حفيظة طعام
المواضيع والمشاركات : 79 الجنسية : جزائرية العمل/الترفيه : قاصة تاريخ التسجيل : 14/05/2008
| موضوع: قراءة في رواية الاعصار الهادئ 17/8/2012, 3:28 am | |
|
الإعصار الهادئ الرواية الشاهد على اغتيال المثقف قراءة بقلم: حفيظة طعام الجزائر *الإعصار الهادئ،هو عنوان لرواية كتبها القاص والكاتب الجزائري ،بوفاتح سبقاق.عن دار أسامة للنشر والتوزيع ،الجزائر. 2008. رواية تنقل تفاصيل الواقع بحذافيره في قالب فني أدبي أكسبها حلة جميلة.نتابع من خلالها مسار حياة مثقف "صالح" أرهقته رحلة البحث عن وظيفة تحفظ ماء وجهه وكرامته،تنتشله من شبح البطالة الذي ظل هاجسا يطارده آناء الليل وأطراف النهار. تحكي الرواية معاناة المثقف ،عندما تصد في وجهه كل الأبواب التي يطرقها تتنكر له الأماكن والأشخاص....وحدها البطالة تتكفل به يجول كل شوارع مدينته الباهتة الملامح ترقص على أوتار الروتين القاتل ،في رحلته تلك تواجهه مشاكل عويصة فتنعكس على نفسيته وتجعل منه عالة على أسرته وعلى نفسه بالدرجة الأولى ،في وطن تنهشه مخالب الإرهاب من جهة ومن جهة ثانية مخالب السلطة وذوي النفوذ أولائك الخونة الذين سخروا أموال الوطن لخدمة أغراضهم الشخصية. بين مد الإرهاب وجزر السلطة يقف المثقف تائها مسلوبة الإرادة لا يعي ما يصنعه يتخبط وسط مشاكله "أن يجد المرء عملا في هذا الزمن أمرا شبيها بالمعجزة مشكلة البطالة أزمة السكن وحشان كاسران التهما كل الحكومات وعشرات الوزراء ،وأخيرا ظهر وحش الإرهاب الذي أحال كل الوحوش على التقاعد وأضحى بعبعا يخافه الشعب وترتعد منه الحكومة ." ص 19. ها هو لا يمتلك حتى ثمن الجرائد اليومية :"كان النادل يحتفظ لي يوميا بالجرائد التي يتركها زبائن المقهى على طاولاتهم ..." ص 22. والقارئ للرواية يكتشف أن الكاتب يعالج أزمة المثقف العربي بصفة عامة والجزائري بصفة خاصة ولا ريب في ذلك فالمثقف العربي يعاني في كل شبر من هذه الأرض، يضطهد ،يهمش،يعزل ولنا في قصص التاريخ أمثلة كثيرة على ذلك.وصالح في الرواية نموذج مصغر للمثقف رأيناه سلبي إذا ما صنفنا المثقفين إلى ايجابيين وسلبيين،فهو يخشى كل شيء ويشك في كل شيء ،بائس حزين ....همه الوحيد وظيفة تأتيه بأي طريقة. لقد برع الكاتب في تصنيف هذا النوع من المثقفين والذي برر سلبيته بأسباب كثيرة نذكر من بينها ( الإرهاب،الفقر ،البطالة،التهميش....................) وحدهم الفقراء والمواطنون والمثقفين المضطهدين تنفذ عليهم القوانين ،يراقبون ويوضعون تحت المجهر:"القوانين لدينا موضوعة لمراقبة المواطن وان تكون مثقفا فان الأمر يعتبر تهديدا لمصالح بعض الفئات ،أنت تعرف بان من يفكر بإمكانه أن يؤثر ومن ثم توجيه الرأي العام ومن يحرك الشعب بإمكانه قلب النظام......" ص 172. إن هدف الكاتب من خلال ما سبق هو إبراز مدى تأثير القوانين والأنظمة السياسية على تشديد الحصار على المثقف لأنها تخافه من ناحية فهو مفكر لذلك هي تعمل على كبح طاقاته وفي حوار دار بين معلم وصالح في الرواية يوضح لنا الكاتب تنافر العلاقة بين المثقف والسلطة يقول المعلم مخاطبا المثقف صالح : "............أرغب في إنشاء جمعية ثقافية تعنى بالفكر والإبداع وأرجو أن تنضم إلينا. - أنت تعرف بأنني أكتب القصة القصيرة واهتم كثيرا بالشأن الثقافي ولكنني متأسف كثيرا ولن استطيع العمل معكم وتأسيس الجمعية التي تهدفون إليها ولكن هدا لن يمنعني من تقديم أي استشارة ترونها مناسبة. - - لم أفهم سبب رفضك للعمل الجمعوي يا صديقي فأنت كاتب مميز وموهوب. - - لدي تجربة مريرة في هذا المجال ـ،ولا أريد أن أقف حاجزا أمام عزيمتك ولكن الطريق محفوفة بالمخاطر والإدارة تطلب منك الكثير من الوثائق والمعلومات الشخصية لكل الأعضاء ولن تنال الاعتماد حتى تندم على اليوم الذي قررت فيه إنشاء الجمعية. ........." ص .172 ليختم الكاتب مأساة المثقف وأزمة البطالة من خلال هجرته خارج الوطن هي فرصة عمل فتحتها أمامه إحدى الشركات الخليجية التي راسلها من خلال شبكة الانترنيت هذا العالم الواسع الذي اكتشفه مثقفنا بفضل أحد أصدقائه صدفة ها هو يوصله بعيدا ويفتح له آفاقا واسعة نحو عالم الأحلام ها هو يفر من وطن خذله وخيب أمانيه : " أقلعت الطائرة بكل سهولة وأخذت ترتفع في الجو،أحسست بأنني أغادر الوطن فعليا، وتراءت لي مباني العاصمة وطرقاتها ، ثم بدأت تظهر التضاريس المختلفة (..)سأتمكن من إبراز قدراتي وإبعاد كافة الهواجس التي كانت تعكر صفو حياتي ،سيكون بإمكاني إعادة ترتيب أفكاري وتحديد أهداف واضحة في ظل بيئة ملائمة (...) أتمنى ألا أفاجئ بكوني أعيش حلما جميلا في عالم تسوده الكوابيس." ص 273. وتبقى هذه الحلول مؤقتة إلى أن يسمع صوت المثقف ذات يوم ويذاع صيته في أرجاء وطنه وتفك من حوله الأغلال فوطنه أحق بفكره وثقافته . انتهى حفيظة طعام *************** | |
|