"متى يعود؟"
ثائر العلوي
منذ زمن بعيد لم نعد نراه..كان يأتينا بين أوقات متباعدة مرتان في العام.. يحمل أفراح هداياه في جيوبه العديدة وكنّا نضحك متحلقين حوله عندما يمرّ طارقاً أبوابنا بموسيقاه الفريدة وعيناه معلقتان بسماء خيالاته التي أدركناها في لمعان أحداقه وحركات أصابعه وهي تجول تارة بين الجيوب مخرجة مزيجاً من الحلوى الملونة و قد أحياناً تصاحبها قطع النقود المعدنية ببريقها الشهي لتنثرها علينا وعلى شفاهه تعلو ابتسامات متلاحقة،قد ترافقها ضحكة مجلجلة صافية و لسان حاله يقول إفرحوا أيها الصغار فأنتم خلقكم الله لتنعموا بالسعادة.
يومها كانت الأيام تطول لتشمل كلّ جديد و جميل و مشرق..
الألعاب و الأراجيح و العدو والتزحلق وحتى الطيران،لم نكن نكبر سريعاً و لم نتخيل ذلك يوماً حتى وهو يرحل كانت أفراحه تظل عالقة في أهدابنا و أسماعنا وقلوبنا الصغيرة لأننا كنا ندعوه إلى بيوتنا يقبّلنا ونقبّله ثم يجلس مع أجدادنا وجداتنا هم وأبنائهم ونحن وآبائنا وأمهاتنا ثمّ تبدأ الحكايات وصواني الطعام والحلوى وأقداح الشربت تطوف ونطوف عليها بأعيننا.. بأيدينا وبأفواهنا بغزل عجيب وهمهمات السعادة تحلّق فوق رؤوسنا والكل يسرد حكاية الآخر و كيف حمل السلام عنه إلى الجميع.
اليوم قبل قليل
21 أغسطس 2012[/b][b]