الرّوضةُ الخابية
لوحةُ الوشاح ِالمخضرّ يعقوب بن حلفى_الرشدي
السلام يخاف أن يظهر علينا بلونه
فهل يحلّ ويتوحد في انتمائه إلى لون الأشجار التي لا نستطيع قمعه فيها
ولن نستطيع تغيير جنسيته ولونه وعرقه عليها
بل يستطيع أن يفرض علينا حالة الطوارئ عندما يتحول لون الأشجار إلى صفرة فنستسقي السماء ليعود إلى خضرته
ويستطيع فرض حظر التجول علينا حينما يتحول قنفذا
فيمنعنا من الوصول إليه إذا كان شوكيا ولو مع ألطف أنواعه الورد
السلام يناورنا ويظهر علنا متخفيا بأزياء نحملها فوق أكتافنا
ولا ندري أنه فوقنا بل نحتاج إليه عند اشتداد البرد
فنرتديه وشاحا أخضرا
وربما نحاول تزييفه ونجبره على دخول سهراتنا وحفلاتنا الليليّة
ونغير ألوانه إلى حمرة حينما يصبح مزاج تلك السهرة يحتاج إلى العنف بيننا
فنخشى على شعوره فنرتديه أحمرا
السلام ربما نقتلعه
لنزرع بدلا عنه القات أو ننقب عن البترول أو نحمله على ظهر الجرافات
ونعده أننا بعد أن نبني منازلنا سنجلبه
وندخله العناية المركزة على سرير شتلة صغيرة قد تكون صناعية لا يحتاج حينها لأن نخسر عليه أوكسجينا
السلام ربما يعاقبنا إذ منعنا عليه الهواء وان يستلقي بجسده على شاطئ ترابي فيثقب الأوزون ..
السلام قد يكون أسطورة اختلقناها نحن
حين نتعب من حروبنا ونحتاج مبررا لهذا الهدوء
ولتراجع غرائزنا الاستعمارية
السلام قد يكون وهما
أو نحاول الإيهام به أن غرائزنا تراجعت فنغير بدلا عن الاحتلال العسكري بالاحتلال الاقتصادي والثقافي
السلام ربما يكون ثوريا اشتراكيا
وربما يكون حريصا على ممتلكاته الخاصة
فيجلب شرطة تحميه وفي يديها عصا قمع اسمها الرأسمالية
ليحافظ على أمن أغنامه وعبيده وألا يتمرد أحد منهم
أو يسيطر ذئب آخر عليهما
السلام محير فماهي شخصيته الحقيقية
وهل يحمل رقم هوية وبصمة
وهل يتعرض للتفتيش حين يمرّ عبر الحدود
هل تكفي طائرة واحدة لتقله إلى مبتغاه أو أن لا بد له من أسطول وحاملات طائرات ليمرّ
وأخاف أن معبرا واحدا لا يكفي لمروره
وأن شخصيته قمعية إذا اعترض أحد طريقه فيحتاج على نقيضه الحرب التي لا يستغني عنها حتى الله على أعدائه
فيستعين حتى ولو بظالم أو مأجور للقتل
السلام ربما له رصيد في البنك
ويتاجر في البورصة ويقلق من نزول سعر أسهمه
ويزعل ولا ينام الليل إذا تضرر أحد عملائه .
السلام ربما يرتدي لحية أو نهدا
فقد يحضر في مناسبات دينية لضرورة المكانة الاجتماعية
وإذا اضطر فأنه يسهر ليلا
حتى لو احتسى كأسا من النبيذ فهو لا يسكر لأن روحه جماعية ومغايرة
ربما يمارس الجنس مع أعدائه ليستخرج منهم أسرارا تضر بأمنه القومي.
السلام ربما يزور الانتخابات فتحقيق العدل لا يقدر عليه أحد سواه
فالغاية تبرر الوسيلة
السلام له أعداء كثر وخطرون جدا
هم متحدون فهل يفرقهم ويقضي عليهم بمحاكم دولية؟
السلام لا يجلس على كراسي السلطة
فالأرض كلها كرسي دائري له يقعد عليه مجازا حين يبسط يده عليها
السلام ذو شخصية مموهة
فلا نعرف عنه إلا خطابا إعلاميا واحدا
تكرره شاشات التلفاز خطابا قمعيا
فهل يخفي وراء ذلك شخصيته حين يقول:
أداري هواكم لعلّي
فيفتر ثغر التجلّي
أذوقُ على البعد أنفاس أصحابيهْ
ليلقي السلام كأنّا على الرابيهْ
ألاقيكم من بعيد بأنفاس روحي
وأعصر خضرة قلبي على أرضكم
منازلكم
ثيابا ببرد وفي حضرة ترتدون خدودي
أنا مثل برق تخفي بغيم
سآتيكم من سماء الخلود وأرحل عنكم من الرابية
أناجي لدى خلوتي وحي ربي ..
لأصرف نفسي لأدرك أحواليهْ
لأمسك من شدة الأمر أعصابيهْ
فأعدو بعيد التولّي
فبعضي يشير لكلّي
ومثلي لها يعزف اللحن زريابيهْ
تراقص شوقا يحاول إعجابيهْ
تزف التلاحين مثلي
على نغمات (هزلّي)
رنا روضه ومضة الورد رمز الوداد حروفا تحاك باكتافيه
لعلّ دروع الشتاء هفت زهره اتقاء القوارس بالعافيه
فمازجها دفء صيف يخبئ أنفاسه لا فحا وردة الساقيه
إذا ماتت الروح دكت معاول أنفاسه صفحة الشهقة الصافيهْ
تظاهر بالحب يدري الذي هام في قلبه هامش الزفرة الباقيهْ
فسلم للوصل عن خاطر طاب نفسا يعاف انفصال الرؤى الضافيهْ
رويدا فهل رام وصلا وشوك الطريق بلا قدم يرمق الحافيهْ
أنا أنت ثم الأنا حولنا نرتجي حزمة تبعث اللحظة الفانية
فتفنى النفوس لتمضي بأشواقها ليس ثمّ بعيد اللقا رابيه
فيصعد بردي يحاول إلهابيهْ
فأسند رأس المآب بأهدابيهْ
بأسّ يؤسّس للروضة الخابيهْ
دنى فاستمد التدلّي
دنوت لأرجو محلي
وجاريت بعض التّملّي
========
محمد عبدالقدوس الوزير
من ديواني المشترك ( أناجيلْ )