khalid salai
المواضيع والمشاركات : 86 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 16/06/2011
| موضوع: وردة الاهانة ...رواية -9- 10/11/2011, 11:57 pm | |
|
وردة الاهانة ...
رواية
خالد الصلعي
*9* عندما تقابلنا عند "الدورة" ملتقى طرق بقلب بني مكادة ، وهو عبارة عن دائرة لا يتجاوز قطرها عشرين مترا ، صممها المستعمر ، كمفصل يجمع بين ست شوارع ، أربعة منها تقود الى أحياء سكنية ، واثنان هما عبارة عن طريق تقاطعي ، أحدهما يأخذك جهة المدينة ، والى جميع أنحاء طنجة . والآخر يقودك الى بوادي وهوامش طنجة . محمد كان في الموعد كما اتفقنا ، تحت شمس يونيو /حزيران تقابلنا وتصافحنا ، تبادلنا حوارا خفيفا قبل أن نشد الطريق نحو ثانوية ابن بطوطة سيرا .لم تكن نفس الأجواء التي نقدم عليها ونحن نعتزم الذهاب الى اجتياز امتحانات المدرسة أو الجامعة ، حيث رهاب الخوف من الرسوب ، يتملكنا ويستبيح سكينتنا وطمأنينتنا ، كأننا ذاهبون بارادتنا الى معتقل نازي . كانت ضحكاتنا تعلو في الهواء ، وحديثنا انسيابي ، نتحدث بكامل قوتنا وبكامل حريتنا ، دون احساس بخوف نحن مقبلون عليه ، حرارة الشمس تساعد على الضحك ، وطنجة لا تبخل عليها السماء بشمسها ، تهبها كما أمطار الخير بلا حساب . عندما وصلنا الى ثانوية ابن بطوطة ، كانت الساحة مليئة بالمتبارين ، تجمعات هنا وهناك ، كأنها حلقيات الجامعة ، كثير من الأصدقاء الذين لا توفر لهم ظروف الحياة اللقاء ، وان كانوا يسكنون نفس المدينة ، وجدوا أنفسهم يصافحون بعضهم دون موعد مسبق . انتبهت الى "سعيد الطويل " ، تبادلنا التحية ، وانضم الينا ، ثم انضم عبد"الواحد الصوفي" هو من المدعين بالالتزام الديني ، كما انضم الينا آخرون . كل الاجتماعات كانت مغايرة لاجتماعات الامتحانات الجامعية . هنا الكلام واضح والضحكات عالية ، والسحنات طبيعية ، في شكلها الحقيقي . وهناك لا تكاد تستمع الى صوت أحدهم كأنهم يتحدثون صمتا ، رغم اننا أحرار ، وليس ممنوعا ان نعلي أصواتنا ونتناقش عاليا ، للظروف وطأتها وتأثيراتها على تصرفاتنا . فنحن نفس الأشخاص ، ومقبلون على نفس الشيئ هو الامتحانات ، لكن أجواء اجتياز مباراة المحررين ، تختلف كليا عن أجواء اجتياز أي من الامتحانات المدرسية . لعبة السقوط والنجاح لعبة خطيرة . انها المقابل الموضوعي للعبة الموت والحياة . عشنا هذه اللحظات ما يقرب عشرين سنة في الحد الأدنى ، رهاب الامتحانات نختبره ، على الأقل أكثر من ثلاثين مرة في حياتنا ، اذا ما احتسبنا الامتحانات الدورية في المدرسة والثانوية . نتحول الى ركام من الرهاب الرسمي ، في ميدان يفترض به ان يكون أول من يحارب كل مظاهر الرهاب والخوف ، هو التعليم . بدأت حركات الساحة تعرف اختلافا في شكلها ومظهرها ، خفت الأصوات تغيرت اتجاهات الأنظار ، كان الأساتذة المشرفون يتوزعون على الأقسام وفي أيديهم أوراق الامتحانات ، وأسئلتها ، تتبعنا خطواتهم ، وهم يتوزعون حسب ترتيباتهم ، لكن رغم ذلك كانت نفسيتنا مرتاحة ومطمئنة ، سنتوزع نحن أيضا حسب الأرقام المثبتة في دعوات اجتياز الامتحان . في الحقيقة لم تكن اسئلة صعبة ، وان كانت تحمل في طياتها نوعا من جس نبض الأفكار والاختيارات والقناعات . انه امتحان يخص مرفق وزارة الداخلية، ولا بد أن تتخلله بعض قشور الموز . كانت الأسئلة تتعلق بالخصوص حول دور الشباب في بناء الوطن ، وحول الرهانات المستقبلية للبلاد ، والعوامل الكفيلة بتطوير البلاد . وامتحان صوري في اللغة الفرنسية . مرت أجواء الامتحان بطريقة أكثر من شفافة ، والمراقبون لا يراقبون شيئا ، كل شيئ مباح ، بحيث يسطيع الواحد منا أن يكتب لصديقه الموضوع كاملا ، أو يمده بالخطوط العريضة للموضوع ، ويتبادل معه ورقة الاجابة . كتب كل واحد منا ما يراه مناسبا ، حسب مرجعيته ، وزاده اللغوي وخبرته في قراءة الأسئلة ، وحسب رؤيته لمستقبل الوطن ، وكيفية ادارته . | |
|