ثائر العلوي
المواضيع والمشاركات : 38 الجنسية : العراقية العمل/الترفيه : موظف في مجال الثقافة / المطالعة و الانترنيت و الخربشة تاريخ التسجيل : 03/03/2012
| موضوع: حارس مملكة الماء 10/3/2012, 2:56 am | |
|
حارس مملكة الماء
قصة : ثائر العلوي
فُتِحَ البابُ و لكي أنظرَ من كان الدّاخلُ رفعتُ رأسي ببطءٍ و هدوءٍ جمّْ كانتْ سيدةٌ في العقدِ الثالثِ ، في عينيها زرقةُ نهر النّيل و في سمرتها لون الغلّة في ذي قار ، و انهمر الضوءُ على الشَّعْر الأسود شلّالاً من خلل البابِ شعرتُ بقلبي من سحر جمال طارَ كعصفور حطّ على أكرة باب الدّار ، قوسانِ من الدّكنة تحت العينين الصّافيتين أباحا أنّ الصّدرَ ينوءُ بثقل الهم ، كانتْ تصحَبُ طفلاً يتأوّهُ في العام الثاني من عمر طفولته ، قالتْ : ظمأَ الطّفلُ فهل لي بعض الماء لأرويه كفاكَ الله الدّاء ؟ كنت أجلس على كرسي متحرك خلف مكتب من الخشب الصقيل المستورد و كانت تلك الدار هي دار استراحة الأثرياء الذي أعمل فيه . كان الماء المتلأليء في أحواض سباحة الأثرياء يغري الناظر إليه و حزمٌ من أشعة الشمس تجلدُ صفحتهُ بصلافة و شدّة فتنعكسُ عنهُ هالات من الضّوء المغري للعين و كثيراً ما حدثتني نفسي أن ألقي بنفسي في أحدها لكي أكسر شدة حرارة جسدي في الصيف اللاهب ( و أنا الحارس أوكلني المولى لا أملك حولاً إلّا للأسماء الموجودة في القيد . الطّفلُ تأوّه و أخذت آهاتهُ ترتفع لتحفر في رأسي طيفاً سمعتُ أمّي تناديني : فلترو الظمآن و لو بحر دمك كان أبوك الرّاحلُ سقّاء الرّكب و إذ داهمنا القحطُ بيومٍ أمعنَ محتَسِباً في عمق الصّحراء وحيداً ، ظلّ يقاتل كثبان الرّملِ ، رأينا جثّتَهُ بعد ثلاثة أيامٍ قرب بئر لم يحفر منها غير طول قامته فأكملنا الحفرَ جميعاً و انبجس الماء حزيناً كدموعي التي جرت ساعتها فغسّلنا جثمان أبيك و كفنّاه و بالقرب من تلك البئر حفرنا قبراً و دفنّاهُ و كانت واحتنا ... لكنّ غزاة البرّ أحاطونا و أقاموا هذي الأسوار و حين كبرتَ إتخذوا منك على البوّابة ناطورا.. ، فنهضت و أفسحت طريقاً للمرأة كي تروي ذاك الطّفل و أيقنت بأنّي لن أعود غداً لتلك الدّار . | |
|