خربشات على الماء

يا هذا المساء المراوغ
كقصيدة تقبل فم القوافي
بكامل الخجل
يا العابث بعناوين الغيم
وريشة رسام يهادن اللوحة
و ينحت النغم
أنا عازف القمر
ألملم ما تبقى مني
وأتمم السفر
أنا العازم على الجلوس فوق الليل
أراقب النجمات
والمارين على أريكة السهر
أنا المعتزل العاري
ألبس همجيتي وريفيتي
ألفّ شال شرقيتي
وأحترف مشي السحاب
والفنجان
همس السجائر
ثورة البوح
وتحليق البصر
أنا المهاجر الطاعن في رشد اليقين
أنا الناي والكمنجات والوتر
أنا يا هذا المساء
ما عاد يعنيني المسافة
بين امرأة تطفئ الشمس
وامرأة تشعل القمر

خذي هدنة من محراب النبيذ
وتعمشقي بعنقي غنجا وغواية
ارفعي الوصاية عن ضفائرك
كي تصلي دلالا فوق وجهي
واتركينا ندور عاشقا وفراشة
ولا ترفعي في الدوران هديل ساقيك
كي لا يختل المدى
وتحسدنا الغيمات وسنابل الأرض

انسي ما علموكِ عن العشق
وما علموك من دروس خائبات في الهوى
ومن قصاصات دفاتر عافها الدهر واكتوى
انسي الوصايا الخائفات
والحدود المقامة في الهواء
اخلعي تجاربهم الحزينة
ومفاهيمهم القاصرات في روح الجوى
واتركي لكِ الخيار
كوني أنتِ أو كما تشتهين
خوضي غمار الحب عصفورة وردية تراقص الفصول
وتعشق النهار
أو موجة بحر تهدر حينا
وحينا تنام على حضن السواحل في سكون
كوني نسيما أو مطرا
أو شجرة زيتون تبارك الظل
وتغازل جدائل النور
كوني نايا أو كمان
كوني أجوبة المحال
أوالسؤال
كوني ما شئتِ ولا تنسي الدلال
ولا تاء التأنيث وإن كانت ساكنة
اسقي روابيك الغنج
وتلالك اطعميها حنين البرتقال
وثمار أشجار الغواية
ازرعيها ملمس القطن البهي
وادعكيها بالعطر الشهي
وفوحي أنتِ كيف شئتِ
وانسي ما قد علموك من هزيل الأغنيات
فالحب ليس وصفة
أو خلطة
أو خريطة من لم يسر على خطها
من ملّة الحب خارج
أو لن يملك جنسية العشق في سنوات
الحب فوضى وانتظام
بصمة وتغريد والتحام
الحب أجنحة وغوص وصوت حمام
الحب أن تعرف ما الحب
بطريقة غير كل الأنام
سأشرب الفنجان
وفيروز تغرد
( يا مرسال المراسيل)


صباحك كنار وياسمين

سلطانة النبيذ تمايلي نغما
يبعث في انحناءات الأبيض سيل الحياة
افتحي كفيك للشمس وحل الأحجيات
وتموسقي عبقا أنثويا
ينحت الملامح الشهية وهمس الأرجوان
واقرعي كأسي بكأس شفتيك
تثمل القصيدة
وأروح في غيبوبة الأشياء

ينبجس التوت عن همس وأغنية
ويورق الرضاب من لهفة الشهد
هذي البيادر فاتنات
نصفها نور ونصفها ترتيلة الورد
يا ابنة النيروز
أوسعي المدى عبقا
واغرسي الدلال في التلال
وفي ترائب النهر
استثنائية أنت
وأنا ابن المحال
قابليني على ضفة السؤال
أو قرب ولادة اللمس
قابليني مزيجا من ترانيم السماء
وشعوذات الأرض

