قصة قصيرة جدا:
العمر الكاذب
عبد الرحيم التوراني
كل من يراهما معا على رصيف المقهى أو في الشارع يغبطهما. هما دائما مع بعض. لا يفترقان. من زمان وهما لا يشاهدان إلا معا. يظنهما الواحد أخوين. لهما شبه كبير في الملامح. وحتى في الطول. إلا أن أحدهما أكبر قليلا في العمر. يضحكان مع بعضهما. يتوددان لبعضهما. الجميع يغبط صداقتهما الجميلة. يفتخران أنهما يتحدران من نفس القبيلة. يشتركان في الذكريات القديمة. يبتسمان في ألبوم صورها المشتركة. يستمران في الابتسام في لقاءاتهما المستمرة. صداقة مثالية. صار يضرب بها المثل.
بعد سنين جاءت اللحظة. انجلت الحقيقة. الحقيقة المرة. تبين لنا أنهما ممثلين كبيران. كل هذا العمر كان كاذبا. الرجلان يكنان لبعضهما عداوة قصوى. عداوة ما بعدها عداوة. لكن لا أحد منا استطاع تفسير سر تمثيلهما على العالم. لو احترفا مهنة التمثيل لبزا كل الممثلين. أين منهما كل فناني هوليوود وبوليوود .. لم أصدق. ولا أحد أراد أن يصدق. ولو إننا لسنا في شهر أبريل اعتبرتها في الأول كذبة أبريل. الجميع أحس بألم لما انكشفت حقيقة صاحبينا. الجميع بدأ يراجع مفهومه عن الصداقة. الصداقة قيمة قديمة انقرضت مع الدناصير. يقول صديقي الحميم. صديقي الأقرب. صرنا نفكر في رؤية الناس إلينا. أصبحنا نخاف. أنقصنا من لقاءتنا. لكن كيف تلبس العداوة قناع الصداقة وقتا طويلا؟
هكذا كتبت لصديقي على الفيس بوك.