وحشية الشاعر

موضوع: وحشية الشاعر 25/10/2011, 9:19 pm

وحشية الشاعر

خالد الصلعي

أنا القادم من الصحراء الى الصحراء ،
لاأعرف كنه الأشياء،
ولا تفاصيل حياة الببغاء،
لكنني أعرف جيدا لغة الحصى ،
ومنازل النجوم ،
وأن لاحجم للسماء ،
فحين أعبر الكثبان ،
أدرك كم عدد رملها ،
وتحدثني جهرا ،
لا تعترف بالخفاء ،
لا أسرار لها ولا همس الجفاء ،
أعد الكثبان حصوة حصوة دونما عناء ،
يمتزج بي السراب ،
فيصير وحده حقيقة الحلم،
وما بعده سراب العماء ،
عندما حدثني ابن عمي عن المدينة ،
وقال لي ان الليل صار فيها نهارا ،
وأن العهر يمارس جهارا ،
والانسان كالحيوانات الداجنة تتبع حمارا ،
قلت في نفسي ،
لا روح لأهل المدينة ولا دماء،
يستبيحون طهر الليل ويكشفون عنه الغطاء ،
فهل يقبل أحدهم أن يستبيح ،
ما بالمدينة من نساء،
قال لي :نعم ،
ويحك ابن عمي ،ماذا تقول ،
وصفعته أمام الملأ ،
هل فقدوا كل سمات الخجل والحياء،
أم أنك تفتري على الناس ،
ما لم تر ،
وتقول ما تشاء ،
أقسم بأغلظ الأيمان أنه يقول صدقا ،
وأنه يحكي ما رأته عينه ،
في وضح النهار ،
وأن ذلك ما يسمونه النماء،
قلت للجمع ،
اذا كشفوا الليل ،
ألن يكشفوا حرمة النساء ؟
ما زال الليل عندنا في شكله الأول ،
بدائي الطبيعة ،
تزهره النجوم والقمر ،
فيأتي عريسا الينا الضياء،
يلبس ثوب السماء ،
وتهفو اليه عيوننا عبر منحدرات المساء،
فكيف يكون في المدينة ،شعر ،
وكيف تنجب المدينة الشعراء،
يا شاعر حضارة الاسمنت ،
لاتبع روحك، وعودها الخلاء،
واخلق صحراءك في الحشاشة ،
كي تبقى طريا ،
سليل البيداء،
ودع وحشيتها على سجيتها ،
تعلمك معنى الكبرياء،
اذا الشاعر تحضر ،
مات الشعر ،
ومات الإباء .

25.10.2011