يا خيالات النرجس
يا حلم القصيدة
يا ساقية من عبق الدلال وتعويذة أنثوية
يا نغمة على الأوتار راقصة شهية
جادت رذاذاتك موسما
وفصلا غير الفصول البربرية
وتهادت خصلاتك ليلا
تتوالد النجمات فيه
تفك أزرار وأسرار السمار
وتحشو الغيم بالحكايا الغجرية
والعصافير البرية
دنت من حدائق الساق
قارنت عامين
وغفت على الناعم عام
غازلت بشراهة
ونست طقوسها البرية
وعلى الشفاه تعاظمت
حيرة الورد وزجاجات الخمر المعتق
وبنت كرزات النار إيوانها
يا لحتراف الشهد في سكانها
ونسيمها
يا لكتناز هديلها وهديرها
منظومة مجنونة
تفتك فتنة بأسريها
والعين ضاع ألف جان في بريقها
تحدرت سيوفها
فأسلم للباري لاثم نورها
والنهد ذاك النهد قال قصيدة
مفادها
أني النساء جميعها
في جموحها وهدوئها
إني انفاضات الندى واغتسال الماء
إني ثورة اللهيب في جبروتها
فرفقا يا أنت
إني متيم
أشرب التنهيد ويشربني المدى
وأذوب عشقا
في المواسم الخضراء
قريبها وبعيدها

رشرشي قلب الصباح
بكمشة من رحيقك
وقطفتي حنين من ثمارك الدافئات
علميه كيف يكون الحب منارة
والشوق مرساة
ومراكب مسافرة باحثات
اطعمي عصافيره نظرةً
هذبي أجنحة البلابل
وشجرة النارنج وشوشيها
ودبي الحياة في التلال والحدائق
فأنا الصبح صغيرتي
أتعبني السير في الحرائق
في الشوارع الضيقة
في دخان السجائر
أتعبني أني منذ ألف دهر
أقاتل ولا أقاتل
أحرر الغيم وأخسرها في أول الشتاء
أحرر الشمس وتضيع مني في المساء
أحرر الليل فتسرقه الأحلام
وتغفو فوقه وسائدا وسائد
أحرر الماء يصهل الصيف
يبخره وكل الأشياء دون مقابل
أحررني فتسلبني عيون ماهرة الصيد
وتحجزني في بيتها القصيدة
صغرتي القريبة البعيدة
هاتلي هدنة وقبلتين
يبات على صدري قوس قزح
وتشرق في كفي الخريطة
سأرشف الفنجان
وفيروز تغرد
( يا حبيبي أنا عصفورة الساحات)


صباحك همس الأقحوان

كم أشتهيني فكرة في الهناك
أنفق ما تبقى من أجنحتي
وأعيد صاياغات الغد
بما يليق بضياعي مرتين
هذي السماء الملبدة بالعيون
صعبة الزيارة
وأنا أرهقني الكوث بي
لا تطيعني المسافة
ولا أقدامي المشلوحة على الضفة الثانية
يا ذا الهنا
لن تنتقصك فراغاتي
فأنا خاوٍ في الرحيل
أحمل قصدية وزجاجة من رائحة السؤال
وقضمة من المستحيل

سنونوات وكساء من رحيق
والنسائم المغموسة بالسنابل لا تعرف الحياد
الدنان بلا قوام
وجسد الخلجان يرتدي أقصوصة غجرية
عن فاتنة ضفّرت ضفائر الشمس
وتركت شعرها يقاتل بليونة حضن الهواء
مدّت ساقيها في عمر النهر
نسي الماء روزنامته
وسار عاريا
ربة الصبح ترفقي
لحاء الأشياء بلا مرفق
وخطايا النور تدور في أفلاك عينيك
وأنا المهاجر من شغفي الى شغفي
أخلع أبواب الحانات
لأشرب النبيذ الناعم من أطراف شفتيك
أقامر النيروز على استحضارك
والصلاة على سجاجيد خديك

