سقطت على غفلة منها في براثن الحب، بعدما كانت قد كفرت به ، و ارتدت لكن أرض حبها اهتزت وربت بعدما لاحت الشمس ذات مساء أشعتها الذهبية على سهولها و روابيها و جبالها..
غريبة هي الحياة و أغرب ما فيها مدها و جزرها ..الحب ضرورة حياتية ، في غيابه لن يستقيم عود الحياة ،و بحضوره يصبح لكل شيء نكهة جديدة و نورانية ..
كفرت بالحب في غضون سنة قمرية كاملة ، ثم دخل حصان طروادة ..و قد كان الحصان ينتمي لفترة تاريخية بعيدة ، لم تكن بعد قد فهمت ماهية الحسابات الضيقة و لا اللهو ، و لا حرق القلوب ..عاود الدخول لروضتها ففتح القلب و ازدهر الحب..مرت الأيام ونسيت أن يدا ما في فترة ما كانت قد طلت حياتها باللون الأسود القاتم ..فكانت الرتابة و القتامة تلوح فوق بحر حياتها..
قال لها يوما: يكفي التجهم في السما أنت سمائي لوني فضاءك بالوردي و اسقي حديقتك تينع ورودها ، نظرت إليه و كل جسدها ألسنة تصرخ : لا سماء لي فكيف أكون سماءك.
- ثوري ، تمردي ، جسدك يصرخ ، استجيبي لجسد ملهوف.
بعد كر و فر، بعد مد و جزر، بعد أفول نجمة و بزوغ أخرى، فتحت الأبواب لكنها لم تكن نحاسية و لا خشبية ..كانت مجرد أبواب بلاستيكية.
هي التي تعيش حياتها بعمق ، بعد حرث أرض الحب مرة أخرى تبين لها و للأسف أنها أخطأت الطريق و أنه جهل أن قلبها لن يتملكه كذوب أو مغرور أو متكبر..
فتحت كل النوافذ و رمت كل الأوراق متعددة الألوان، رمت كل شيء ، وضعت على القلب أقفاله و تركت الجسد هكذا أجوف كنخلة خاوية..
مرت الأيام لم يفهم لماذا صدته و بقي عند كل غروب شمس ، يبعث لها كلمات حبه الحارقة ..كانت تتنكر لوجودها حينا، ,و أحيانا أخرى تقتلها فلا تقرؤها ..
توهمت أنها سجنت القلب و أنه لن ينبض بعد ذلك لعشق جديد لا مجرد حب.. العشق يستعبد الجسد و الروح، كيف يمكن للقلب أن يعشق عن بعد، كيف يمكنه أن يصبح سجينا للكلام و للكلام فقط؟ كيف تمكن من غزو روحها و بهذه السهولة الزمنية و الوجدانية ؟غير ما مرة كان يهجرها النوم فتحاول جاهدة محو وجوده الافتراضي لكنها سجينة لوهج روحه، انتظرت على أحر من الشوق لقاءه..اقتحم الروح و الذات معا ..علمت ،منذ الوهلة الأولى ، أنها أصبحت رهينة بين يديه.. العشق مستعبد للذات و حينما يكون من عاشقة ملحاحة فإنه يصبح أكثر عنفا..لم تعد قادرة على الاحتراق دون معرفة مدى تجاوبه مع عشقها الجارف..اعترف بحبه و الحب درجة من درجات العشق..و بعد مرور الأيام أصبح جسدها يلح أكثر و أصبحت أكثر تمزقا، و أكثر فهما لكل ما كتب في الحب و العشق..
العشق جنون ، كلما غاب المعشوق يثور الجسد، هي العاشقة الملحاحة ،يجافيها النوم ، فتردد :رد على جفني النوم الذي سلب ، و خبرني بعقلي أين ذهبا..
بعد كل وصل يهدأ الجسد و بعد كل جفاء تتوغل السهام في الفؤاد ، فيصبح سقيما ..
هو الوسيم، المبدع على كل المستويات، وشم الجسد بيراعه.كلما هبت رياح الشوق تمنت أن يصل جسدا شهيدا للعشق.
زرعت الياسمين بعدد أيام العشق ، كلما ذبلت واحدة يرتجف الفؤاد و يحترق..هو العشق إكسير القلب به تكون الحياة نعمة و بغيابه نقمة