حمو زروال
المواضيع والمشاركات : 26 الجنسية : مغربي تاريخ التسجيل : 11/04/2012
| موضوع: التقاعد ... 11/4/2012, 10:58 pm | |
|
التقاعد
حمو زروال ( ابو قدس )
كان نشيطا في عمله. يحس بالرضى وهو يقوم بعمله رغم انه قرب على الستين.
لم يكن ينتظر لحظات الحسم. كأنه على موعد مع الموت. يوم راسلته الإدارة قصد ملء بعض الأوراق تمهيدا لإحالته على التقاعد.
كلما صادفته مغادرا مقر عمله. كان يقول بتهكم ذاتي. إني ذاهب إلى المقهى للعب الورق والاستئناس بالتقاعد. كان يمني النفس بلا شيء.
فالأيام المتبقية على نهاية الخدمة توحي له بنهاية عمره. الكثيرون هم من يرفضون هذه الوضعية. ويتمنون البقاء في عملهم إلى حين دنو اجلهم – حتى يدي مول الأمانة أمانته –
فالدولة لم تهيئ أي شيء يذكر للمتقاعد. تجدهم يفترشون الكارتون تحت شجرة طاعنة في السن أو محاذين للأسوار. يقتلون الوقت أم هو الذي يقتلهم إما في لعب الضامة أو الورق أو مراقبة المارة. وقليل منهم من يحكي عن مغامراته وهو في فيلق عسكري مع فرنسا في الهند الصينية…
بينما فرنسا قدمت لمتقاعديها كل الامكانات والامتيازات. يتجولون في وطننا جماعات. يقضون آخر أيامهم في أحسن حال.
بينما صاحبنا يستأنس قي ضياع الوقت بالمقهى. كانت الآراء تتضارب في كيفية إقامة حفل تكريم للمتقاعد. كل يدلي بدلوه في الموضوع……… القدر المالي الذي سيجمعونه… نوع الهدايا التي ستشترى. تهييء الحلوبات والمشروبات. تهييء كلمات الإطراء والمديح والبكاء على الفراق. تهييء الدعوات لمن يهمهم الأمر. كل هذا اخذ أسبوعا كاملا.
يوم حانت لحظات الحسم. والعودة بالمكرم إلى أول السطر. كان يبدو على غير عادته.عرف إذ ذاك مفهوم التقاعد والمغزى من التكريم.
يحكى والعهدة على من حكى. لأني لم احضر هذا التكريم لأسباب مبدئية رغم أني ساهمت فيه. فالمكرم لم يلفظ بكلمة واحدة. ظل في مكانه مسمرا. مذهولا. انهالت عليه كلمات الإطراء والمدح من هنا وهناك. وما شابه ذلك من نفاق اجتماعي. كؤوس الشاي والعصير توزع. الكاميرا تنقل الوجوه الحاضرة وهي تأكل الحلوى. منهم من ضاقت به الرحاب. يتمنى لو انفض الجمع ليرحل عن هذا المكان… توالت الكلمات ووزعت الهدايا. واختلطت المجاملات بالتأثير وأحيانا بالدموع. وانتهى التكريم بتوديع صاحبنا ليعود إلى المقهى. | |
|