ككل مساء أفتح زجاجات القصيدة
وأشرب
أغيب في رشد العيون الهائمات
وفي الخمور المسكبة
على ثغر البدر
أنتهز فرصة الريح المداعب للجدائل السمر
وصهيل جياد النهد
أدخل في مضمار الهذي
وأرتب الليل على مفاتيح الباينو
وشوشات
زقزقات
خرير
وهمس الحساسين لنطفة الحلم
هدايا ملفوفة بالجاردينيا
وأصابع بين الحرير وعجائب السحر

حددي أنتِ تواريخ ولادات الأقحوان
طفولة التشاقي
صبا أوراق الغنج
ورشد الدلال
أو انتقي عشرا
من أصابعي الضائعات
كي تمشط المابين
وحواف القصيدة
نون وفاصلة
هدنة انفلات نحو مركز الغيم
الريح تشربت الأسئلة
والجواب مقلة
ونشوة
ومعطرة
حواسي السبع توثبت نمورا
وغابات اللوز
غطست سيقانها بالنبيذ
ثمل النبيذ
وفاحت عصافيره وشوشات فاتنة
بالقاطنة سلالة الأحمر
وبخور القطن
يا أول إنجاب للسنابل
والهمس الطري
هاتي انفعالات تاءكِ
اغمري رأس ياسمينك
في ريفية صدري
واتركي العناب يحكي الرواية
سأشرب الفنجان
وفيروز تدندن
( هاتلي عمري)

صباحك عبق الجاردينيا

متطرف
كشقاوة أنوثتك صغيرتي
ألملم قهقهات البرتقال
عن صدر أغنايتك
ودغدغات الياسمين
من رؤوس أناملك
وأعصرني ورحيقك
كأسا
يشربنا
ونشربه سويا
حتى لا نفيق

يقول عطركِ تحت لحاف الأحلام
ترانيم غيمية
ويترك للتوت أن يوشوش
قافية الترف
يوسعني تشردا
طواعية أغيب
في هذا الطريق اللامنتهي
أتساقط إصبعا إصبع
أرسم خاء الخيبة
وتاء التفاؤل
على أول موتي
أمشي خريفيا
نحو الفصل المقام على تلة النخيل
الشاهق منذ ألف عام
أقرأ سنوات المارين عليها
رشفة رشفة
وأتغرغر بأسرارهم
وأفيائهم
وأمواج الانتظار
أفرغ جيوبي من وصاياي
وأملئها بوصايا القمر
قالت العرافة وعطرك
ضبضب حواس الشمس
درب المواعيد على السهر
في نيروز معزوفة الاشتهاء
وأنت الناي والكمان والوتر

فرق التوقيت بيننا
ثقافة ورد ونبيذ
لهجة أصابع وهمس وريد
فلسفة الممكن والمحال
وأغنيات غجرية وصهر لصلابة الحديد
هل أوقف الأرض كي نلتقي
أم نلتقي على أول عيمة في البعيد

لوزتان ووشوشة عليلة من فم الصباح
طيف يترك خلف براعم الزهر بصمة وقبلة
الدالية حبلى بالشفاه
والتراب يناجي الأولين الأولين
الهوينى الهوينى
يا ذاك الصوت المرتعد بي
حناجرهم باعت ياء النداء وتاء التوبة
أسماؤهم صارت سنابل
وملامحهم أرغفة للطير
الهوينى الهوينى يا ذا الفتى
للعام كبوة وللريح كبوتين
للشمس مواسم احتجاب
وفي رحم المدى نطفٌ من الياسمين
هندم أصابعك الرشيقة
فجر ينابيعك المشتهاة
ولذ وفاءا للانتظار بعنق القصيدة

أذكر عندما كنت صغيرا
ضفّرت العشق على ساعديك
تلاواةً وأنين
صرتِ جنة
وصار العشق مزار العابدين
سقيت أزهار الحنين على قدك
مرتين
وعلى صدرك
شمة شمة
وبكيت شوقين
وكتبت اسمي على مبسمك
ومضيت في هذي السنين

