أحدهم داخل شقتي
عبد الرحيم التوراني
في ذلك الصباح استيقظت وصورة صديقتي القديمة بين عيني. جلست على حافة السرير أفكر فيها. أتساءل كيف حدث أن فرقت بيننا الظروف وزجت بنا في متاهات الفانية. وأنا أستحم تحت الماء لمت نفسي. قلت لها أنت سبب هذه الفرقة والابتعاد عن صديقة اعتبرتها مثل نفسي. ارتديت ملابسي فتذكرت أناقتها الفرنسية وحبها للقلادات الثمينة.
في طريقي إلى المكتب انتبهت إلى أني نسيت أن أتناول فطوري وأن أحمل محفظتي. عدت لأخذ محفظتي. أسكن في الطابق السابع. لم أنتظر المصعد. وجدت باب شقتي مواربا. كيف نسيت إغلاق الباب. دخلت فسمعت صوت أنفاس قادم من الصالون. شدني خوف. تراجعت إلى الباب. صحت:
- هل هناك أحد؟ من هناك؟
انقطع صوت اللهاث. لم يجبني أحد. وقفت حائرا. ما العمل؟ اتصلت بالرقم 19. أطلب البوليس. - لص هجم على بيتي. أسرعوا. هو الآن في داخل الشقة. سأحاصره.
أخذت أصرخ بأعلى صوتي:
ـ النجدة.. النجدة.. لص.. لص.. بشقتي لص..
خرج الجيران يطلون. نساء ورجال وبعض الأطفال. عجبت لوقوفهم أمام أبوابهم. ما من أحد تقدم لنجدتي. أية سلبية نعيشها في هذا المجتمع الذي بدأت تنخره الفردانية. كل واحد لا يهمه إلا نفسه. وما أغاظني أكثر هو سخرية المرأة البدينة. رمت في وجهي قهقهة ماجنة. دخلت شقتها وأقفلت وراءها الباب. كذلك فعل آخرون. لكنهم لم يسخروا مني. في هذه الأثناء وصل البوليس. عادت في الروح. انتقدت بغضب تأخرهم.
اقتحم اثنان منهم الشقة شاهرين السلاح. ظللت أترقب لاهثا في الخارج. عادا الشرطيان بسرعة. طلبا مني أن أتبعهما إلى الداخل. وجدت امرأة فوق كرسي متحرك. عجوز مقعدة. غير قادرة على الكلام. أعرفها. والدة جاري عبد الموجود. لكن من الذي أتى بها إلى شقتي؟ وصل عبد الموجود. أصفر . لا دم في وجهه. تتقطع أنفاسه. يسألني ويسأل البوليس عما يحدث. ارتمى على والدته يبكي. يسأل هل وقع لها مكروه. ولماذا نتواجد في شقته. شقة جاري عبد الموجود في الطابق الخامس.