جمالا وبهاء .لأول مرة أنتبه الى أن للموسيقى تأثير كبير على تذوقنا جمال الوجه . -Que tal estas؟ سألتني بالاسباني . - ؟Bien ; gracias , usted de Espana no - لا أنا مغربية ، لكني ولدت في JAEN من أب مغربي وأم اسبانية ، أجابتني بدارجة مفككة . -جميل لكنك حافظت على جانب من روابط هويتك المزدوجة ، ابتسمت ابتسامة اسبانية حالمة -حتى الابتسامات تأخذ في بعض الأحيان هويات معينة ،فرغم انها مزدوجة الهوية ، الا أن ابتسامتها مالت الى هويتها الاسبانية ولم تمل الى هويتها المغربية - كانت ابتسامتها رقيقة ،وقوية في آن ، أذابتني بين شفتيها ، لكن سؤالي المؤجل لم ينتظر أكثر ، فنحن المغاربة لانتجاوز أسئلتنا ولا نؤجلها ، خاصة اذا تعلقت بتطفل مبرر . لكن أسئلتنا الكبرى ندفنها في تفاهاتنا اليومية . -لكن لم تقولي لي ، كيف حييتيني دون أن يكون لك سابق معرفة بي ؟ ابتسمت وأخذت لأول مرة كأسها ،وارتشفت رشفة خفيفة وردت علي : -نحن لا نملأ عقولنا بسلوكات معقدة ومتخلفة ، اذا استراحت نفسنا لشخص ما ، نرحب به وندعوه دون سابق معرفة ، فالسعادة الداخلية فوق كل حسابات ضيقة ، وقد نعطيه أعز ما نملك وأغلاه ، والعكس صحيح، اذا لم نسترح لأحد نتجاهله ، ولانقترب منه ، ولو كان ملكا أو أغنى أغنياء الدنيا . - أعرف هذا الجانب ، لكن للأمور نسبيتها ، فليس كل شيئ باطلاق . -Evidemente.... لكن لاتنسى أيضا أننا نتكلم عن درجات النسبية . كان هذا الجواب كافيا ليدخلني في قراءات لم أكن اظن أنها ستكون من نصيبي هذا اليوم ، انتابني وسواس أنها اما أن تكون مثقفة بدرجة عالية ، أو أنها من المخابرات الا سبانية . كل شيئ أصبح في عالمنا اليوم متداخل ومختلط الى درجة أن ذلك المتسول القذر المليئ بالأوساخ اتضح أنه من المخابرات .وهي قصة تعود الى سنين الانتفاضة التسعيينية . تجاوزت تكهناتي ، فوجهها يمحو كل هواجس قد تنفرك منه ، أو تبعدك عن تأمله ،تأملت ذلك الوجه مليا ، جميل الى درجة الاستفزاز ، والتنفش ، شعرها الرطب كحرير هندي خالص ، بل أبهى وأجمل ، في لونه الضارب الى اللون الذهبي ، . سألتني ماذا أشرب ؟ تذكرت أنها تنتمي الى ثقافة أخرى لاينفع معها ابراز تفاهة الفحولة الشرقية الكاذبة . طلبت طلبي المعتاد. قلت لها : -قهوة سوداء . -Con plazer طلبت من النادل طلبي . وغرقنا في تفاصيل الحياة اليومية ، وشيئا فشيئا بدأت تفاصيل حياتنا تتقاطع ، وبدأ الحديث يأخذ أبعادا أكثر حميمية . سألتها عن اسمها . عندما نكون أمام امرأة بمواصفاتها ، يكون التعرق على الاسم آخر ما يتبادر الى أذهاننا ،. كان اسمها نعيمة ، واسمي بالطبع، نوفل . -هل ترافقني الى الفندق ؟ سألتني بعفوية وانسيابية ، لم أدر من أين خرج سؤالها ، أمن فمها ام من منطقة أخرى ،. وأنا أيضا لم ادر أي منطقة في جسدي سمعته ، هل هما أذناي أم شيئ آخر ؟ المهم ،أنها كانت دعوة غير منتظرة ، لم أتو قعها . تراكمت علي عقدي الشرقية التي حاولت جاهدا قهرها ، ، فاعتذرت لها بكذبة ، أظهرت لي كم كنت غبيا ، فقد ادعيت اني متزوج . جاء استنكارها كقنبلة فجرت ثقتي بنفسي ، وأحالتني مجرد شظايا مبعثرة في فضاءات نفسية لارابط بينها . -وما دخل زواجك بمرافقتي الى باب الفندق ؟ درجة حرارة وجهي ارتفعت الى حد صرت فيها مكشوفا ، وقد لاحظت ذلك من خلال عينيها ، المشرقي متورط في ورعه حد الغباء ، حاولت تبرير ما لايبرر . بعد أن استرجعت بسرعة عافية نفسي ، قلت لها بصوت لم يكن بنفس نبرات الصوت الأول : -لكنك لم تقولي لي الى باب الفندق . ردت بسرعة فائقة ،وكأنها كانت تعرف نفيي الانكاري والتعجبي . - ولم أقل لك رافقني الى غرفة النوم . نهضت ، وتركت جسدا وعقلا محطمين الى آخرهما، وودعتني بابتسامة خبيثة . تقدمت الى النادل و أدت ما عليها وانصرفت . | |
|