ABDELLATIF ALOUI
المواضيع والمشاركات : 13 الجنسية : TUNISIEN تاريخ التسجيل : 02/06/2012
| موضوع: .....السّــاعة منتصــف العُمْــرِ 17/6/2012, 2:20 am | |
| كمِ السَّاعةُ الآنَ ...؟ منتصفُ العُمْرِ .. أو ربّما فوق ذلكَ ، أو دُونَهُ بِقَلِيلِ ... أشُكُّ بكُلِّ الّذي طارَ من زَهَرِ اللَّوزِ عامًا فعامَا .. بكلِّ الغيومِ الّتي بلَّـلتْ سقفَ بيتِــي ، ونامتْ على كَتِفِــي ذاتَ ليلٍ ثَقِــيلِ .... بذاكرةِ الرّمــلِ والرّاجِفِــينَ على درَجِ الــوقتِ ، مابين جيلٍ و جِيـــلِ .. كمِ السَّاعةُ الآنَ ...؟ لا شــيءَ يبــدُو على غيرِ عاداتِــهِ .. مع ذلكَ أسمعُ وقعَ خُطًــى تتباعدُ خلفي ، وأشعــرُ بالبَردِ ، يثْقُــلُ فوقــي التُّــرابُ ، وَ لا شــيءَ يبــدُو على غيرِ عاداتِــهِ ..المَطرُ الرَّخْــوُ ذاتُهُ .. فاكِهــةُ الثّلجِ فــوقَ أَكُفِّ الصِّغــارِ ... ولا شــيءَ يبــدُو على غيرِ عاداتِــهِ .. هلْ تُســافرُ وحْدكَ ؟؟..خُذْ ما بدا لكَ من وَعَــثِ الذِّكْريــاتِ ، ومُــدَّ الخُــطى .. لاَ رفــيقٌ لكَ اليومَ غيرُ السَّبِيــلِ .. كمِ السَّاعةُ الآنَ ...؟ أذكُــرُ أنّي تَركــتُ على خدِّ مرآتِها قُبْلــةً وبكــيتُ .. ومازلتُ أسمــع أجــراسَ دمعِيَ في صوتِها ، وهــي تمدحُنِــي عند جاراتِها الحاسداتِ .. لِتَسْتُــرَ غُصَّتــها وعُيــوبي .. ومازلتُ في غَفْوتــي أتحسّسُ ركْضَ أصابــعِها في جُيــوبي ، تُفتِّشُ حين أَعُودُ خِــزانةَ أَحلامـــيَ المُتْــرَبَهْ .. عن بَقايا سجائرَ ، أوراقِ شعرٍ جديدٍ ، وُعُودِ الحَبيباتِ ، أو كتُبٍ غيــرِ مَشــروعةٍ في السّياسةِ والدّينِ والجنسِ والميثولوجيا ، وفلسفةِ الاغتصابِ النّبيــلِ ، وأذكرُ رعْشَةَ خُطــواتِها في الطّريقِ الطّويــلِ ... كأنّــي أشيــخُ سريعًا ، ولمّا يجِفَّ الحليبُ الّذي أرضَعَتْنِــي .. كمِ السَّاعةُ الآنَ ...؟ لمْ تَتَّضــحْ بعدُ كلُّ الفصــولِ .. النّجــوم تدقُّ مساميرها في الفراغ السّحيقِ ، كَصورتِها حين تحْضُــرُ بين مصادفتينِ ، ... تَصــيرُ مواعِيــدُنا شجَرًا عالِيًا زاهِدًا كالنّخِــــيلِ .. وماذا أرى بعدُ ؟ .. عيناي من حجــرٍ ونَدًى .. كان قلبي ينامُ على رُكبتيها ، ويحلمُ في تَرفٍ بالقلِـيــلِ .. بنافذةٍ في المنامِ تُطِــلُّ على ابنةِ جارتِنا .. وسريرٍ من العُشْــبِ أسفلَ شُرْفَــتِها .. وقليلٍ قليــــلٍ من الحظِّ كي ترقُصَ الرِّيحُ في طرَبٍ تحتَ فُستــانِها ، فأرى ومْضَــةَ البرقِ أو دَفْقَــةَ السّلسَـــبيلِ .. وماذا أرى بعدُ ؟ .. مازالَ يُــوحِشُنِي اللَّيْلُ حِــينَ يُديــرُ رَحَــاهُ على النّائمينَ .. ويَأْوي الصِّغــارُ إِلَــى حُضْـــنِ جدَّاتِـــهمْ صاغِــرِينَ كَــبَيْضِ السُّمَــانَى ... طَــويلٌ هو اللّيْــلُ ياجَدّتِــي حين تَنْــتَظِرُ النَّائِحَاتُ و " أُمُّ النُّعُــوشِ " على البــابِ ... أَعْــرِفُها من زمانٍ بأوْصــافِها... مالَها من مَــثِيلِ .. وَأَعــرفُ وطْأَةَ أَنْفــاسِها فوق صدري ، فلا تَرْفَعِي عن يَــديَّ الغِطــاءَ ، ولا تترُكِــي حولنا غيرَ ضَــوْءٍ ضَئِــيلِ... كمِ السَّاعةُ الآنَ ...؟ كم مرّةً دارتِ الأَرضُ حَــولي ولمْ أَكْتَرِثْ ، كَيْفَما دارتِ الأَرضُ حَــولي سوى بِخُطـــايْ أسِيرُ على الحــبْلِ بين احتِمالَيْنِ من زَبَدٍ في رُؤَايْ ولا حقَّ لي أَبـــدًا في التَّلَفُّت أو في التَّوقُّفِ أو خُطْوةٍ ناقِصهْ أَثْقَلَــتْنِي المحــبَّةُ يا جدّتي .. وَهَــنَتْ رُكْبتَـــايْ وما عــاد قلبِيَ يــكفِي لأَحْمــلَنِـــي عبرَ تِيــهٍ و تِيــهِ ولكنّنـــي رغم غَــدرِ الأَحِبَّــــةِ ، رغمَ عَمـــايْ فإِنّــــيَ آنستُ نارًا على بُعْــدِها في المَتِـــيهِ ، ونَجْــمًا أُعَلِّقـــهُ في سَمــــايْ مَضَــى أَوَّلُ العُمْـــرِ ،... لمْ أَنْخــرِطْ في صِــراعِ الذُّكُــورِ على شَهَــواتِ الصَّبَــايا ولم أَحْتَفِــلْ معَ "زُورْبَا"بِــرقْصتِهِ في تَمَــامِ الغِــوايَةِ، لم أَنْتَبـــهْ لِتَفــاصيلَ مُؤْذِيَـــةٍ في غنائِـــي .. كأَنِّــيَ أَحْفَظُ أَسْمَـــاءَهُمْ وأُسمِّـــي مواليدَهُم بالَّذي في رُؤايْ قَرأتُ الكثِيرَ من الشِّعْــرِ ، أو عنهُ ، لمْ أنْــجُ من قَــدَرِ الشُّعراءِ بأنْ يُــدْفَنُوا في قبورٍ تضــيقُ بأَرْواحِهِمْ كنتُ فيهِمْ كما لا يرانــي سِــوايْ ذُنُــوبي تُطَهِّرُنــي من محبَّتِهِمْ أيُّــها النّملُ واصِــلْ رحيلكَ عبر دمــي ذاكَ جيــشٌ من المُخْبِــرينَ يدُقُّون أوتادَهُم فوق جِلْــدي أنــا اليوم ضدّ الجميعِ وضدِّي أنا اليــومَ صيْــدُ الثَّعابينِ ، تشتعــلُ الآن كلُّ غرائزها وتَمُدُّ مِجَسَّـــاتِها تتحــرّكُ فيها الشَّهِيَّــةُ ريــحا مداريّةً ، حــاذِرِ الغربــاءَ وجيرانَكَ الطّيِّبِيــــنَ ... - أكانــوا هنالــــكَ؟ - لا أتذكَّــرُ أوصافهم، هم يمُرُّون حولي بلا أذرُعٍ أو وجُــوهٍ ويَصطبِغــون سريعًا بلون التُّرابِ ، - لك العُمرُ يا صاحِبي ودليلي.. غدًا يتْبَعُــون الجنازةَ ، قال صديقــي .. - ولكنّني سأطيلُ البقـــاءَ وإن أفردَتْنـــي القبيلةُ أو حرّمتْ ماءَها المُستَباحَ عليّ ، فسوف أُطيلُ البقاءَ ، إلى أن أَتِيــهَ بِحُزنِــي ، وتصطادَني مثل نرجسةٍ في الحديقـــةِ إحدى الفراشاتِ ، سوف أطيلُ البقــاءَ ، - لك العُمرُ يا صاحِبي ودليلي.. حملتَ القصيــدةَ نِصفَ الطَّريقِ ، ونِصْفَهُ لم تَحْتَمِلْكَ القصيدةُ ، كنتَ صغيرًا كبيرًا وصرتَ كبيرًا صغيرًا، ولاشيء مُستغربٌ يا صديقي ، كذلكَ يحدثُ في بلدِ النَّمــلِ .. نـــملٌ كبيرٌ ونَمــلٌ صغيرٌ .. ونـــملٌ يَطِيرُ ونَمــلٌ يسِيــرُ.. و نـــملٌ بصيرٌ ونَمــلٌ ضَــرِيرُ.. ونـــملٌ قَــديرٌ ونَمــلٌ كَسِيرٌ ونملٌ فقيــرٌ ونملٌ حَسِيـــرُ.. ونمــلٌ بفكَّيْــهِ نملٌ يدُقُّ عظامَهْ ونَمْلٌ بِقلبِ يَمَــامَهْ كذلكَ يحدثُ في بلدِ النَّمــلِ يا صاحِبي ودليلي فهلْ ستَرُدُّ القصيــدةُ ثورينِ يقتتلانِ على كلّ ما في إناث القطيعِ، وبعدَ سُقُـــوطِ الصّريعِ، وبعدَ المُــراودةِ المُستَحِيــلةِ ، يكتشِفُ المُسْتَبِدُّ القــويُُّ بأنّهُ ثورٌ خَصــــــِيُُّ..؟ على صخــرةِ الأربعينَ ضبــابٌ وبِضعُ شموعٍ من الياسمينِ يدورُ الصِّغارُ بلا تعبٍ حولها.. ينقرون أواني الصّفيحِ ويحتَلِبُــونَ الغيوم البعيــدَهْ أبي .. رُدَّ عنكَ الدّخانَ ، ودَعْ عنك تلكَ الجَــرِيدَهْ تعالَ احْتَفــلْ معنا بالشّتاءِ ، أَتَخْشَــى المَطَرْ؟؟ - مثلَ كلِّ الكِبَـــارِ .. وتخشى من الرّكضِ فوق الحصــى حافيـــا؟؟ - مثلَ كلِّ الكِبَـــارِ .. وتخشى المَسيـــرَ على حافةِ البئــرِ يا أبتِ؟؟ - مثلَ كلِّ الكِبَـــارِ .. على صخرة الأربعين يدورون حولكَ مُلتبِســـينْ .. وماذا تَظُنُّكَ أورَثْتَهُمْ؟؟ شَغَــفا بالرّســائلِ ، زيتَ المصابيحِ في أبعــدِ الرُّوحِ ، آراءَ في الحبِّ والموتِ ساديَّـــةً مُتَطرِّفـــةً ، خجلاً مُفْرِطًا من عُيُــونِ الصّبايا وغمزاتِهِنَّ ، قصائدَ سافِـــرةً غيرَ مَقْـــروءةٍ، ما الّذي يتكسّرُ فيكَ على صخــرةِ الأرْبعينْ؟؟ جُنونُكَ أم كلُُّ مــا لمْ تَقُـــلْهُ ، تَأخّرتَ في البــوحِ كم سنةً يا حبيبي؟ وأَثْقَــلتَ كمْ سنــةً بالحَنِيـــنْ وها أنتَ تصْعدُ منذُ سِنينَ وتهبِطُ عبر المَهــاوي ولا شيءَ بعدُ .. هل اصطدتَ شيئا من الوقتِ ؟ هل قلتَ بيتا من الشّعر يصلحُ للنّشرِ فوق الشّفــاهِ الحزينةِ ، هل صرتَ أرْجُـــوحةً للعصافيرِ أو ظُلَّةً للخَمـــيلِ؟ وماذا إذا انفرطتْ من يديكَ حدودُ المجــازِ؟؟ أيَبْقـــى أمامك معنًى لهذا الرّحيلِ؟ وماذا إذا لم تَعُدْ للحزينةِ طفلاً كما انتظرَتْكَ؟؟؟ وماذا إذا أنكرَتْكَ؟ وماذا إذا صارَ حتّى بكاؤُكَ ضرْبًا من المستَحــيلِ؟- لك العُمرُ يا صاحِبي ودليلي.. عبد اللّطيف علوي / ديسمبر 2010
| |
|