كم كنت وحدك
طارت حساسين الحديقة
وانتصب الفراغ ... أمامك..
و الأفق خاو على عروشه
في انتظار غيمات الشتاء البليلة
مثل مسافرة تركت في المحطة دمعتها الأخيرة
وراحت تتأمل منديلها في لوعة
عساها تسرّي على نفسها الكليلة
كم كنت وحدك ... مثلها
في شوارع الضباب الكئيبة
كم كنت وحدك ...
تلتقط أنفاسك من بقايا الجوع ...
من قهقهات الصور المعلقة على الجدران
بعد أن مجّتها العيون الضنينة
كم كنت وحدك ...
وأنت ترسم حديقتك
والحساسين على أفنانها الظليلة
آه .. كم كنت وحدك ...
تبني قصورك الرملية مثل طفل هدهده النوم
وأمه لم تعدّ بعدُ العشاء
فراح ينظر في السماء
إلى أن طار به الوسن ثم اختفى
أما أنت مازلت وحدك ...
تنظر في تجاعيد الخريطة وشكل الخليج وصهيل غربتك في الدجى
آه .. كم كنت وحدك ... [center]