لا تذبلي يا وردتي الحرّة

لا تذبلي يا وردتي الحرّة

\

رحلت بحار اللاذقيّة

للسماء مغنيّهْ

رحلت و كسّرت الحدودَ العاليةْ

وتغرغر الليل الحزين بمائها

وتسبّحت نجماتُه

بدموعها

فتراقص الزهر الجميل مع الكرى

وتفككت أحزان قلبي الباكيةْ

وتبسّم الثغر الذي

لم يعرف الأفراح يوماً

وارتمت قدمايَ ترقص وهي حالمة الخطى

و استيقظتْ من نومها

أزهار نفْسي الغافيةْ

وبنيت قصراً نيّراً فوق السماءِ

فنمت فوق أرائكٍ مصنوعة

من فضّةٍ ..

ومن الذّهبْ

وأتى أمير الحلمِ يحملني ، يتوّجني الأميرةَ

ثمّ أعطاني الهدايا و اللعَبْ

فتحوّلت دنيايَ

دنيا ثانيةْ

وإذا أنا أمشي

كضحكةِ طفلةٍ فوق الجنانِ

سمعت صوتاً مرعباً

صوتاً كصوت الرعدِ

هزّ طفولتي

وصحوت من حلمي الجميل وإذْ ـ


نجومي باكيةْ

فإذا بشمسي تصرخُ

والنار فيها تُنفَخُ

فركضت ـ مثل العمرِ ـ للحقل الذي

عشتُ الحياة بحضنهِ

فإذا ـ !

عيونٌ

أشعلت فيهِ الذهبْ

يا للعجبْ !

زرعت بنظرتها سمومَ الشّوكِ

في أرضِ العنبْ

يا للعجبْ

وإذا بحبلٍ من لهبْ

يلتفّ حولي والدماء تسيل من جسدي لظى


فضحكتُ

لا تستغربوا




فأنا على حبلٍ مميتٍ ألعبُ

لكنني في داخلي أتقلّبُ




إن الحياة جميعها مقلوبةٌ

من رأسها ـ فتناقضٌ وتجاوبُ




ابكوا فليس على الدموع ضرائبُ

إن الحياة أرانبٌ وثعالبُ




ابكوا دماً

فالفجر يرسل للمكان صباحَهُ

والليلُ ينقل للورى أشباحَهُ




والأفقُ يسكرُ في الفضاء بنفسهِ

والأرض تغسل للتراب جراحَهُ







وشهقت أمساً جارحاً

وزفرتُه ذكرى بلا آتِ

ونطقت كلماتي

والصّوتُ يصعدُ قوّةً

متفائلاً لنجومه الصغرى

متمسكاً بالصبر والبشرى:

لا تذبلي .. لاتذبلي

يا وردتي الحرّة

إنّ الحجارة قد تحدّت

ما هو الذرّة

فدعي الذبولَ لنفسهِ

وتنفّسي

وتجمّلي

فتفتحي يا وردتي

مرّةْ

أنا لا أريد من السماء

بأن تؤجّرنا نجوماً

كي نرى فيها

أنا لا أريد من البحارِ

بأن تحنّ على الورودِ

كوردتي هذي

وتسقيها


لكن أريد

من الترابِ ـ ترابنا

أن يحتوي لوروده العطرة

فتماسكي يا وردتي الحرّة

فأنا سأدفع من دمي

أزكى الدماء

وأنتقي كلماتيَ المرّة

سأقول كلماتي

ولو وضعوا على أحداقها

جمرة

سأقول ما يأتي:

إن صار للنجمات إشعاعٌ

وصار لديهمُ دربُ

إن صار ما بين التراب وغيمهِ

حبُّ

إن صار ما بين الرمال و بحرها قلبُ

قلبٌ يحبُّ

فعندها ..

لن تذبلي


لن تذبلي

يا وردتي الحرّة



**** *** ****
هدى محمد \ بلاد الياسمين \ سورية

\