تاركا آخر أعشاشه
محملا بوصايا النخيل العاشق
يستأنف جسد الحنين
ركوب خيول الفصول
يتمرد على حرائق الصيف
اللاسعة لسمرة اللهفة
وتنهيدة الشتاء
المتوحدة بأمطار وجهك
في جيبة قصيدة
وسر زرقة الأمنيات
يا رسولة البساتين
يا سلالة الأنوثة المدللة
زوبعي هدئتي
حرري سوناتا النبيذ برشفة
فصلك الخامس يسلب الجوى
والسادس
يسقى جيوش نشوتي الفوضى

صهيل ولمس ياسمين
أريج أنوثة يفوح من جسد أغنياتك
وخلخالك يمشط شوارعنا العتيقة
شريرة أحجياتك
أقضمها على مهل
قبلة قبلة
وأحلها بلسما فوق حشائش صدري
فكِّ أسرار الحرير
تورق شرفات الليل خمر
ويفيق في كف الفجر قوس قزح

أضعت في رشد الطريق مواسمي
ومضيت نحو أريجك المبلل
غيمة حمراء فوق سواعدي
أظافر الريح تنبش لهفتي
وفي فمي حروف ثملات المبسم
فتهيئي
وهيئي مد الجون وجزره
نصير بحرا فاخر الهمس شهي

قالت عرائش الياسمين تأمل
عينان يورق الفجر بهما
وبدر راود الوجه الندي في الصغر
وتنشق سحر عطر بات في الأنفاس مسكنه
وبريقا حطه الرضاب فوق بيدر الشفة الشهي
رحتُ في تيه وفي سهو
أين أنا بل أين المكان و الزمن
حورية من نور ونار تقاسمني
همس الصباح
لمس الندى
وفنجان قهوتها تشاطرني
هي رشفة
وأنا الشفاه الراشفات
هي نغمة قطنية اللحن شجي
وأنا الكمان
والأنامل الغارقات في عمر الوتر
هي ظبية
وأنا الغابات الشاسعات إذا رنت
وإذا أنهكها المسير
أنا السرير والوطن
يا ظبية العمر الذي تهادى في كف القدر
حان القطاف وتعافى الوتر
ثمرة من مكر العاشقين
وثمرة من تلاوة وصلاة ومطر
أرشف الفنجان
وفيروز تغرد
( بالقهوة البحرية أطلع بإديك وتشرب من فنجانك وأشرب من عنيك)


صباحك وشوشة القرنفلات

عيناكِ فناجين الصبح
وعناوين الصلاة
ترشف النسائم الفجر منها
وتقرأ العصافير طالعها
أتوضأ بالشوق وأدخل معبدها
واتلو انتماءاتي على مقربة من غرق
يا عروس الصبح يا ابنة الياسمين
صحائف الهوى فاض صوتها
واندلق من شفاهها شهد اسمك
الظل فزّ
وربوع السنابل قابعة خلف خطوك
وطلائع الشغف يعاندها العرين

جلنار
زهر لوز
بلابل
لحن بيانو
وتاريخ نبيذ مسجى
دالية أمضت قدحين دون لا ليل
ورائحة مصلٍ أنثوي تلاعب أوراق الشجر
وتعبث بجينات الدهشة
شهقة شهقة
هل أغاركِ المطر
هل أمتعتكِ لعثمات المسير بلا أقادم
وجنوح رعونة الهمس الى خلف الطريق بحلمين
هل أشبعكِ لون البرتقال المُسال ترفا
ولون الليمون المتعصر على نهد الفجر
شريرة أنتِ قبل اللمس وبعد اللمس
تضبضبين أصابع التنهيد خلف دواخل الوقت
وتشرعين سهام الدلال في منبت الصت
سأرشف الفنجان
وفيروز تغرد
( يا حبيبي تع قبل الليل ويا عيني لا تنامي)


صباحك زقزقات الياسمين