المغرب : كفى من السيبة السياسية !!!!
****************************
مالذي يقع داخل الأحزاب المغربية ؟ تكتلات مشوهة ، وتزكيات متناقضة ، صراعات داخلية ، استقالات بالجملة ، اتهامات متبادلة من رحم الحزب وتجاه جميع الاتجاهات الأخرى ، عودة المغضوب عليهم الى تصدر قوائم المرشحين ، أميون على رأس القوائم ، في عصر التكنولوجيا الرقمية ، وفي ظل دستور قيل عنه أنه أحدث ثورة في تغيير المفاهيم ، والممارسات ، من أجل...... مؤسسات ديمقراطية !!!!!
ما معنى أن يلتزم من صفق وطبل للدستور بمقتضياته ، وحبره لم يجف بعد ؟؟ ان دراسة متأنية تحاول الوقوف على الخلفية الحقيقية لهذه الخصوصية المغربية ، لن تؤدي الا الى عملية تشريح وتفكيك مجمل هذه الأمراض السياسية والحزبية بالمغرب .
فهذا التهافت المحموم من أجل تزكية انتخابوية ، عابرة ومرحلية ، وهذه الصراعات الفارغة التي لا تؤكد الا على شيئ واحد ، هو كون هذه الأحزاب جميعها عبارة عن دكاكين سمسرة موسمية ، من أجل مقاعد انتخابية ، لآأكثر .
ففي الوقت الذي كان يفترض فيه أن نتابع تنافسا عقلانيا حول البرامج والبدائل ، ونبحث عن وجوه الاختلاف والتمايز بين طروحات ونظريات ومقترحات الأحزاب ، وجدنا أنفسنا نحتمي من طوفان الاتهامات الرخيصة ، والصراعات الجانبية ، والشخصية ، بعيدا عن أي نقاشات ايديولوجية فكرية ، ورؤية مالية واقتصادية ، واستشراف معقول لمستقبل البلاد .
وعوض أن يتنافس ديناصورات الأحزاب حول الحد الأدنى لتجسير مقتضيات الدستور مع خطاباتهم وواقعهم ، بتنا نعيش حرب المقاعد والصفوف الأمامية ، والأنكى أن أي حزب لم يسلم من هذا الوباء المستشري في الجسد الحزبي المغربي .
ليبقى الوليد الجديد يتيما ، بلا أم ولا أب ، فالدستور الجديد ، لايهم من تقع عليهم المسؤولية الأولى لتقريبه من الناس ، وهذا دليل واضح على كونهم غير معنيين به ، لأنهم لم يناقشوه ، ولم يشاركوا في تبويبه وتقعيده . ليبقى مجرد وثيقة يستأنس بها الباحثون والمهتمون لتثبيتها كأسلوب علمي مجرد ، أو بلاغي تعبيري لملء فراغات أسطر الصفحات والكتب .
كان من الأدعى ، ومن الذكاء السياسي ، أن يتم تجاوز كل هذه الحركات المتخلفة ، في لحظة تاريخية ، هي حقا مصيرية . لنقلب صفحة الروتين السياسي المغربي ، وندشن لمرحلة جديدة .لكن !!!!!!!
كان على واهبي الرضى السياسي أن يتعاملوا بحرفية أعمق وبدهاء أوثق ، مما نلاحظ ونتابع . ولكن كما يقال الطبع يغلب التطبع ، وفعل السياسة العالمة ، غير فعل السياسة الجاهلة ، ليبرهن أساقفة السياسة ودكاترة تصميم وتهييئ نتائج الانتخابات أنهم غير مهتمين بما قد يرشح على رقعة السياسة المغربية من بثور وطفح مهترئ ، لأن الترتيبات معدة سلفا ، وهذه المناوشات والبذاءات السياسية التي نتابعها لاتعني غير شيئ واحد ، هو الصراع من أجل حجز المقعد ، ما دامت المقاعد قد وزعت بالمحاصصة ، وكل حزب قد قنع بما يتصدق عليه به موزعو المقاعد .
لنخلص الى نهاية النهايات ، لاشئ في المغرب على صعيد الفعل والممارسة السياسية قد تغير ، فالواقع السياسي المغربي الرسمي ، واقع متحكم فيه سلفا ، والخريطة السياسية معدة مسبقا . أما الحراك الاجتماعي _20 فبراير _ مثلا_ فهو حراك ولد ميتا ، ولا بد له من تراكمات تاريخية ، كما أن عليه تنقية ساحته الداخلية من المندسين وممتهني الصراخ الأجوف ، لتتبلور كحركة اجتماعية ذات تأثير . فهي مع ما للمنظمات المدنية المغربية من تاريخ لم تستفد من هذا التاريخ ، وهنا يطرح سؤال كبير ، أين المنظمات المدنية من الحراك الاجتماعي ؟؟؟؟ لماذا لم تستفد من تراكماتها التاريخية ، كاستفادة السلطة منها ، ومعلوم أن السلطة المغربية خبيرة في الاستفادة من عامل الزمن ، اذ هي تعرف أن داخل الزمن قد تحدث تطورات وتغيرات قد تكون في صالحها ، لأنها تمتلك كل وسائل التحكم في تغيير المعادلات .
وما يهم الآن هو العمل على وقف مهزلة ما نتابعه من استخفاف بكل قيم المواطنة والوطن ومستقبلهما ، ومحاكمة كل القائمين على افساد وهج العمل السياسي ونبله ، فالسياسة ليست كلها شر .