انفعال
حمادي بلخشين
اغرورقت عيناه بالدموع حين شاهدها تتلوّى بين هتافات الحاضرين.. أجهش بالبكاء حين عاين أوراقا مالية من فئة الثلاثين دينارا تتناثر على رأسها لتستقر بين قدميها العاريتين، وأخرى تدسّ بين نهديها وحمّالة صدرها.. لم يستطع كبح مشاعره أكثر من ذلك، غادر الكباريه و دموعه تسبقه... كان آذان الفجر يسمع من بعيد، استند الى أقرب عمود كهربائي.. بيد مرتعشة أخرج علبة سجائره، أخذ واحدة دسّها بين شفتين مرتجفتين من شدة التأثر، أخرج ولاعته الذهبية، احتاج إلى جهد كبير حتى وفق في تشغيلها.. انفعاله الشديد فرض عليه بذل أكثر من محاولة لوضع سيجارته في مستوى الشعلة الضئيلة التي كشفت احمرار عينيه وانتفاخهما، حين وفق أخيرا في اشعالها، و قبل أن يسحب منها نفسا، مزق سكون الليل رنين هاتفه المحمول، سحبه من جيبه:
ــ ألو.. ما زلت سهرانا يا ولدي؟..
ــ ....
ــ لقد غادرت الملهى منذ دقائق..
ــ ...
ــ لم أصدّق لأوّل مرّة أنها هي.
ــ ....
ـــ طبعا طبعا... بكيت طويلا .
ـــ ...
ـــ الآن فقط يمكننا الردّ على كل المشكّكين في كون شقيقتك" إغراء" تسير بثبات على خطى المرحومة والدتك!
أوسلو 24 جوان2009